السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علاج القرصنة الصومالية

4 مايو 2009 00:39
تصاعدت حدة القرصنة على سواحل الصومال بشكل درامي في السنوات الأخيرة، وجرى الإبلاغ عن أكثر من مئة حادثة قبالة الساحل الصومالي عام 2008. ويُعتقد أن العالم الحالي سيكون أكثر خطورة، حيث أعلن مكتب الملاحة العالمي عن حوالي 70 حادثة خلال الشهور الأولى من 2009، بينما يحتجز القراصنة الصوماليون حالياً حوالي مائتي بحار من دول مختلفة كرهائن. وتتصاعد كلفة القرصنة على الاقتصاد العالمي، خاصة اقتصادات دول الخليج والولايات المتحدة وأوروبا. فارتفعت كلفة التأمين البحري، وازدادت أسعار البضائع المرسلة عبر الخط التجاري الرئيسي هذا، حيث كان من المعتاد أن تعبر حوالي 20000 سفينة مياه الصومال سنوياً، لكن العديد من السفن قامت بإعادة توجيه رحلاتها حول أفريقيا. وقد رد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرصنة مقابل الساحل الصومالي بإصدار قراره رقم 1851 في ديسمبر الماضي، وقرار يسمح للدول الأعضاء بملاحقة القراصنة واعتقالهم بإذن من الحكومة الفيدرالية الانتقالية للصومال. وإلى ذلك تم إرسال قوات من «الناتو» وغيره إلى المياه الصومالية عبر مساحة تغطي 6.6 مليون كيلومتر مربع. ومن الأمور ذات الأهمية كذلك ابن لادن، زعيم تنظيم «القاعدة»، أصدر شريط فيديو مؤخراً ناشد فيه المجموعات الإرهابية الجانبية التي تعمل في الهوامش المظلمة للمجتمع الصومالي، أن تثور ضد الحكومة الجديدة. ومن المثير للانتباه أنه لم يتم اكتشاف روابط عضوية قوية بين القراصنة الصوماليين ومجموعات الإرهاب الدولي مثل «القاعدة». لكن تواطؤاً محتملا بين القراصنة وشبكات الإرهاب في تلك المنطقة سريعة الاشتعال من أفريقيا الشرقية، تشكّل مصدر اهتمام أمني محتمل. تمثل القرصنة البحرية عرضاً لقضايا مزمنة على الأرض. لذا يتوجب أن يركز الرد الدولي على القرصنة الصومالية، على القضايا الجوهرية لذلك البلد؛ مثل غياب الحكم الجيد والنمو الاقتصادي. فقد كانت الصومال دائماً، حتى في السياق الأفريقي نفسه، واحدة من أفقر الدول وأقلها انضباطاً خلال العقدين الماضيين، حيث لا يتجاوز متوسط نصيب الفرد من الناتج الوطني الإجمالي، بضعة مئات من الدولار سنوياً، هذا علاوة على حالة من الفوضى الكاملة لم تتراجع حدتها إلا منذ فترة وجيزة. سنحت لنا الفرصة في وقت مبكر من هذا الشهر للقاء خاص مع وزير الخارجية الصومالي «محمد عبدالله عمر»، بعد مؤتمر القمة العربية في الدوحة. ومما علمناه منه أن المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة والعالم العربي وأوروبا، يملك الآن فرصة لإصلاح وعلاج وباء القرصنة من خلال المساعدة على إنهاء حالة النزاع المستمرة منذ عقدين تقريباً في الصومال. المكونات الرئيسية لهذا العلاج؛ هي: أولا: الدعم السياسي والمالي للحكومة الصومالية الجديدة، ولعملية السلام التي أطلقت من جيبوتي في يناير الماضي، بما في ذلك دعم الجهاز الأمني الصومالي. ثانياً: العمل على رفع مستوى المعيشة في الصومال وإعطاء الشباب سبيلا للخروج من الفقر والقرصنة إلى الازدهار. ثالثاً: تقويض شرعية القرصنة في المجتمع المدني من خلال ضمان نهاية لصيد الأسماك غير الشرعي وإلقاء النفايات السّامة مقابل الساحل الصومالي. هذا ومن الواضح أن الحل العسكري لم يحقق حتى الآن نجاحاً ملموساً. هناك حاجة لإطار استراتيجي أكثر شمولية. ولدى الولايات المتحدة والعالم العربي وأوروبا فرصة نادرة للتعاون على هذه الأهداف المشتركة وتطبيق استراتيجية بعيدة المدى تمكّن حكومة الصومال الجديدة، وتنهي بشكل فاعل آفة القرصنة، وتوجِد من خلال ذلك نماذج جديدة للتعاون الدولي. هادي عمرو زميل في مركز «سابان» لسياسة الشرق الأوسط بمعهد بروكنجز ص أريج نور باحثة مساعدة بمركز «بروكنجز»- الدوحة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©