الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جنوب البحر الأحمر... خاصرة اليمن الرخوة

جنوب البحر الأحمر... خاصرة اليمن الرخوة
4 مايو 2009 00:38
بات الممر المائي المهم في البحر الأحمر منطقة حساسة تتلاقى عبرها مصالح خطوط التجارة لقارات العالم القديم (آسيا -أفريقيا -أوروبا) وفوق ذلك ساحةً للبوارج والسفن العسكرية للدول النافذة في العالم، ووجود هذا العدد المتزايد من القطع العسكرية الأجنبية له تأثير خطير على الأمن الاستراتيجي لمنطقتي الجزيرة العربية والقرن الأفريقي اللتين تتقاطع مصالحهما في هذه المساحة من العالم. وعلى اعتبار أن مضيق باب المندب يربط بين ثلاث قارات، ويزداد الاهتمام العالمي به منذ القديم، وخصوصاً بعد حفر قناة السويس عام 1869 ثم ظهور البترول وتزايد التجارة العالمية، ثم يأتي المستطيل البحري الممتد من خليج عدن والواصل إلى شواطئ جيبوتي في الأهمية التالية. ومع هذا التفاوت في الأهمية إلا أن منطقة جنوب البحر الأحمر برمتها تظل محل تطلع عالمي.إن منطقة جنوب البحر الأحمر المتحكمة في مضيقه -باب المندب- اليمن وجيبوتي وإلى حد ما الصومال، وخاصة أن اليمن والصومال هما صاحبتا أكبر إطلالة مباشرة على المياه الإقليمية في خليج عدن، وتمتلكان سواحل بحرية طويلة. ولذا فإن الأهمية الجيوسياسية لمنطقة جنوب البحر الأحمر تؤكد أهمية كل من اليمن والصومال اللتين يرتفع لديهما مؤشر التهديد كلما ازدادت احتمالات العسكرة الأجنبية في البحر الأحمر، وبالتالي فإن اليمن يصبح في صدارة الاستهداف كون الصومال غارقاً في الفوضى منذ عام 1991، الأمر الذي يضع كثيراً من التكهنات والاستفسارات عن أحداث دراماتيكية قادمة قد تضع هذا المستطيل البحري في صدارة الأحداث. ثم تأتي الجزيرة العربية والقرن الأفريقي باعتبارهما الشق الآخر المتأثر مما يجري لدى اليمن والصومال، فاليمن يقع في الكفة الجنوبية من الجزيرة العربية وبالتالي فهو الحامي الجنوبي للخليج العربي، وما يجري في الصومال سينتقل بتأثيره إلى البقية في القرن الأفريقي، في حين أن أثر الأحداث الدراماتيكية -عمليات القرصنة- في السواحل اليمنية والصومالية سيتجاوز الجزيرة والقرن الأفريقي إلى الإضرار بالتجارة الدولية المستفيدة من سلامة الملاحة الدولية في البحر الأحمر. وثمة مؤشر أساسي بأن التجاهل الدولي للحرب الأهلية في الصومال ثم عمليات القرصنة الناتجة عن الفوضى الصومالية يمكن أن تتخذ مبرراً لفرض وجود عسكري أجنبي في البحر الأحمر -وهو بحر عربي- يكون له ما بعده، حيث ستكون المنطقة برمتها عرضة مباشرة للإملاءات والسيناريوهات القادمة من الدول النافذة التي قد يروق لها انتقاص -أو انتفاء- السيادة العربية -خصوصاً اليمنية- على مياه وجزر البحر الأحمر. ومنذ زمن بعيد يدعو اليمن إلى جهود جماعية توقف ما يجري في جنوب البحر الأحمر، وقد استدعت دواعي الحرص على الأمن والسلم اللذين يتوجب توفرهما في البحر الأحمر والقرن الأفريقي إلى جهود يمنية حثيثة كانت وراء ميلاد «تجمع صنعاء» بإيجاب وتعاون سوداني وإثيوبي عام 2002 وهو تجمع يدعو ميثاقه التأسيسي إلى انضمام دول جنوب البحر الأحمر والقرن الأفريقي إليه، حيث يشمل الآن خمس دول هي اليمن، والسودان، وإثيوبيا، والصومال، وجيبوتي. واليمن عموماً -بغض النظر عن ما يمكن أن يقدمه له تجمع صنعاء من عدمه- كان عرضة لتأثر وتأثير ما جرى من أزمات وتوترات في هذا الجزء من العالم، ويمكن التذكير ببعضها كالتالي: أولا: الحرب التي دارت بين إثيوبيا وإريتريا من عام 1998 إلى عام 2000، والتي توصل الطرفان فيها إلى قرار ترسيم الحدود بناء على توصيات لجنة مستقلة عام 2002. ثانياً: النزاع اليمني/ الإريتري في عام 1995 بشأن أرخبيل جزر حنيش الاستراتيجي الواقع على البحر الأحمر، وقد حسمت محكمة لاهاي النزاع بين الطرفين بأحقية اليمن في جزرها التاريخية. ثالثاً: القضية الصومالية التي بدأت بحالة انتهاء الدولة منذ عام 1991 مروراً بحكم «المحاكم» وانتهاء بالغزو الأثيوبي المنسحب مؤخراً. وجراء كل تلك الأحداث كانت الأراضي اليمنية تستقبل موجات من النازحين من البلدان الثلاثة -الصومال وإثيوبيا وإريتريا- وخصوصاً اللاجئين الصوماليين. ناهيك عن أن الفوضى الصومالية قد أسفرت عن ظاهرة القرصنة التي تركت للتداعي، الأمر الذي يفتح المجال للتكهن عن وجود أجندات خارجية تقف وراء التزايد والاتساع الملفت لعمليات القرصنة التي تجاوزت البحر الأحمر إلى المحيط الهندي وسواحل كينيا والسواحل اليمنية في بحر العرب. وقد حذر معهد «شاتام هاوس» في أكتوبر 2008 من أنه لابد من التعامل مع القرصنة، إذ إن انعكاسات ارتفاع التكلفة ستؤدي بالسفن إلى تجنب الإبحار في خليج عدن لتسلك الطريق الأطول عبر أوروبا وأميركا الشمالية ورأس الرجاء الصالح. وبهذه الكيفية تتراكم دواعي القلق والتساؤل المتراكم بفعل دخول منطقة القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر في حلقة مفرغة من الأحداث الأمنية وقبلها المواجهات العسكرية وأخيراً عمليات القرصنة التي أسفرت عن تداعي عشر دول أوروبية في حلف الأطلسي لإرسال قواتها البحرية لمواجهة القراصنة، ليؤكد كل ذلك أن مخاوف اليمن القديمة بخصوص ما يجري في المنطقة كانت طبيعية. فقد كرر اليمن نداءاته لأميركا والعالم الغربي (وحتى العالم العربي ودول مجلس التعاون تحديداً) بضرورة مكافحة القرصنة ومنذ وقت مبكر، ناهيك عن تأكيداته منذ سنوات الفوضى الصومالية الأولى أن ذلك سيلقي بتداعيات وانعكاسات بالغة الخطورة على المنطقة برمتها. أحمد الشرعبي كاتب من اليمن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «منبر الحرية»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©