الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الارتباط بالدولار ينشّط السياحة ويعزز جاذبية الإمارات للاستثمارات

الارتباط بالدولار ينشّط السياحة ويعزز جاذبية الإمارات للاستثمارات
8 ديسمبر 2007 23:48
كثُر في الآونة الأخيرة الجدل والحديث عن علاقة الدرهم الإماراتي بالدولار الأميركي، وتعالت أصوات من هنا وهناك، منها من يطالب بفك ارتباط الدرهم عن الدولار وربطه بعملة أخرى أو سلة من العملات، ومنها من يطالب بعدم فك الارتباط مع الدولار وضرورة تعديل قيمة الدرهم وإعادة تقييمه مقابل الدولار، وكثير من المحللين يرون أن ربط الدرهم بالدولار أمر حتمي بسبب أن جميع المعاملات التجارية للدول مع العالم الخارجي تتم بالدولار، وأن أسعار النفط تسعر بالدولار، بينما يرى الكثير أن من أسباب التضخم في الدولة ارتباط الدرهم بالدولار والتأثر بالاقتصاد الأميركي من خفض للفائدة أو رفعها· وفي الوقت الذي حسم فيه المصرف المركزي الإماراتي الجدل حول فك الارتباط بالدولار وتأكيده على انه لا توجد نية في المستقبل المنظور لاتخاذ مثل هذه الخطوة، يقدر خبراء ماليون قيمة تراجع الدرهم أمام اليورو خلال الربع الثالث من العام الحالي بنحو 5,3%، وبنحو 7,9% منذ بداية العام وحتى نهاية سبتمبر ،2007 وذلك نتيجة الارتفاع التاريخي للعملة الأوروبية مقابل الدولار الأميركي· وفي ظل التباين اللافت في وجهات النظر بين الخبراء والمحللين والمحاولات الصعبة لتفهم مؤشرات المستقبل ومعرفة ''لوغاريتمات'' العلاقة التاريخية بين الدرهم والدولار وإن وصفت بأنها زواج غير كاثوليكي، أي قابلة للانفصال في أي لحظة، يؤكد ذلك الكثير من الخبراء وإن اختلفت آراؤهم على ضرورة أن يكون هناك وضوح في الرؤية فيما يتعلق بهذه المسألة في أقرب فرصة لسد الطريق أمام صائدي الفرص وترسيخ الاستقرار في أسواق الصرف المحلية الذي تميزت به لسنوات طويلة· توقع خبراء ماليون أن يشهد النصف الأول من العام 2008 إصلاحات خليجية على صعيد وضع العملات، على الرغم من الإشارات المتوالية التي ظهرت في الآونة الأخيرة والتي بدت وكأنها تقطع الطريق أمام خطوات من هذا النوع· وأعربت شركة المجموعة المالية ''هيرميس'' عن اعتقادها أن ''النصف الأول من العام المقبل سيشهد شكلاً ما من أشكال إصلاح العملات على الأرجح''، مضيفة أنه رغم التباين الخليجي بشأن اتجاه الدولار الأميركي، إلا أن دول المجلس لا تزال تحاول العمل مجتمعة في هذا الشأن· وتمضي ''هيرميس'' قائلة في تقرير أصدرته في ضوء نتائج القمة الخليجية الأخيرة: إذا ما قررت دول مجلس التعاون الخليجي مواصلة العمل الجماعي فيما يخص العملات سيكون هناك إعادة تقييم طفيفة تتراوح بين 3% و5% مقابل الدولار· وتبدو السعودية والبحرين وسلطنة عمان ملتزمة تجاه الربط بالعملة الأميركية في هذه المرحلة، على حد قول التقرير، لكن في حال غاب الإجماع الخليجي، فقد تقدم بعض الدول، وخاصة الإمارات تليها قطر، على التحرك باستقلالية نحو سلة عملات· ويخالف هذا التقرير التأكيدات المتوالية من جانب المسؤولين في دول مجلس التعاون الخليجي بشأن مواصلة العمل الجماعي فيما يخص مستقبل العملات· وفي تقرير ''هيرميس'' يمكن أن يتحدد موعد دول المنطقة بشأن العملات في ضوء تطورين: الأول هو في حال زاد الدولار ضعفاً في الأسبوعين الأخيرين من العام الحالي، وأوائل العام ،2008 والثاني إذا ما أقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على عمليات خفض جريئة لأسعار الفائدة· وفي ضوء ذلك يختم التقرير بالقول: نعتقد أن تحركاً خلال النصف الأول من العام 2008 سواء من جانب دولة أو أكثر ''الإمارات- قطر'' أو من جانب مجلس التعاون الخليجي بوجه عام أمر مرجح بنسبة تزيد على 50%· وعلى الرغم من تأكيد المسؤولين في المصرف المركزي بشأن استبعاد حدوث أي تطور في سعر صرف العملة في المدى المنظور، إلا أن استمرار الغموض بشأن مصير العملة يلحق الضرر بالقدرات الشرائية خاصة بالنسبة للسلع المقومة بعملات أخرى زادت قوة أمام الدولار وخاصة اليورو والجنيه الإسترليني والين· ولا تبدو الولايات المتحدة من جهتها في عجلة من أمرها لدعم العملة الخضراء الضعيفة لأنها -أي أميركا- عانت طويلاً من خلل ميزان المدفوعات، وهي في هذه المرحلة تستفيد من ضعف الدولار الذي يجعل الواردات غالية بالنسبة لها، فيما صادراتها أكثر جاذبية وتنافسية مع العالم الخارجي· وفي المقابل فإن دول الخليج لا تحصل على استفادة مباشرة من ضعف الدولار على صعيد التصدير إذا ما تم استثناء النفط، وواقع الحال أن القدرة الشرائية للعملات الخليجية ضعفت في مواجهة العملات الرئيسية العالمية، كما أن ضعف الدولار ألحق ضرراً بقيمة تحويلات العمالة الأجنبية· وقد أدى ضعف الدولار إلى زيادة الضغوط التضخمية خاصة، وقد تزامن ذلك مع فائض كبير في السيولة في الجهاز المالي، الأمر الذي أدى إلى تضخم الأسعار بصورة كبيرة، التي تحركت في الأساس من جراء ما يحدث في قطاع مثل العقارات والإيجارات، لكن ضعف الدولار زاد الوضع سوءاً· ويسود اعتقاد في أوساط الخبراء والمحللين أن إعادة تقييم الدرهم مقابل الدولار ربما تمثل حاجة ملموسة لاحتواء آثار ضعف العملة الأميركية مقابل العملات الرئيسية الأخرى في العالم، ولكنها لن تؤتي نفعاً على صعيد كبح جماح التضخم· ويقول تقرير أعدته شركة طيب سيكيورتيز للخدمات المالية حمل عنوان ''إعادة تقييم الدرهم هل تقتل وحش التضخم؟'': إن من العدل القول إن خطوة من هذا النوع من غير المرجح أن تحقق ذلك· بل ويحذر من أن الإقدام على إعادة تقييم متواضعة للعملة سيفتح شهية المضاربين العالميين، بما يؤدي إلى تدفق المزيد من السيولة الأجنبية باتجاه الدرهم ترقباً لمزيد من عمليات إعادة التقييم، وسوف يمثل ذلك بدوره اختباراً خطيراً لقدرة السلطات المالية التي يصبح تحركها صعباً في ظل ارتباط السياسة النقدية بالفائدة الأميركية· وحسب التقرير فإن 80% من الزيادات في الأسعار خلال العام 2006 جاءت بسبب عوامل محلية خاصة ارتفاع تكاليف الإيجارات والنقل وغيرها، وأي إعادة تقييم للعملة لن تحدث أي أثر في هذا الجانب· وعلاوة على ذلك يشير التقرير إلى أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية ظاهرة عالمية وارتفاع قيمة الدرهم لن يمثل حلاً لهذه المشكلة، كما أن الارتفاع الكبير في معدلات السيولة لعب دوراً رئيسياً في رفع مستوى التضخم، ومن ثم فإن أي إعادة تقييم متواضعة للدرهم سيفسرها المضاربون على أنها ''إشارة''، ومن ثم سيتم ضخ المزيد من السيولة بهدف المضاربة على الدرهم، بما يزيد الوضع سوءاً على صعيد سيولة الجهاز المالي· وينتهي التقرير إلى القول إن تداعيات إعادة التقييم ستكون أخطر من المرض الذي استهدفت تلك العملية علاجه· ويرى خبراء ومحللون ماليون أن الهبوط الكبير الذي سجله الدولار الأميركي خلال الفترة الماضية وخاصة أمام اليورو والإسترليني، انعكس سلبا على أداء الدرهم الإماراتي الذي فقد خلال عام كامل 11,9% من قيمته الحقيقية أمام اليورو وذلك كمحصلة طبيعة لارتباطه بالعملة الأميركية التي ترفض الخروج من دوامة الهبوط منذ فترة متأثرة بأداء الاقتصاد الأميركي والضغوطات التي شهدها سوق الرهن العقاري في الولايات المتحدة مؤخراً· واتفق الخبراء على أن السعر الحالي للدرهم لا يعكس القوة الحقيقية للاقتصاد الوطني، محذرين من استمرار هبوط الدرهم وأثار ذلك على زيادة مستوى التضخم وارتفاع كلفة الواردات، داعين في الوقت ذاته إلى ضرورة ان يتم النظر مجددا في السياسة النقدية للدولة وإعادة تقييم العملة الوطنية للوصول إلى مستواها الحقيقي· وأوضح الخبراء انه بالرغم من وجود بعض الايجابيات لتراجع قيمة الدرهم، إلا أن سلبيات التراجع أكثر بكثير وتنعكس على الوضع الاقتصادي بشكل عام، حيث يقلل ضعف الدرهم من الميزات التنافسية للشركات ويحد من جاذبة الاستثمار إلى قطاعات غير تقليدية بعيدا عن العقارات والأسهم· ولفت الخبراء إلى انه نتيجة التراجع القياسي للدولار، فقد ارتفعت كلفة الاستيراد من الدول الأوربية واليابان بنسبة تتراوح بين 10 و15% خلال الفترة الماضية وسط توقعات باستمرار ارتفاع تلك الكلفة في حال استمر التراجع الحاد للدولار الأميركي أمام اليورو والين والإسترليني· وقال عيسى الأنصاري نائب رئيس شركة الأنصاري للصرافة إن سعر الدرهم حاليا لا يعكس واقع الاقتصاد الإماراتي الذي يحقق أفضل معدلات النمو في المنطقة، معتبرا أن المسؤول الأول عن الضعف الحالي لقيمة الدرهم هو الارتباط بالدولار الأميركي· وتوقع الأنصاري ارتفاع كلفة الاستيراد من الدول الأوربية واليابان والبلدان التي لا تسعر بضائعها بالدولار، بين 10 و15% في حال استمرار هبوط الدولار الأميركي وعدم اتجاهه للصعود خلال الفترة المقبلة، كما يتوقع كذلك أن يؤدي تراجع الدولار الى زيادة الطلب على البضائع من الدول التي تقييم عملتها بالدولار وذلك لزيادة تنافسيتها· ورغم استبعاد الأنصاري قيام المصرف المركزي الإماراتي بفك الارتباط بالدولار أو رفع قيمة الدرهم حاليا، في ظل البيانات الصادرة عن المصرف والتي تؤكد عدم وجود تلك الرغبة في المستقبل المنظور، إلا انه أشار إلى أهمية دراسة ايجابيات وسلبيات تلك الخطوة لاتخاذ القرار المناسب بما يتوافق ومصلحة السياسة النقدية للدولة· ولفت إلى انه من ايجابيات الارتباط بالدولار، زيادة إقبال السياح إلى الدولة وزيادة مبيعات الأراضي والعقارات وتعزيز جاذبية الإمارات للاستثمارات الأجنبية المباشرة، مشيرا كذلك الى أن من سلبيات الارتباط، التضخم الذي ينعكس على قائمة الواردات من عدد كبير من الأسواق المهمة، وارتفاع كلفتها على المستهلك· وقال تريستان كوبر المحلل المالي في وكالة التقييم الائتماني ''موديز'' إن تغيير قيمة عملة الإمارات لن يؤثر بشكل كبير في معدل التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي الذي تجاوز 10% خلال ·2006 وأضاف أن محركات التضخم في الإمارات تتمثل في سرعة الهجرة إليها وارتفاع الإنفاق الحكومي والقيود على المعروض خاصة في قطاع العقارات والبناء· وأشار إلى أن سياسة ربط عملات دول المجلس بالدولار كانت ناجحة، بشرط أن يكون هناك استقرار مالي في الدول الأعضاء، لافتا إلى أن رفع قيمة العملات الخليجية أمام الدولار سيقلل من عائدات البترول، الذي يقيم بالدولار، ويقلل أيضاً من قيمة الأصول التي تملكها هذه الدول في الخارج لأنها مقيمة بالدولار· وأضاف انه في ظل ارتباط عملات دول مجلس التعاون بالدولار، وانخفاض الأخير 25% أمام اليورو خلال 4 سنوات فقد ارتفعت أسعار الواردات إلى الخليج مما عزز من معدل التضخم ورفعه· ويتفق أسامة حمزة آل رحمة، مدير عام الفردان للصرافة مع رأي الأنصاري فيما يتعلق بعدم عكس القيمة الحالية للدرهم لقوة الاقتصاد الوطني، إلا انه أكد على أهمية استعراض أسباب هبوط الدولار الأميركي التي تستدعى من وجهة نظره التفكير مرة أخرى في مسألة ارتباط الدرهم بالدولار، وإعادة النظر في تقييم الدرهم للوصول إلى مستواه الحقيقي· وقال آل رحمة إن الأداء المتذبذب للدولار الأميركي منذ بداية العام وتراجعه الكبير خلال الفترة الأخيرة أفقد الدرهم الإماراتي ما بين 4 إلى 5% مقابل العملات الاخرى التي سجلت ارتفاعا كبيرا بدورها أمام الدولار· وأضاف: ''السياسة النقدية مطالبة بإعادة النظر في تقييم الدرهم، حيث لا يوجد سبب لضعف القيمة النقدية الحقيقية للدرهم سوى الارتباط بالدولار، فكل المؤشرات تؤكد قوة الاقتصاد الوطني الذي نجح في تنويع مصادر الدخل والتقليل من الاعتماد على النفط، لهذا ليس من العدالة أن يكون الاقتصاد قويا والعملة التي هي مرآة هذا الاقتصاد ضعيفة''· وفيما يتعلق بانعكاس ضعف الدولار على الحركة التجارية وسوق العملات، أوضح آل رحمة أن المتعاملين مضطرين لشراء العملات الاخرى مثل اليورو والإسترليني رغم قيمتها المرتفعة خاصة في هذه الفترة التي تشهد زيادة في حركة السفر الى أوروبا، لكن على المستوى التجاري فلا أعتقد أن المستثمرين الكبار قد تأثروا كثيرا بتراجع الدولار على المدى القصير، لأن معظم التجار يشترون بضائعهم عن طريق التحوط أو الشراء الآجل لتجنب حركة التغيرات في اسعار الصرف، لهذا فإن المخاطر بالنسبة له تكاد تكون محدودة· وأشار آل رحمة إلى ثلاثة سيناريوهات محتملة من وجهة نظر الخبراء فيما يتعلق بمسألة علاقة الدرهم بالدولار، حيث يرى البعض أن خطوة إعادة تقييم سعر صرف الدرهم مع الإبقاء على الربط بالدولار، هي الأجدى في المرحلة الحالية لاقتصادات المنطقة التي تسعى إلى طرح عملة خليجية موحدة، إلا أن آخرين يرون انه اذا لم تنجح هذه الخطوة في معالجة التضخم بشكل سريع، سيعاد التقييم مرة أخرى· أما السيناريو الآخر فيدعو إلى فك الارتباط والاتجاه إلى سلة عملات تكون الحصة الغالبة فيها للدولار، لكن معارضي هذا التوجه يرون صعوبة في تحقيقه بهذه السرعة، لأن ذلك يتطلب إعادة تأهيل كامل للاقتصاد، وإعادة رسم للسياسات النقدية في الإمارات والمنطقة، باستثناء الكويت التي كانت لديها تجربة سابقة وبنت عليها· إلا أن ماري نقولا الخبيرة الاقتصادية في بنك ستاندرد تشارترد لمنطقة الشرق الأوسط ترى انه يمكن البناء على تجربة الكويت والاستفادة منها في الاتجاه إلى سلة العملات وأن يصبح الدولار هو الغالب في هذه السلة· وقالت نقولا: ''إن قرار فك الارتباط أو إعادة تقييم سعر العملات الخليجية أمر ضروري في هذه المرحلة، التي تشهد فيها المنطقة معدلات تضخم مرتفعة خاصة في الإمارات وقطر''، لافتة إلى ان إعادة التقييم سوف تساهم إلى حد بعيد في التقليل من التضخم المستورد· ضرورة الحسم دعا رجل الأعمال أحمد حسن بن الشيخ إلى ضرورة حسم قرار الارتباط بين الدرهم والدولار بشكل سريع وذلك لتجنب أي خسائر محتملة بالنسبة للتجار والمستثمرين، لافتا إلى أن التجار لديهم تعاملات كبيرة بالدولار، وأن أي تغيير في سعر الصرف ارتفاعا أو هبوطا سيحدث خسائر لهم، لهذا فإن الوضوح في هذه المسألة أمر مطلوب وألا يظل الموضوع مبنيا على تكهنات وقراءات لما تتداوله الصحف ووسائل الإعلام· واعتبر بن الشيخ أن الكثير من التجار يرون في الدرهم حاليا الأمان الذين يبحثون عنه في ظل حالة عدم الاستقرار في سعر الصرف التى يشهدها السوق، وهو ما أدى إلى زيادة في الطلب على الدرهم الذي سيبقي قوياً حتى لو لم يتم فك الارتباط، أما الدولار فإنه معرض للتآكل· وتوقع بن الشيخ أن يتم التحول إلى سلة عملات يكون للدولار فيها الحصة الغالبة، لكن ذلك سيتم تدريجيا وعلى مراحل· أمر صعب اعتبر أحمد الشال رئيس الشؤون المالية في مصرف دبي انه رغم أن مسألة فك الارتباط بين الدرهم والدولار قد تكون مفضلة نظريا حيث تستطيع الدولة التحكم في آليات الاقتصاد ومؤشرات النمو، إلا انه من الناحية العملية قد يكون أمرا صعبا وربما يكون لذلك تأثير سلبي في الأوقات التى يتحسن فيها الدولار، لهذا فإنه من الأحسن خلال تلك المرحلة أن يظل الارتباط قائماً بغرض الاستقرار المالي لاسيما وأن استثمارات الدولة وغالبية إيراداتها تقوم بالدولار· وأضاف أن اتخاذ مجلس الاحتياط الاميركي قرارات متتاليية بتخفيض الفائدة يكشف حقيقة التأثير السلبي الذي خلفته أزمة الائتمان على الاقتصاد الاميركي بشكل خاص والاقتصاد العالمي المرتبط بالدولار، وسلبيات ارتباط عملات الدول ومنها الدرهم الإماراتي بالدولار، لاسيما في ظل وجود تفاوت كبير في مدلولات النمو بين الإمارات والولايات المتحدة الاميركية· الآثار السلبية يؤكد تقرير لغرفة تجارة وصناعة دبي أن مصدر القلق الرئيسي ناتج من تأثير رفع قيمة الدرهم على القدرة التنافسية للصادرات غير النفطية، وأن أي قرار في شأن رفع قيمة العملة يجب أن يدرس بشكل متعمق، كي لا يؤثر على جهود الدولة الخاصة بتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط والغاز· ودعا التقرير إلى القيام بتحليل في شأن الفائدة والتكلفة، لتحديد ماهية الفوائد التي يمكن جنيها من رفع قيمة الدرهم مقابل الدولار ومقدار الخسائر التي ستتكبدها الصادرات غير النفطية، وتناول معدلات انخفاض الدولار مقابل اليورو، لتقدير مدى مساهمتها في التضخم في الإمارات وتأثير التغير في أسعار الواردات من الاتحاد الأوروبي على إجمالي أسعار المستهلك· ويشير التقرير الى أن الانخفاض المستمر للدولار مقابل اليورو زاد من تكلفة واردات الدولة من الاتحاد الأوروبي وأن الكلفة الإضافية مررت إلى المستهلكين في شكل أسعار أعلى للمنتجات· ويلفت التقرير إلى أن العوامل الرئيسية التي تحدد سعر الصرف في دولة ما هو مستوى السعر ومعدل الفائدة ومعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي وميزان الحساب الجاري والاستقرار الاقتصادي والسياسي، من ضمن عوامل أخرى· لذلك، سيكون صعباً اتخاذ قرار بالسير على خطى الكويت ورفع قيمة الدرهم، او إبقائه على سعره الحالي· تراجع الدولار يسهم في ارتفاع أسعار العقارات قال أحمد العبدالله الرئيس التنفيذي لشركة (نيو دبي) للعقارات، ان ارتفاع اسعار العقارات والزيادة الكبيرة التي تشهدها قيمة العقارات في الدولة خلال السنوات الاخيرة، يرجعان بشكل رئيسي الى ارتباط العملة المحلية بالدولار الاميركي وما شهده الدولار من تراجع متواصل خلال الفترة الاخيرة، مشددا على ضرورة العمل على فك الارتباط ولك بشكل جزئي للتخفيف من الاضرار التي تلحق باقتصاد الدولة نتيجة لهذا الوضع· وقال العبدالله لـ (الاتحاد) ان اضرار استمرار ارتباط الدرهم بالدولار لا تقتصر على ارتفاع الاسعار بالقطاع العقاري والقطاعات الخدمية والاقتصادية الاخرى، بل امتدت الى مجالات اخرى من ابرزها قطاع المقاولات، مشيرا الى ان اضرابات عمال شركات المقاولات التي حدثت مؤخرا ومطالباتهم بزيادة الاجور سببه الرئيسي ايضا هو تراجع قيمة الدرهم امام العملات العالمية الاخرى ومنها عملات اسيوية كثيرة، فالاجور التي يحصل عليها العمال لم تعد تساوي نفس قيمتها السابقة عند تحويل اموالهم الى بلدانهم، وبالتالي فلم تعد كافية لهم وقاموا مقابل ذلك بعمليات اضراب وشغب واحتجاجات تهدف الى زيادة اجورهم، مشددا على ان فك الارتباط من شأنه ان يعيد للدرهم الاماراتي قيمته التي خسر جزءا كبيرا منها نتيجة تراجع الدولار· واضاف: تشير بعض التقديرات الاقتصادية الى ان قوة الاقتصاد الاماراتي من شأنها ان ترفع قيمة الدرهم امام الدولار الاميركي الا ان استمرار الارتباط يمنع ظهور قيمة الدرهم الحقيقية، فبعض التقارير تشير الى ان القيمة الحقيقية للدرهم ترتفع امام الدولار الى 2,7 درهم وليس كما هو عليه الوضع حاليا والمقدر بحوالي 3,67 درهم، مشددا على ان اتخاذ خطوات لفك الارتباط ولو بشكل جزئي اصبحت ضرورة ملحة لاقتصاد دولة الامارات ولتجنب الاضرار التي لحقت به مؤخرا· واشار الى ان ارتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية لا يعني بالضرورة السعر الحقيقي لهذه السلعة، فبالنسبة للدول الاوروبية لا مشكلة في ارتفاع اسعار النفط حتى ولو تجاوزت حاجة 100 دولار للبرميل نظرا لارتفاع قيمة عملاتها امام الدولار الاميركي، مشيرا الى ان جزءا من اسباب هذا الارتفاع ناتج عن تراجع قيمة الدولار امام العملات العالمية الاخرى· وقال رئيس (نيو دبي) العقارية: هناك فرق كبير في انعكاسات انخفاض الدولار بين اقتصاد الامارات والاقتصاد الاميركي، فالولايات المتحدة دولة منتجة وتعتمد على التصدير بشكل كبير وبالتالي فهي لا تتأثر داخليا بشكل كبير حين يتراجع الدولار، اما الامارات فهي دولة مستهلكة وتعتمد على استيراد السلع والمواد من الخارج وبعملات مختلفة، وبالتالي تكون هي المتضرر الاكبر نتيجة تراجع قيمة الدولار· الا ان احمد العبدالله شدد على ان قرارا مثل فك ارتباط العملة المحلية بالدولار الاميركي ليس قرارا اقتصاديا فقط، حيث انه قد يكون قرارا سياسيا بالدرجة الاولى، وهو ما قد يفسر التصريحات المختلفة الصادرة عن المصرف المركزي والتي كانت تلمح الى امكانية فك الربط في مواجهة الضغوط الداخلية وتصريحات اخرى صدرت مؤخرا تنفي وجود نية لفك الارتباط في المستقبل المنظور، الا ان العبدالله شدد على ان عملية فك الارتباط اصبحت ضرورية لتحقيق مصالح الاقتصاد الوطني للدولة· دراسة دقيقة لتحديد أسباب الغلاء قال المحلل والخبير الاقتصادي صلاح الحليان ان اتخاذ أي قرار بشأن فك ارتباط الدرهم بالدولار من عدمه يحتاج الى اعداد دراسة متكاملة حول الاسباب الحقيقية للتضخم في دولة الامارات والتعرف بشكل دقيق على حجم كل سبب بما في ذلك تراجع سعر صرف الدولار الاميركي امام العملات العالمية الاخرى· واضاف: لا بد من نظرة شاملة تحدد اسباب التضخم بشكل دقيق بما في ذلك الارتفاع الكبير في اسعار العقارات بالدولة ومساهمة عمليات المضاربة والحاجة الى بيئة منظمة تظهر قدرا اكبر من الدقة في معادلة العرض والطلب الحقيقيين، الى جانب الاسباب الاخرى مثل الوكالات التجارية واستمرار احتكار بعض السلع ورفع اسعار العديد من المنتجات الغذائية والاستهلاكية الاخرى، وما يحصل في ذلك من استغلال من قبل الكثير من التجار لحالة تراجع الدولار والاحتجاج بذلك في عملية رفع الاسعار، وهو ما يسهم في تزايد مشاكل التضخم الداخلي في سوق دولة الامارات· وقال ان قرار القمة الخليجية التي عقدت مؤخرا بفتح السوق الخليجية المشتركة بداية العام المقبل ،2008 قد يؤدي الى معالجة بعض اسباب التضخم، فالسوق الخليجية المشتركة ستلزم الاعضاء بمعايير جديدة مثل فتح الاسواق لاستيراد السلع والمواد وهو ما سيلغي دور الوكالات الحصرية والاحتكار لبعض السلع وسيوجد قدرا اكبر من التنافس في جلب السلع من أي دولة خليجية الى اخرى· واضاف: لا اعتقد ان التضخم لدينا يرجع فقط الى تراجع الدولار، فهناك طفرة عمرانية كبيرة تشهدها الدولة وهناك استقطاب للسيولة ورؤوس الاموال الاجنبية، مشيرا الى ان الاسعار في السوق العقاري لها تأثير كبير في هذا الجانب، ففي ظل وجود عمليات مضاربة قوية على العقار، اصبح من الصعب التعرف بشكل دقيق على حقيقة معادلة العرض والطلب، وبالتالي من الصعب التعرف على الاسباب الحقيقية وراء ارتفاع الاسعار وما اذا كانت ناتجة فقط عن تزايد الطلب ام عن التلاعب في الاسعار من قبل المستثمرين وهو ما يؤدي ايضا الى التضخم وزيادة الاسعار، وبالتالي فلا توجد لدينا حسابات دقيقة ومعايير لمعرفة طبيعة الارباح التي تتحقق في هذا السوق ومصادرها· وشدد على ضرورة وجود آلية داخلية بالدولة من خلال انشاء جهاز متكامل لحماية المستهلك تكون مهمته متابعة الممارسات في السوق خصوصا فيما يتعلق بزيادة اسعار السلع وقياسها والنظر في اسبابها الحقيقية والنظر في شكاوى المستهلكين ومتابعتها والمعاقبة عند وجود تجاوزات للقانون بهذا الشأن، مشيرا في هذا الخصوص الى ان مثل هذا النظام يجب ان يكون شاملا لكافة الجوانب الاستهلاكية بما فيها الزيادة في اسعار الايجارات والمساكن والتي يرجع النظر فيها الى جهات ولجان اخرى في الوضع الراهن، مشددا على ضرورة تنظيم الاسواق بشكل افضل وبالصورة التي توفر قدرة اكبر على معرفة الاسباب بشكل دقيق عند أي ارتفاع في سعر سلعة ما· وقال الحليان: خطوة مثل فك ارتباط الدرهم بالدولار لا يمكن ان يتم اتخاذها بهذه السهولة، فاحتياطيات الكثير من دول العالم مقيمة بالدولار وهي العملة التي تستخدم في التعاملات التجارية الاساسية ومنها اسعار البترول الذي يعد مصدر الدخل الرئيسي بالنسبة لدولة الامارات ودول الخليج، كما ان معظم الاستثمارات العالمية كانت في الولايات المتحدة الاميركية نظرا لقوة الاقتصاد فيها، مشيرا الى ان تراجع قيمة الدولار لا يعني تراجعا في الاقتصاد الاميركي الذي يسجل نسب نمو في الوقت الراهن ويستفيد من حالة تراجع الدولار خصوصا فيما يتعلق بعمليات التصدير للخارج ومكافحة البطالة· واضاف: بالنسبة للوضع الداخلي في اقتصاد الامارات، فبالرغم من تأثير تراجع الدولار على الاسعار بالنسبة لبعض المواد المستوردة، فان هذا التراجع يؤدي في الوقت نفسه الى تشجيع الصادرات المحلية الى الاسواق العالمية المقيمة بعملات اخرى غير الدولار، الى جانب النشاط السياحي وجذب الاستثمارات الاجنبية للاسواق المحلية· ··ويزيد أعباء فاتورة الاستيراد باليورو 20% أكد عبدالله الحثبور الرئيس التنفيذي لمجموعة الحثبور أن الحديث عن فك الارتباط بين الدرهم والدولار ليس بالأمر السهل، الذي يطرحه البعض، فالأمر معقد بدرجة كبيرة، ويحتاج الى تضحيات مالية، لكي يتحول الربط من الدولار الى أي عملة أخرى، أو الى سلة عملات، مشيراً الى أن الحكومة لا تمتلك حلاً ناجعاً في هذه القضية، وحتى التجار أنفسهم والمستوردون ليست لديهم الرؤية الشاملة والواضحة، وكل ما نسمعه مجرد اجتهادات، بل هناك سوء فهم ونظرة قصيرة في قضية فك الارتباط بين الدرهم والدولار· وأضاف: إن الحكومة ليست متضررة على الإطلاق من انخفاض سعر الدولار، فان صادرات البترول تتم بالدولار وسيتم تحويلها بسعر ثابت بالدرهم، وتنفق من الحصيلة على بنود النفقات العامة، بينما التجار والمستوردون هم الذين يتحملون المشكلة الرئيسية والعبء الأكبر، وإن كانت تكاليف فاتورة الاستيراد تصب في النهاية على المستهلك سواء كان مستهلكاً لسلعة استراتيجية أو كمالية· وقدر الحثبور العبء الناجم عن انخفاض الدولار أمام العملات الاخرى منذ بداية العام بنحو 20 في المئة، في فاتورة الاستيراد، من الدول الأوروبية واليابان، وأستراليا، حيث إن جميع عملات هذه الدولة ارتفعت أمام الدولار، مشيراً الى ان الشركات التي يتم الاستيراد منها تؤكد في الحوار معها انها لم ترفع السعر، وهذا حقيقي، الا أن عبء فروق العملة هو السبب· وقال: من الظاهر في الفترة الأخيرة أن بعض الشركات في الأسواق التي تأثرت عملاتها بالزيادة، بدأت تدخل أسواقا في الشرق الأقصى والصين لإنتاج سلعها ومنتجاتها بأسعار أقل، خشية أن تتأثر صادراتها بسبب الارتفاع في التكاليف عند الاستيراد من الدول الرئيسية، لافتاً الى أن التجار والمستوردين بدأوا يتجهون إلى هذه الأسواق الجديدة للاستيراد منها كبديل لخفض التكاليف· وأشار الى أن الجانب الأكبر من الواردات من السوق الأوروبي هي سلع ليست أساسية، بل تدخل في نطاق السلع الكمالية والاستهلاكية، وليست سلعاً غذائية، وهو الأمر الذي حال دون وجود تأثير مباشر على المستهلك اليومي، إلا أن الأمر بحاجة إلى معالجة، الا أن الحقيقة المؤلمة تتمثل في أن كلا الطرفين الحكومة والتجار لا يملكان حلاً، وذلك لكون الإمارات مثلها مثل باقي الدول في المنطقة والعديد من دول العالم ترتبط بالاقتصاد الأميركي، والسياسات المالية الأميركية، وخير مثال أن البنك المركزي الفيدرالي الأميركي عندما يتخذ قرار رفع أو خفض سعر الفائدة، نسارع في اتخاذ قرار مباشر ومماثل· وأوضح أن الانعكاسات للسياسات المالية الأميركية تصب في اقتصادنا، ولاشك ان قضية مثل القروض والرهونات العقارية الأميركية، ليس لنا بها أي علاقة ولكن لكي تخفف منها الولايات المتحدة اتخذت قرارات بتخفيض سعر الفائدة، ورغم عدم صلتنا بهذه الأزمة، اتخذنا قراراً بخفض سعر الفائدة، كل هذا وغيره يعني أن ترحيل المشاكل الأميركية على اقتصاداتنا سمة عامة، كما يؤكد أن انعدام الحلول ليس في الإمارات وحدها بل في معظم دول العالم المرتبطة بالاقتصاد الأميركي· وقال الحثبور الكثير من دول العالم تأثرت بسعر الدولار الأميركي، وهذا ما لحظته في إسبانيا خلال زيارة مؤخرا إلى هناك، ولكن يبقى أن الحل الجماعي والتدريجي هو المناسب، ويمكن من التنوع في الاستيراد، وإيجاد حلول مالية أخرى، مشيراً إلى أن العملة الموحدة خليجياً أحد الحلول ولكن الأمر يحتاج الى وقت، وان كنت أعتقد أن صدور مثل هذه العملة بحاجة الى وقت طويل، لارتباطها بقضايا اقتصادية متعددة بين دول الخليج· وأوضح انه في مقابل الأمور السلبية الناجمة عن انخفاض سعر الدولار، هناك أمور ايجابية، فباعتبار أن الإمارات بلد مستقطب للسياحة، فإن ارتفاع سعر اليورو ساهم في استقطاب أعداد كبيرة من السياح الأوروبيين، وهو نفس الشيء بالنسبة للسياحة في اليابان، كما أن الاستثمارات الخارجية في أوروبا حققت عوائد أعلى، كما أن مبيعات البترول لم تتأثر، وكل هذه الأمور تجعل من فك الارتباط بين الدولار والدرهم مسألة أكثر تعقيداً، وتحتاج الى رؤية أكثر تكاملية بين مختلف الأطراف· التشويش وغياب الوضوح قال عبدالله بالعبيدة رئيس مجموعة بالعبيدة التجارية: إن تبسيط قضية العلاقة بين الدرهم والدولار، والأصح علاقة الدولار بالدرهم أمر فيه خلط وخطأ شديدين، ولاشك أن القول بأن إنهاء هذه العلاقة أمر سهل ليس دقيقاً، وذلك لوجود مصالح عديدة وعلاقات تشابكية بين مفردات الاقتصاد، ثم أن هناك نقطة في غاية الأهمية الكثير يغفل عنها تتعلق بالاحتياطات النقدية المقومة بالدولار، والاستثمارات الخارجية المقومة بالدولار، ولكي ننهي العلاقة بين الدرهم والدولار، لابد أن نعي أن الإمارات مطالبة بسداد فاتورة باهظة الثمن، ويبقى السؤال من سيدفع هذا الثمن؟ الحكومة أم التجار أم الاقتصاد الوطني؟!! وأضاف: صحيح أن السنوات الأخيرة شهدت تدفقاً استثمارياً على السوق الأوروبي من الإمارات، من خلال حكومتي أبوظبي ودبي، بشكل خاص، الا ان هذا لا يعني أن حجم الاستثمارات بالدولار، او تلك المقومة بالدولار ما تزال هي الأكبر، وهذا بدوره يفض تحدياً كبيراً على متخذي القرار· ونوه إلى أن الأزمة الأخيرة التي شهدها السوق وسعر الدولار أمام الدرهم يرجع جزء منها إلى حالة التشويش التي أصابت السوق، خاصة مع تصريحات بعض المسؤولين، والتي غاب في بعضها عدم الوضوح في بدايتها، وان كان المصرف المركزي قد حسم الأمر في النهاية بالتأكيد على أن فك الارتباط، أو حتى تخفيض قيمة الدولار أمام الدرهم، ليست واردة، الا أن غياب الوضوح كان له دور فيما حدث· وقال بالعبيدة: إن القضية الحساسة اليوم تتعلق بالتكاليف الإضافية والمستمرة على فاتورة الاستيراد من أوروبا، والدول الأخرى بخلاف الولايات المتحدة، والناجمة عن ارتفاع سعر الين والعملات الأخرى، موضحاً أن الاستمرار في هذه الأعباء يمثل تحدياً خطيراً على المستهلك والاقتصاد، الأمر الذي يحتاج إلى سياسيات استيرادية جديدة بالاتجاه نحو دول أخرى، سواء في آسيا أو غيرها، ولكن يبقى البحث عن أسواق عربية أمرا في غاية الأهمية، وأكثر أماناً، واستقراراً، ولاشك أن للدولة دورا مهما في التوجه نحو الأسواق الإقليمية والعربية، وتوجيه المستوردين نحو هذه الأسواق، وفتح قنوات الاتصال، من شأنها تخفيف العبء على التاجر والمستهلك والاقتصاد الوطني في النهاية· أبوظبي للتطوير الاقتصادي يدعو إلى عدم الخلط بين السياسة والاقتصاد قال مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي إن معالجة مسألة على درجة كبيرة من الحساسية مثل مسألة نظام الصرف تتطلب دراسة متأنية ومعمقة يقوم بها مختصون في مجال السياسات النقدية والمالية يمتلكون من المؤهلات والخبرات ما يمكنهم من الإحاطة بجميع الآثار التي تترتب على الإبقاء على نظام الصرف في الإمارات أو تغييره· وأشار في بيان له إلى أن أهم ما يتعين التحذير منه في معالجة قضية سعر صرف الدرهم مقابل الدولار هو الخلط الذي ترتكبه بعض دعوات فك الارتباط بين السياسة والاقتصاد، وتحديدا بين أميركا والدولار، قائلا: ''ثمة من هو أبعد ما يكون عن معرفة حقائق وتعقيدات السياسات المالية والنقدية وتأثيرها على الاقتصاد، لكنه لا يتردد في الانضمام إلى الداعين نحو تغيير نظام الصرف لا لسبب إلا لظنه بأن الدولار ما هو إلا وجه آخر لأميركا وأن التخلص منه رديف لفك الارتباط عن السياسة الأميركية، وغير مدرك لحقيقة أن الدولار، وبصرف النظر عن السياسة الأميركية ومتغيراتها، ما يزال يمثل عملة الاحتياطي العالمي من العملات''· ولفت مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي إلى أنه لا تكاد تمر لحظة على الأوساط المالية والنقدية الرسمية في الإمارات في هذه الأيام من دون تذكيرها أو حتى تحذيرها من الفكرة القائلة إن سياسة ربط العملة الإماراتية بالدولار مسؤولة بهذه الدرجة أو تلك عن وصول معدل التضخم إلى ما وصل إليه من مستوى بات يلقي بأعباء ثقيلة ليس فقط على كاهل المستهلك بل وأيضا على النمو الاقتصادي في البلاد· وتابع المجلس: ''لم تأت تلك الفكرة من عدم، بل هي تستند إلى حجج واقعية وقائمة أهمها أن الهبوط الحاد الذي تعرضت له العملة الأميركية أمام العملات الرئيسية الدولية، وخصوصا منها اليورو، وما يعنيه ذلك من هبوط مماثل في سعر الدرهم الإماراتي المرتبط بالدولار، قد انعكس بارتفاع حاد على أسعار حصة كبيرة من الواردات الإماراتية وخصوصا تلك القادمة من دول ارتفعت عملاتها مقابل الدولار كمنطقة اليورو واليابان''· وفند المجلس بقية الحجج المتداولة في هذا الشأن قائلا: ''ثمة حجة لا تقل أهمية تتمثل في أن سياسة ربط الدرهم بالدولار، حرمت الإمارات من اتباع سياسة نقدية مستقلة يمكن من خلالها كبح جماح التضخم من خلال أداة أسعار الفائدة، ويشار في هذا الصدد إلى أنه يتوجب على الإمارات، بسبب ارتباط عملتها بالدولار، أن تواكب السياسة النقدية التي يتبعها مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) بصرف النظر عن طبيعة الدورة الاقتصادية وحاجة الاقتصاد الإماراتي إلى سياسة نقدية خاصة به، ويساق هنا كيف أنه في الوقت الذي يقتضي فيه ارتفاع معدل التضخم في الإمارات إلى مستويات قياسية زيادة أسعار الفائدة الإماراتية بهدف سحب السيولة النقدية، اضطر مصرف الإمارات المركزي مؤخرا إلى خفض أسعار الفائدة بدلا من زيادتها لا لشيء إلا لمواكبة الخفض في أسعار الفائدة الأميركية''· وأضاف: ''استنادا إلى تلك الحجج، تنطلق دعوات عديدة في الوقت الحاضر نحو فك ارتباط الدرهم بالدولار أو لرفع سعر الدرهم أمام الدولار مع البقاء على سياسة الربط قائمة، ولسنا هنا بصدد دحض هذه الحجج أو حتى التقليل من شأنها على الرغم من وجود أدلة عديدة تظهر بأن الجزء الأكبر من مشكلة التضخم في الإمارات يرجع إلى عوامل أخرى إلى جانب ارتفاع أسعار الواردات وغياب السياسة النقدية المستقلة، فقد أظهرت العديد من الدراسات بأن هناك أسبابا عديدة أغلبها محلية الطابع ومن جانبي العرض والطلب ساهمت في إذكاء التضخم وبلوغه مستوياته الحالية، وليس أقلها تأثيرا ضعف طاقة العرض سواء في قطاع العقارات أو في القطاعات الأخرى وعدم قدرته على استيعاب الطلب المتزايد''· وانتقد المجلس تلك الدعوات بقوله: ''غير أن أهم ما يمكن أخذه على تلك الدعوات هو افتراضها الضمني بأن رفع سعر الدرهم أو فك ارتباطه بالدولار سيكون علاجاً شافياً وسريعاً لمشكلة التضخم، إن المقدمات الصحيحة التي تسوقها تلك الدعوات حول وجود علاقة بين التضخم ونظام صرف العملة في الإمارات لا تكفي بالضرورة وبحد ذاتها لأن تكون أساسا لتغيير مهم في أحد أركان السياسة الاقتصادية والمالية التي اتبعتها الإمارات على مدى سنوات عديدة''· وطالب المجلس أصحاب تلك الدعوات بالاستناد إلى دراسات علمية وفنية تبين بشكل لا لبس فيه مدى الانخفاض الذي سيطرأ بالضبط، أو حتى على وجه تقريبي، على معدل التضخم في الإمارات فيما لو تم رفع سعر الدرهم أو فك ارتباطه بالدولار، عند ذلك يمكن لصانع السياسة النقدية الإماراتي أن يرى جدوى تغيير أو عدم تغيير سياسة لا تقتصر آثارها فقط على التضخم بل تشمل جوانب وقطاعات غاية في الأهمية بالنسبة إلى الاقتصاد الإماراتي·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©