الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

30 مليار دولار عائدات الطباعة ثلاثية الأبعاد في 2022

30 مليار دولار عائدات الطباعة ثلاثية الأبعاد في 2022
3 مارس 2018 20:46
حسونة الطيب (أبوظبي) ربما يتفاجأ الكثيرون في أن تاريخ بداية الطباعة ثلاثية الأبعاد يعود للعام 1987 وأن جملة من الأفكار والمفاهيم، سبقت ذلك التاريخ بكثير. واقتضى الوصول لما عليه القطاع اليوم، مساهمة العديد من الخبراء وإطلاق جملة من براءات الاختراع ورسم الخطط وتحقيق التطلعات. ورغم أن الكاتب البريطاني أرثر كلارك، مؤلف القصص العلمية، لم يشر صراحة في كتاباته في 1964، للطباعة ثلاثية الأبعاد، لكنه توقع توفر آلة تقوم بنسخ أي منتج أو مادة موجودة بالمنزل. ومع أن لفظ «نسخ» لم يتم إطلاقه إلا في1987 ضمن مسلسل الجيل المقبل لمؤسسة ستار تريك الأميركية، إلا أن المسلسل الأصلي في 1966، عرض آلة لمزج الطعام لها المقدرة على نسخ مواد الأكل والشرب من خلال تنسيق وتجميع الجزيئات. وبالإضافة لذلك، كانت الآلة، تقوم بطباعة الأزياء الرسمية لسفينة «ستار شب» وقطع غيارها ومواد أخرى متفرقة. وتشاك هول الأميركي، هو أول من اخترع الطباعة ثلاثية الأبعاد ومن جاء بمصطلح ستيريوليثغرافي «التجسيم» والحاصل على براءة اختراع جهاز لإنتاج مواد ثلاثية الأبعاد عبر عملية التجسيم في العام 1986. وقاد هذا الاكتشاف، هل لإنشاء شركة باسم «3دي سيستمز»، التي أصبحت من أكبر الشركات العاملة اليوم في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد في العالم. وفي العام 1987، تم طرح أول ماكينة طباعة «أس أل أيه -1» على نطاق تجاري تعمل بتقنية ثلاثية الأبعاد. وليس مستغرباً استخدامها لتقنية ستيريوليثغرافي واستخدام إضاءة يتحكم فيها الكمبيوتر لتقوية سائل صور البوليمرات طبقة تلو الأخرى. وفي جامعة تكساس، ابتكر كارل ديكارد، أسلوبا آخر للطباعة ثلاثية الأبعاد، يعمل على تحويل المسحوق إلى مادة صلبة على العكس من معالجته كما هو الحال في طريقة هل. وأسلوب كارل المعروف باسم «أس أل أس»، ما زال مستخدماً حتى الآن. وفي العام 1989، اخترع سكوت كرمب، الشريك المؤسس لشركة ستراسيستمز، تقنية «أف دي أم»، واحدة من تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد واسعة الانتشار في الوقت الحالي. ونجم عن هذه التقنية، قفزة في صناعة طابعات سطح المكتب ثلاثية الأبعاد الصغيرة. لكن ينبغي الوضع في الاعتبار، أن كافة الشركات والأشخاص الذين ابتكروا هذه التقنيات في ثمانينيات القرن الماضي، لم يطلقوا عليها اسم الطباعة ثلاثية الأبعاد، بل التصنيع بالإضافة بدلاً من ذلك. ورغم كل هذه الإنجازات، إلا أن تطور هذه التقنية، استغرق سنوات عدة، حيث كانت البداية الحقيقية للطباعة ثلاثية الأبعاد عند إطلاق أحد المشاريع الأكاديمية في عام 2005.صادف العام 2005، إطلاق مشروع «ربراب» الأكاديمي، الذي هو عبارة عن ماكينة تقوم بنسخ أجزاء شبيهة، مهدت الطريق لانطلاق موجة من طابعات سطح المكتب ثلاثية الأبعاد بتكلفة منخفضة للغاية. وفي هولندا، انطلقت خدمة «شيبويز» الإلكترونية للطباعة ثلاثية الأبعاد في 2008، حيث يقوم العميل بتسليم ملفه على الإنترنت لهذه الخدمة التي تقوم بطباعته فيما بعد. وتوسعت هذه الخدمة في نيويورك وتمكنت منذ إنشائها من جمع 70 مليون دولار كرأس مال استثماري. وفي 2013، تم تأسيس «3دي هبس»، للعمل اللامركزي للطابعات ثلاثية الأبعاد. وبما أن عدداً كبيراً من الأشخاص والشركات، يمتلكون طابعات غير مستخدمة، فإن «3دي هبس»، عبارة عن منصة تقوم بربطهم مع الأشخاص الذين يحتاجون لهذه الطابعات. وتملك المنصة اليوم، ما يزيد على 32 ألف طابعة موزعة على نحو 150 بلدا حول العالم. ويمثل هذا العام، الانطلاقة الحقيقية للطباعة ثلاثية الأبعاد ومدى مقدرتها على تغيير التطبيقات التي ربما تهز عرش العديد من الصناعات. وتمكنت الطباعة ثلاثية الأبعاد في 2014، من الدخول في البورصة عبر شركتي «3دي سيستمز» و«ستراتاسيس»، حيث ارتفعت أسهمها من 10 دولارات للسهم في 2012، إلى ما يقارب 100 دولار في 2014. وبدخول شركة «كربون3دي»، للأسواق في هذا العام، حدث تحول كبير في قطاع الطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث اعتمدت هذه الشركة تقنية جديدة للطباعة المستمرة بدلاً من طبقة تلو الأخرى المعروفة، ما زاد سرعتها بنحو 100 مرة. ومثل العام 2016، نقطة دخول الشركات الكبيرة لقطاع الطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث أطلقت «أتش بي»، طابعة فيوشن جت، التي استهدفت الاستخدام التجاري والصناعي بجودة عالية في اللون وسرعة فائقة في الإنتاج. كما استحوذت جنرال اليكتريك، على شركتي «أركام» و«أس أل أم» العاملتين في مجال طباعة القطع المعدنية للطائرات بالتقنية الثلاثية الأبعاد، مقابل 1,4 مليار دولار. وتشمل الطباعة ثلاثية الأبعاد، طباعة كل شيء تقريباً من لعب الأطفال إلى الملابس والمعدات والآلات الموسيقية وحتى الأعضاء البشرية وتشمل القائمة أشياء لا حصر لها. كيفية عمل الطابعات ثلاثية الأبعاد يعتبر هذا النوع من الطباعة، شبيهاً بعمل طابعات رشح الحبر، التي تعمل بتحضير الملف الكمبيوتري في أي شكل من أشكاله المعروفة، سواء ملف معالج النصوص أو صورة أو جدول بيانات أو غيره. بعدها يتم تحميل الملف للطابعة عبر الكمبيوتر ومن ثم الضغط على زر «أطبع». بعدها تقوم الطابعة برش الحبر في الورق لتكون النتيجة صورة ثنائية الأبعاد للملف الرقمي. وتعمل الطابعات ثلاثية الأبعاد، بطريقة مشابهة، لكن يكمن الاختلاف في المواد المستخدمة وأنواع الحبر المعروفة باسم «فيلامنتس»، التي تتراوح بين بلاستيك حراري إلى الحديد والزجاج والورق وحتى المواد الخشبية. والفرق الرئيسي، بين طابعات رشح الحبر وثلاثية الأبعاد، أن الأخيرة تتطلب طباعة عدة حلقات أو طبقات لإنتاج مادة فيزيائية. وأكثر ما يثير الحماس في هذه الطباعة، أنها ليست حكراً على المهندسين أو العلماء، بل أصبحت متاحة للجميع وبأسعار مناسبة ومن المتوقع قريباً قيام الأشخاص بطابعة أغراضهم الشخصية. وتشهد العائدات الاقتصادية لقطاع الطباعة ثلاثية الأبعاد، نمواً متسارعاً بانضمام المزيد من الشركات لسوقها التي من المتوقع بلوغ قيمتها نحو 30 مليار دولار بحلول 2022. ومن بين العوامل التي أسهمت في نمو السوق، تطور هذه الطباعة من النماذج الأولية، إلى منتجات المستهلك النهائي والصناعة المتخصصة الكثيفة وإنتاج أجزاء معقدة واستثمار الحكومات وتطور كفاءة التصنيع. ومن المرجح، توفير هذه الثورة الصناعية الرابعة، لفرص عمل وقيمة اقتصادية كبيرة لمختلف الدول حول العالم. وفي أميركا، من المتوقع أن توفر نحو 5 ملايين وظيفة وإضافة قيمة اقتصادية تصل إلى 900 مليار دولار. ونمت مبيعات الطابعات ثلاثية الأبعاد في أميركا في الفترة بين 2015 إلى 2016، بنسبة 11%، في حين تراجعت مشاركة الحكومة دون متوسط الدول الأخرى الرائدة، ما يهددها بفقدان المقدمة. أما في كوريا، فنمت المبيعات بنحو 51% في ذات الفترة ووضعت الحكومة خريطة طريق لعمليات البحث والتطوير. وفي إيطاليا، ارتفعت المبيعات، بنحو 38%، حيث تخطط الحكومة لاستغلال هذا القطاع لتقليص البطالة في البلاد وفي مجال صناعة المعادن والمجوهرات لإنتاج قطع غير ممكنة بالصناعة التقليدية. وتتسم الصين، بتأخرها في مجال تقنية وتطوير الطباعة ثلاثية الأبعاد، رغم ارتفاع مبيعاتها في الفترة بين 2015 إلى 2016، بنحو 36%. وتستغل البلاد هذه التقنية، للمحافظة على قاعدتها الصناعية الضخمة. وفي المملكة العربية السعودية، شهدت الطباعة ثلاثية الأبعاد، نمواً واضحاً خلال العام الماضي، حيث وقعت شركة «وينسون» الصينية وبدعم حكومي، اتفاقية بنحو 1.5 مليار دولار، مع شركة المبطي للمقاولات من مقرها في الرياض، بغرض إيجار 100 طابعة ثلاثية الأبعاد لإعداد منتجات خرسانية. وترمي الاتفاقية، لمساعدة البلاد لسد فجوة العجز في المنازل وتجهيز نحو 1.5 مليون منزل بالطباعة ثلاثية الأبعاد. وتستعد الإمارات، للتحول لمركز عالمي للطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث حددت الحكومة 6 ركائز استراتيجية، تشمل تكوين مجلس للثورة الصناعية الرابعة ووضع نظام لمشاركة المعرفة لمنظمات فكرية تهتم بالتقنيات الجديدة والموافقة على المبادرات الوطنية. بالإضافة إلى ذلك، أطلقت الحكومة «استراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد»، للنهوض بوضع البلاد كمركز عالمي للطباعة ثلاثية الأبعاد بحلول 2030. وتنص الاستراتيجية أيضاً، على أن تتضمن كل بناية جديدة في دبي ابتداء من 2019، على 25% من الطباعة ثلاثية الأبعاد على الأقل. والتزمت هيئة الصحة في دبي، بوضع معايير وتنظيم هذه الطباعة في قطاع الصحة، بما في ذلك الأطراف الصناعية والأسنان وأجهزة السمع سواء في العيادات أو المستشفيات الحكومية. ويوشك قطاع الصناعة التقليدية، الذي يشكل 16% من الاقتصاد العالمي بقوامه البالغ 80 تريليون دولار، على الدخول في مرحلة التغيير. وفي غضون ذلك، تدفع الطباعة ثلاثية الأبعاد، أحد أهم عناصر التغيير، إنتاج السلع بقوة نحو المستهلك وتعميم الصناعة على الصعيد العالمي وجعل المنتجات ذات كفاءة عالية من حيث التكلفة وتخصيصها حسب حاجة المستهلك. ومن بين أهم الشركات العاملة في هذا القطاع، «3دي سيستمز»، التي بدأت نشاطها في هذا المجال منذ العام 1983. وشركة «أكس ون»، التي تأسست في 2005، والتي تقوم بإنتاج طابعات للنماذج والبحوث والتعليم بجانب الإنتاج. وكذلك شركة هيولت باكارد «أتش بي»، التي يقدر رأسمالها السوقي بنحو 36.5 مليار دولار وتركز على الصناعات السائدة، حيث قامت بإنشاء مختبر للمواد والتطبيقات. ومن بين أهم أسباب استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد، أنها تساعد على سرعة تطوير المنتج بنسبة 28% وتوفير منتجات حسب الطلب بنحو 16% وزيادة مرونة الإنتاج بنسبة 13%. وتبشر الطباعة ثلاثية الأبعاد بإحداث ثورة في عالم الطب وذلك من خلال إمكانية طباعة عدد من الأعضاء البشرية مثل العين والأنف والمفاصل وغيرها. وتفسح هذه التقنية، المجال أمام تخصيص طلب المريض، حيث يدعي المنادون بها أنها وبالإضافة لإنتاج الأعضاء، يمكنها صناعة العقاقير الطبية أيضاً. ويستخدم قطاع الطب البريطاني مثلاً من الأسنان وحتى جراحة العظام مثلاً، هذا النوع من الطباعة بالفعل لصناعة منتجات مخصصة عالية الجودة. وساعد التطور الذي طرأ على التصوير الرقمي، على الدفع بعجلة آخر موجة من الابتكارات حدثت في مجال صناعة الطباعة ثلاثية الأبعاد الطبية. لكن ومع زيادة ثروات الطبقة المتوسطة في الدول النامية وتقدم معدل الأعمار بين سكان الدول الغنية في الغرب، من المتوقع أن يحقق حجم هذه السوق نمواً كبيراً في غضون العشر سنوات المقبلة. ويرى بعض المشككين أمثال تيري جو، رئيس «فوكس كون»، أكبر شركة في العالم لصناعة الأجهزة الإلكترونية بالتعاقد والتي تقوم بصناعة العديد من منتجات آبل في الصين، أن هذا النوع من الطباعة لا يخلو من العيوب وأنه لا يملك القيمة التجارية كالسلع المصنعة الأخرى. كما أن هذه الصناعة ليس المقصود بها حل محل الصناعة الشاملة. وعلى الرغم من تطور التقنية، إلا أن جودة وقوة بعض السلع المطبوعة، لا تفي بمتطلبات المنتجين. وليس بمقدور الطابعات ثلاثية الأبعاد، إنتاج أجزاء مطابقة بتكلفة قليلة كما هو الحال في خطوط الإنتاج الشامل.ومع ذلك، لا تخلو هذه الطابعات من المحاسن، ما يفسر سبب إقبال الشركات الكبيرة عليها، مثل أمير باص وبوينج وجنرال اليكتريك وفورد وسيمنز وغيرها. وبتطور هذه الطباعة وتحسن المواد، أصبح من الصعب التفريق بين المواد المطبوعة والمصنوعة في المصانع التقليدية. ويُعول على الطابعات الكبيرة، صناعة الأجزاء الكبيرة التي لا يمكن إنتاجها بالطرق التقليدية، مثل أعمدة هياكل السيارات الخاصة التي تتميز بأشكال معقدة. وتبنى قطاع الطيران أيضاً الطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث تستخدم طائرة أف 15 الحربية نحو 90 قطعة مطبوعة، رغم أن إنتاجها سبق دخول الطابعات إلى الأسواق، في حين تستخدم طائرة أف 35 الحربية الجديدة نحو 900 من هذه القطع. ولم تنأى جنرال اليكتريك بنفسها عن هذه التقنية، حيث من المتوقع بحلول 2020، استخدام الشركة عشرات الآلاف من القطع في محركات الطائرات وحدها. وفي الصين، رأت الحكومة الاستفادة من هذه الصناعة في الوقت الذي بدأت فيه أجور العاملين في الارتفاع وبعض الصناعات الأجنبية، في العودة إلى أوروبا وأميركا.ومع أنها ليست بمستوى التطور الذي بلغته أميركا في هذا المجال، إلا أن الصين تحدوها طموحات كبيرة.وتتوافق العديد من عمليات الطباعة ثلاثية الأبعاد مع الصناعات التقليدية في الصين. وتوجد بعض أكبر الطابعات ثلاثية الأبعاد في العالم في الصين، التي يجلس رواد فضائها على مقاعد مصنوعة بهذا النوع من الطباعة تم تصميمها خصيصاً لتتناسب مع أجسامهم.ويستخدم المهندسون العاملون في إحدى شركات صناعة الطائرات المنافسة لبوينج وأيرباص، طابعات ضخمة يتراوح طول بعضها 12 متراً، لطباعة أجزاء من التيتانيوم تتضمن قطع غيار الأجنحة وهيكل جسم الطائرة. ومن المتوقع أن تشهد قيمة هذه الطباعة، المزيد من الزيادة في ظل وجود أنظمة قادرة على طباعة دائرة كهربائية داخل أو فوق الأجزاء المصنوعة. وتبذل كل من زيروكس وديزني، جهوداً في هذا المجال بجانب شركة «جي كي أن» للطيران البريطانية. لاعبون جدد تعتبر أميركا، في الوقت الحالي، الدولة الرائدة في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد، بيد أن دولاً مثل، ألمانيا وكوريا الجنوبية وإيطاليا والمملكة المتحدة، تهدد هذا الموقف الريادي، خاصة في ظل انضمام لاعبين جدد مثل الإمارات والمملكة العربية السعودية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©