الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصناديق السيادية·· أداة الحكومات للتنويع الاقتصادي

الصناديق السيادية·· أداة الحكومات للتنويع الاقتصادي
9 ديسمبر 2007 23:23
انتقد مسؤولون وخبراء ماليون الهواجس التي أثارتها أوساط مالية في الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، فيما يتعلق باستثمارات صناديق الثروات السيادية، مؤكدين على الدور الفاعل الذي تلعبه هذه الصناديق في دفع عجلة الاقتصاد العالمي وأهميتها بالنسبة للحكومات التي تمتلك فوائض مالية ضخمة باعتبارها أداة حيوية لتنويع استثمارات هذه الدول· وأكد معالي الدكتور عمر بن سليمان محافظ مركز دبي المالي العالمي أن الصناديق السيادية ليست مخيفة ولا تحمل أي توجه سياسي ولكنها في المقام الأول صناديق استثمارية، ويجب على كل دولة حماية مصالحها طالما كانت هناك شفافية في التعامل، وتحمل هذه الصناديق سجلات واضحة وأهدافاً معلنة· وحول تزايد الحديث مؤخراً عن الصناديق السيادية قال معاليه في معرض رده على سؤال خلال أسبوع دبي المالي مؤخرا: ''إن هذه القضية هي فكاهة الشهر، فالصناديق السيادية موجودة منذ ثلاثة عقود، ولها تاريخ طويل لذلك ليس هنالك ما يدعو للقلق بشأنها وهي لا تشكل أي مخاطر وما يقال عنها يرجع إلى عوامل سياسية ونفسية فقط''· وقال فيلب لوتر كبير محللي الائتمان في مؤسسة موديز للتقييم الائتماني ان صناديق الثروات السيادية تساهم بشكل محوري في نمو سوق الاستحواذات والاندماجات وان بروزها في منطقة الشرق الأوسط وروسيا وبعض الدول الآسيوية جاء بسبب السيولة الفائقة التي توافرت لدى حكومات الدول المصدرة للنفط في هذه المناطق والتي شجعتها على البحث عن فرص استثمارية متنوعة في إنحاء العالم المختلفة والاستفادة من السيولة المتاحة في تنويع استثماراتها· وأضاف ان وفرة السيولة شجعت الكثير من الحكومات في المنطقة على شراء أصول في شركات غربية وانه مع تسارع وتيرة الاستحواذات من المنطقة على هذه الأصول تولدت بعض المخاوف في البلدان الغربية، إلا ان هذه المخاوف تعد غير مبررة مع توافر عامل الشفافية الذي تنتهجه الصناديق السيادية، لافتا إلى ان الصناديق أصبحت أكثر شفافية وان المخاوف سوف تتلاشى والتحفظات سوف تزول، مؤكدا ان هذه الصناديق لا تمثل تهديدا أو أداة ضغط وإنما تقوم بالمساهمة في إحداث توازن بالاقتصاد العالمي من خلال نقل السيولة من المناطق التي تتمتع بسيولة فائقة إلى أجزاء أخرى من العالم تفتقر لهذه السيولة· وبدوره استبعد سمير الأنصاري رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لدبي إنترناشيونال كابيتال ان يكون لصناديق الثروات السيادية أي دوافع أو أجندة سياسية حيث تم تصميمها من قبل الحكومات لمساعدتها واستخدامها كأداة لتنويع اقتصاداتها، لافتا إلى ان معظم استثمارات هذه الصناديق هي استثمارات ذكية وتختار الفرص المتاحة في مختلف مناطق العالم· ولفت الأنصاري إلى ان غالبية صناديق الثروات السيادية تتمتع بسيولة فائقة الوفرة وخاصة الصناديق السيادية في منطقة الخليج والصين وسنغافورة، لذا فهي تسعى إلى استثمار هذه السيولة عبر قنوات استثمارية مختلفة وتنفيذ صفقات استحواذ وشراكة لإيجاد فرص لتنويع اقتصاداتها التي تعتمد في معظمها على النفط· وأشار إلى جانب آخر ويتمثل في الدور غير المباشر الذي تلعبه استثمارات هذه الصناديق في نقل الخبرات والتكنولوجيا بين الدول المختلفة، مشيدا بالأجندة الاستثمارية التي ينفذها جهاز ابوظبي للاستثمار واصفا استثماراته بالذكية والفريدة جدل دولي وتواجه استثمارات الصناديق السيادية منذ فترة انتقادات واضحة برزت ملامحها خلال اجتماعات مجموعة السبع الأخيرة مع تأكيد الرئيس الفرنسي ساركوزي على ضرورة التزام هذه الصناديق بمعايير الشفافية قائلاً إن أسلوب الغموض والافتقار للشفافية غير مقبول بكل المقاييس· وفي الوقت الذي اشتعل الجدل في الآونة الأخيرة حول صناديق الاستثمار السيادية والقوة الهائلة التي تتمتع بها بفضل الدعم الحكومي ومستويات السيولة الضخمة التي مكنتها من الدخول في صفقات عالمية لها أهميتها خلال السنوات القليلة الماضية، قام مسؤولون خليجيون ببحث موضوع الصناديق الاستثمارية السيادية مع العديد من المسؤولين في الدول الأوربية حيث تم تقديم عروض مفصلة حول أهداف هذه الصناديق وأغراضها وتاريخها الطويل في الاستثمار الاستراتيجي والممتد إلى أكثر من 30 عاما في دول الاتحاد الأوروبي ودورها الإيجابي الدائم في إنعاش اقتصاديات دول الاتحاد الأوروبي وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين المنطقة ودول الاتحاد الأوروبي بما ساهم في تحقيق المصالح المشتركة للطرفين، وذلك في مسعى لإزالة أي شكوك تجاه هذه الصناديق· وعلى الرغم من أن وزير الخزانة البريطاني اليستر دارلينج خفف من حدة الهجوم على هذه الصناديق خلال اجتماع مجموعة السبع، بقوله ان بريطانيا تؤمن بالتجارة الحرة وان سر نجاح لندن كأفضل مركز مالي في العالم يرجع إلى انفتاحها الاقتصادي، إلا أنه قال إن على الصناديق السيادية أن تلتزم بقواعد اللعبة ان رغبت في تحقيق الاستمرارية في الأسواق العالمية، ويعني بالحديث عن قواعد اللعبة ضرورة الالتزام بالشفافية كما توحي كلماته بأن بريطانيا لن تقبل بدخول صناديق الاستثمار السيادية في صفقات لشراء حصص من شركات لها طابع استراتيجي· وتناولت وسائل الإعلام الغربية موضوع الصناديق السيادية بشكل موسع حيث أرجعت صحيفة بريطانية السبب في تزايد نشاط هذه الصناديق وتوطد نفوذها في الأسواق العالمية مع بداية الألفية الجديدة، إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز عالمياً الأمر الذي شجع الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط وعلى رأسها الإمارات للبحث عن سبل جديدة لاستثمار السيولة الضخمة التي تدفقت بقوة من عائدات صادراتها النفطية وفي الوقت نفسه أسهمت العائدات النفطية القوية في تعزيز الثروات الروسية الموجهة للاستثمارات الخارجية· وازداد في المقابل استثمارات دول مثل سنغافورة والصين وبفضل الفوائض التجارية الضخمة التي تتمتع بها هذه الدول· وقالت الصحيفة ان هناك مشاعر ترقب واضحة في الولايات المتحدة عززها الإعلان الأخير عن شراء الصين لحصة بقيمة مليار دولار في شركة ''بير ستيرنز''، وذلك بعد تفجر الحديث حول الصناديق السيادية في العام الماضي في الولايات المتحدة بسبب صفقة موانئ دبي العالمية لشراء شركة ''بي أند أو'' الصفقة التي تضمنت الأصول المملوكة للشركة البريطانية في الولايات المتحدة· وقالت صحيفة ''فاينانشال تايمز'' ان بنوك الاستثمار الغربية ساعدت صناديق الاستثمار السيادية الخليجية من خلال تقديم النصح في قراراتها الاستثمارية على مدى السنوات القليلة الماضية، لكن الحال تبدل مع تفجر أزمة الائتمان العالمية والتي جعلت هذه البنوك نفسها بحاجة ماسة إلى هذه الاستثمارات· وأضافت الصحيفة ان هذه الاستثمارات لم تكن تتركز فقط على مؤسسات الخدمات المالية والبنوك، إذ أعلنت هذه الصناديق أخيرا صفقات لشراء حصص في شركات عالمية مهمة من مختلف القطاعات منها على سبيل المثال إعلان ''دبي انترناشيونال كابيتال''، شراء حصة من شركة سوني اليابانية· كما أعلنت ''مبادلة'' عن شراء حصة من شركة (ايه ام دي) الاميركية، وإعلان (دبي العالمية) شراء حصة 5,9% من مجموعة الخدمات الترفيهية الاميركية (ام جي ام ميراج)· صفقة سيتي جروب نقلة نوعية'' قالت الصحيفة ان قرار جهاز ابوظبي بالاستثمار في مجموعة ''سيتي جروب'' يشكل نقلة نوعية في استراتيجيات الاستثمار لدى الصناديق السيادية، ففي السابق كانت الصناديق تركز على الاستثمارات ذات الطابع الاستراتيجي في الشركات التي تحظى بمستويات نمو لافتة، أو في شركات مقيمة بأقل من قيمتها الحقيقية وبطريقها لطرح أسهمها للاكتتاب الأولي العام، لكن صفقة ''سيتي جروب'' مختلفة، إذ ان المجموعة الاميركية كانت بحاجة ماسة إلى الدعم المالي الذي حصلت عليه من وراء الصفقة· وبالفعل أسهمت أخبار الصفقة في تعزيز أداء أسهم المجموعة في مختلف أنحاء العالم، إذ يبدو أن المستثمرين توصلوا إلى أن قرار جهاز أبوظبي للاستثمار بتوظيف مثل هذا المبلغ الضخم في المجموعة في الوقت الذي تعاني فيه الأخيرة من تبعات خسارة جسيمة يعد بمثابة مؤشر على أن ''سيتي جروب'' وصلت إلى مرحلة استقرار لم يعد من المتوقع معها المزيد من المفاجآت السلبية· ويتوقع خبراء ماليون أن تبدأ صناديق الاستثمار السيادية تركز بصورة أكبر على مؤسسات الخدمات المالية الغربية التي تعاني حالياً تبعات أزمة الائتمان العالمية· 33 مليار دولار صفقات في 2007 قالت تقارير صحفية ان صناديق الاستثمار السيادية في العالم قامت خلال الاشهر الماضية بعمليات شراء واسعة النطاق، استفادة من السيولة الفائقة المتوافرة لديها، وسعيا لتحقيق عوائد سخية، فقد عقدت 43 صفقة قيمتها 33 مليار دولار خلال العام ،2007 مقارنة مع 25مليار دولار استثمرتها في 38 صفقة مماثلة خلال العام الماضي وبزيادة 33%· ووفقا لتقرير لصحيفة ''وول ستريت جورنال'' فإن صناديق الثروات السيادية تتوزع على 20 بلداً، وتمتلك هذه الصناديق ما بين تريليوني و3 تريليونات دولار، أو نصف احتياطيات العالم الرسمية من العملات الأجنبية المقدرة بنحو 5,6تريليون دولار· ويقدر المحللون لدى''مورجان ستانلي''حجم الاستثمارات التي ضختها الصناديق السيادية في أسهم مؤسسات الخدمات المالية منذ بداية العام الحالي بنحو 37 مليار دولار، وهو ما يوازي أربعة أضعاف حجم استثماراتها في العام الماضي· وبحسب تقديرات بنك''ستاندرد تشارترد'' تملك هذه الصناديق أصولاً تقدر قيمتها بحوالي 2,2 تريليون دولار، ويتوقع أن ترتفع قيمة هذه الأصول إلى أكثر من 13,4 تريليون دولار على مدى العقد المقبل· معارضة أوروبية لتقييد الاستثمار أبدت المفوضية الأوروبية مؤخراً معارضتها لوضع قواعد للسيطرة على صناديق الثروة السيادية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات· وقالت الموفضية -وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي- في بيان ''في هذه المرحلة لا تفضل المفوضية الأوروبية تحركا تشريعيا لكنها ترى أن بعض القواعد الأساسية أو الخطوط الإرشادية بشأن الإدارة الرشيدة والشفافية قد تكون مفيدة''، وأجرت المفوضية نقاشا داخليا بشأن سبل التعامل مع الصناديق من بلدان مثل روسيا والصين أو بعض بلدان الشرق الأوسط والتي تقوم بشراء أصول مهمة في الاتحاد الأوروبي الأمر الذي دفع بعض الساسة إلى المطالبة بتشديد القيود· وقالت المفوضية ''في أعقاب مناقشة إرشادية قامت بها المفوضية خلص رئيس (المفوضية جوسيه مانويل) باروسو إلى وجود أسباب وجيهة لاعتماد الاتحاد الأوروبي نهجا موحدا في قضية صناديق الثروة السيادية سواء داخل الاتحاد أو عالميا''، وأضافت أن ''الحاجة إلى تجنب كل أشكال الحماية كانت محل تأكيد في النقاش''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©