الملفوف يعالج الجروح وينفع في حالات فقر الدم

في الأيام الخوالي، أيام الطفولة الجميلة، كنا نلهو بتبادل المعلومات وحل الألغاز والفوازير، وكان بين الألغاز لغز يقول: ''بنت الملك المغرورة لابسة ألف تنورة''، ونبدأ في البحث عن ''بنت الملك'' وعندما نوفق إلى الإجابة نصرخ مبتهجين: الملفوفة· كبرنا نحن، وظلت ''بنت الملك'' على حالها، تتباهى بأوراقها الكثيرة التي تحيط بها كما تحيط التنورة بالجسد، وتعطي للناس الغذاء والدواء·الملفوف في بلاد الشام أو الكرنب في مصر (والكلمة من أصل يوناني)، أو اللهانة في العراق هي بقلة زراعية من الفصيلة الصليبية التي تضم (الفجل، واللفت، والكرنب، والخردل)، ومن أنواع الملفوف: ملفوف أخضر، وملفوف أحمر، وملفوف صيني، وملفوف بحري· أصله وفصله الملفوف له تاريخ عريق، فهو يزرع منذ أكثر من أربعة آلاف سنة، وسيرته حافلة بالذكريات والأساطير، وكان اليونانيون يعتقدون بأهميته ولهذا لا ينبغي أن تخلو منه مائدة طعام، وأصدروا في عام (621ق·م) قانونا يقضي بقتل من يسرق الملفوف· ويقال أن أوروبا عرفته في عام 600 قبل الميلاد· عرف الملفوف قديما كمصدر غذائي، وكمادة لعلاج عدد من الأعراض المرضية، وكان يستخدم لعلاج العديد من الحالات المرضية، وتشير نتائج أحدث الدراسات التي نشرت فى مجلة ''انترناشيونال جورنال أوف كانسر'' الى أن الانظمة الغذائية الغنية بالخضروات مثل الملفوف ساهمت الى حد كبير بتقليل فرص الاصابة بأمراض السرطان بأنواعه خاصة سرطان المثانة، ويعد الملفوف من أفضل المواد الغذائية لصحة المرأة كونه يساهم فى وقايتها من الاصابة بسرطان الثدي، وتؤكد الدراسات على احتواء الملفوف على نسب عالية من فيتامين (سي) الذي يعد من أهم المواد المضادة للتأكسد والتي تساعد على حماية ووقاية الخلايا من الاجسام الضارة الدخيلة على الجسم، لذلك ولضمان الاستفادة القصوى من الملفوف ينصح الاطباء باختيار النوع الناضج جيدا· مما قاله ابن سينا عن الملفوف: ملين، له خاصية تسكين الأوجاع، وهو يدمل الجروح والقروح ويبرئها، يطفئ كل حرارة والتهاب، ويكافح البثور والأورام التي تنتج عن الاحتراق، يشفي الحروق، وشرب مائه يصفي الصوت، وشرب عصارته ينفع ضد السموم، واليرقان، ووجع الطحال، وأكل ورقة يحسن اللون· فوائد علاجية تقول فاطمة دلموك ـ رئيسة قسم التغذية بمستشفى خليفة بعجمان: شرب كوب واحد من الملفوف يشكل حصة غذائية واحدة، فهو يحتوي على العديد من المواد الغذائية النافعة وفي نفس الوقت قليل المحتوى من الطاقة، ويعتبر الملفوف من الأغذية المفيدة للأطفال والإناث بشكل عام· ويفيد من يعاني من الاضطرابات والأعراض المميزة لفقر الدم، كالشعور بالوهن والتعب العام، والدوخة والشحوب في أنسجة الجسم كملتحمة العين والشفتين، وأكله أثناء مرحلة المراهقة والشباب يقي عند تقدم العمر من سرطان الثدي حتى لو قل تناوله في الكبر، والإكثار من تناوله في الكبر أيضا له تأثير ايجابي، فهو منظم لوظائف الأمعاء، كما يعتبر من الخضراوات النادرة التي تحوي الزرنيخ الضروري للجسم، ويفيد شرب عصيره على الريق بمعدل (3 ملاعق) كبيرة في التخلص من ديدان البطن، وتهدئة الأعصاب المتوترة والمغص، ويعد من أفضل منظفات القناة الهضمية، ومضادات الأورام والالتهابات، والروماتيزم، والنقرس· وعن سر فعالية الملفوف تضيف دلموك: بسبب احتواء الملفوف على الألياف والانزيمات يؤدي تناوله إلى تنشيط الهضم· وهو يعتبر علاجا واقيا ضد أمراض القلب والضغط لأنه يخفض الصوديوم في الدم، كما أن احتواءه على بعض الفيتامينات يجعله من أفضل منقيات البشرة، وهو علاج مهم لحب الشباب والجروح والقروح· ولأنه فقير بالبروتينات والسعرات الحرارية والدهون، يعد من الأغذية المهمة لتقليل الوزن· أما حساء الملفوف فيفيد في حالات التهاب القصبات والشعب الهوائية، وإذا مزج بالعسل فإنه يطرد البلغم، أما إذا أخذ مع العشاء فإنه يمنع التعرق الليلي· وتضيف فاطمة: يفضل تناول الملفوف طازجا ومضغه جيدا، من أجل الاستفادة من منافعه الطبية، ويستحسن اختيار النوع الاخضر للاستفادة من مادة الكلورفيل· كما يمكن تناوله مخللا حيث تتكاثر فيه البكتيريا المفيدة للأمعاء، ولكن من المؤسف أن الملفوف الذي يحوي هذه العناصر الثمينة هو صعب الهضم، ويتخمر في المعدة فيسبب الارياح والانتفاخات في الأمعاء، ومن يشعر بإزعاج بسبب الغازات الناجمة عنه، يمكنه تناول بعض الأعشاب الطاردة للغازات مثل الكمون والكراوية·