السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجنوب ومخاوف انفصاله

9 ديسمبر 2007 00:34
لا يبدو أن المستقبل الجغرافي والسياسي للسودان، وهو أكبر البلدان العربية مساحة، يدعو للطمأنينة والتفاؤل· ورغم أن دارفور هي البقعة الملتهبة بالمواجهة العسكرية الآن، فإن الجنوب واحتمالات انفصاله عن الشمال هو الأكثر خطراً في المرحلة الحالية على وحدة السودان، وتواصل واقعه الجغرافي الحالي· لقد نصت اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب (نيفاشا) -وهي القاعدة التي يرتكز عليها حكم السودان الآن-، على ''أن على طرفي الاتفاق العمل على أن تكون الوحدة بين شطري القطر أداة جاذبة حتى يقف الجنوبيون مع خيار البقاء، لا الانفصال عندما يحين موعد استفتائهم حول واحد من الخيارين''· إذاً فلتراجع الذي حدث في الفترة التي انقضت منذ إعلان تلك الاتفاقية وبداية تنفيذها، وهي فترة تقارب الثلاث سنوات؛ بصورة عامة فإنه ليس واضحاً أن أياً من الشريكين قد بذل جهداً ملموساً في تحقيق ما قالت به الاتفاقية وهو جعل الوحدة أمراً جاذباً، ولكن بما أن المؤتمر الوطني هو الشريك الأكبر في الحكم وصاحب السياسات النافذة، ولما كان هو ممثل شمال السودان في المعادلة، فإن عليه الواجب الأكبر في جعل الوحدة أمراً يجذب الجنوبيين لها· يكاد كل المراقبين المستقلين أن يجمعوا على أن المؤتمر الوطني ليس حريصاً وجاداً في أمر الوحدة، ولعل موقفه كان أكثر وضوحاً في ذلك الاتجاه، لو لم يكن الجنوب واحداً من أهم مصادر الدخل القومي، بإنتاج البترول من حقوله، إضافة إلى إمكانية توفير تلك المادة الخام في أرضه، خصوصاً في منطقة ''أبيي'' الواقعة على الحدود بين الشمال والجنوب -المتنازع عليها حالياً-؛ ومن أهم مظاهر موقف المؤتمر الوطني في قضية الوحدة سماحه لفريق من قادته بتكوين فصيل سياسي يعمل تحت مظلته، ومنحه صحيفة يومية ليس لها من هدف غير الدعوة لانفصال الشمال عن الجنوب فوراً، وحتى قبل أن يحين موعد الاستفتاء· كذلك من المظاهر الأخرى التي صنعها المؤتمر الوطني ولا تدعو للوحدة -بل إن أغلبها أقرب إلى دعوة فصل الجنوب- عدم الالتزام الدقيق بتنفيذ كل بنود الاتفاقية، وهو الأمر الذي أدى إلى أزمة الحكم الحالية· إن المؤتمر الوطني يقول إنه مع وحدة السودان، ولكن واقع الحال وحقيقة سياساته لا تدعم ذلك القول· أما الحركة الشعبية والتي لا تملك الكثير من الخيوط، فإنها تعمل في اتجاهين، اتجاه يدعو للوحدة، واتجاه آخر يبني مؤسسات الحكم في الجنوب مع مراعاة احتمال انفصاله في المستقبل· إن انفصال الجنوب، إذا تم، سيكون زلزالاً في وضع السودان، ذلك أن الأمر لن يقتصر على الجنوب وحده، بل سيشمل مناطق أخرى مثل جنوب كردفان (جبال النوبة) وجنوب النيل الأزرق، وهما منطقتان ساهمتا في الحرب الأهلية إلى جانب الحركة الشعبية وتحت قيادتها· أما على الصعيد الخارجي، فإن تمزق وحدة السودان ستكون له آثاره الضارة على البلدان الأفريقية المجاورة، وسيكون مصدر قلق وإزعاج للجارة العربية في الشمال، وهي جمهورية مصر التي تضع استقرار انسياب مياه النيل نحوها في مقدمة اهتماماتها الاستراتيجية، فالنيل الأبيض يمر بالجنوب قبل أن يصل إلى الشمال في طريقه إلى مصر· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©