الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المهاجرون غير الشرعيين في ماليزيا... وهاجس حقوق الإنسان

المهاجرون غير الشرعيين في ماليزيا... وهاجس حقوق الإنسان
11 ديسمبر 2007 00:14
عندما يحين دوره للمراقبة ينتصب ''كانج لونج'' وراء نافذة الشقة الصغيرة، التي تضم في إحدى غرفها عشرة عمال من المهاجرين، ليحدق في الشوارع الخالية التي يلفها الظلام الدامس· ''إننا نعيش في خوف دائم، لا سيما في الليل'' يقول ''لونج''، ''ربما تنفذ السلطات الماليزية مداهمة، حينها أين سأذهب؟ إني أشعر بالقلق على زوجتي وأطفالي وأفكر في الانتقال إلى الغابة للاختباء والتواري عن الأنظار''· وليس ''كانج لونج''، البالغ من العمر 43 عاماً واللاجئ من ''ميانمار''، سوى واحد فقط من ثلاثة ملايين عامل أجنبي يعملون في المزارع والمصانع وفي مواقع البناء، فضلا عن قطاع الخدمات ويدعمون الاقتصاد الماليزي المزدهر· بيد أن نصف هؤلاء العمال المهاجرين يقيمون في البلد بطريقة غير شرعية، وهو ما تسعى الحكومة الماليزية إلى مواجهته والحد من تفاقمه؛ فعلى غرار العمال الأجانب في مناطق أخرى من العالم يعيش العمال هنا أيضا مشاكل عديدة يأتي في مقدمتها الاستياء العام الذي تكنه لهم الشرائح الشعبية الواسعة، فضلا عن تصويرهم بشكل سيئ من قبل السياسيين، وفي ماليزيا على الخصوص أصبح العمال الأجانب هدفاً لحملات موسعة من التضييق والاعتقالات تصل أحياناً إلى حد الضرب والترحيل· في هذا السياق يمكن الإشارة إلى الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة الماليزية في العام ،2005 حيث حولت فرقة دفاعية متطوعة -أنشئت في الستينيات من القرن الماضي- لمحاربة الشيوعيين إلى قوة مفوضة بتعقب المهاجرين غير الشرعيين وملاحقتهم، ويبلغ عدد أفراد القوة التي يطلق عليها اسم ''ريلا'' حوالي نصف مليون متطوع، وهو ما يفوق العدد الإجمالي لأفراد الجيش والشرطة الماليزيين التي يقدر عدد سكانها بحوالي 27 مليون نسمة· هذه القوة التي يحمل قادتها السلاح مخولة باقتحام المنازل وتفتيش الأفراد في الشارع دون إذن قضائي؛ وبحسب التقديرات الرسمية يقوم المتطوعون بحوالي 30 إلى 40 عملية دهم في الليلة الواحدة· وفيما تتولى وحدة ''ريلا'' وظيفة الشرطة والمؤسسة السجنية، معاً تتعرض لانتقادات شديدة من الجماعات المدافعة عن حقوق الإنسان سواء المحلية منها، أو الخارجية· وتتهم هذه المجموعات المتطوعين، الذين لا تتجاوز أعمار بعضهم 16 سنة، بممارسة العنف والابتزاز، فضلا عن الانخراط في أعمال السرقة والاحتجاز غير القانوني· وقد أشار تقرير أصدرته منظمة ''هيومان رايتس ووتش'' في شهر مايو الماضي إلى أن المتطوعين من الفرقة ''يقتحمون سكن المهاجرين في منتصف الليل بدون إذن قضائي، ويعاملون السكان بعنف، وينتزعون منهم المال والهواتف النقالة، والملابس والحلي، فضلا عن الأدوات المنزلية، ثم يقيدونهم ويضعونهم في معسكرات للاعتقال خاصة بالمهاجرين غير الشرعيين''· وأضاف التقرير إن المتطوعين التابعين لفرقة ''ريلا'' يتجاهلون أحياناً وجود وثائق تثبت شرعية الإقامة بالنسبة للمهاجرين، ومنهم من يتلف تلك الوثائق لتبرير تدخلهم ضد المهاجرين· لكن من جهته نفى المدير العام لفرقة ''ريلا''، ''زيدون أسموني'' في لقاء أجري معه تلك الاتهامات، مؤكداً أن البلد تواجهه تحديات أمنية تستدعي تدخلا حازماً، موضحا ذلك بقوله: ''لا يوجد اليوم شيوعيون، لكننا نواجه أعداداً كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين''، مضيفاً: ''كما تعلم لقد أصبح المهاجرون غير الشرعيين العدو رقم 2 في ماليزيا بعد المخدرات التي تعتبر العدو الأول للبلاد''· وإذا ما اعتقل المهاجرون السريون فإنهم يمثلون أمام المحكمة التي في حال أدانتهم يواجهون عقوبة السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات، بالإضافة إلى الجلد والترحيل· وحسب ما يرويه العشرات من المهاجرين، يمكن للأمور أن تسوء أكثر عندما يتم ترحيلهم، فبعد مكوثهم لبعض الوقت في مراكز الاعتقال ينقل المهاجرون غير الشرعيين إلى مناطق بعيدة ومقفرة على الحدود مع تايلاند، حيث ينتظرهم التجار والمهربون بفارغ الصبر· فإذا كان بمقدورهم دفع 450 دولارا، يقول المهاجرون، فإن المهربين سيتولون إعادتهم مجدداً إلى العاصمة الماليزية، وإذا عجزوا عن الدفع فإنهم يباعون للعمل على مراكب الصيد، أو يتم استغلالهم جنسياً· وفي هذا الصدد تقول ''إيرين فيرنانديز''، وهي ماليزية ترأس مجموعة تدافع عن حقوق المهاجرين، إنه في بعض الأحيان يتصل بنا المهاجرون من وراء الحدود طلباً للمال حتى يتم إرجاعهم مرة أخرى إلى داخل ماليزيا ''لكن ذلك يشكل معضلة حقيقية بالنسبة لنا، إذ لا نستطيع دعم أي نوع من التهريب، وفي الوقت نفسه نسعى إلى حفظ الحياة البشرية''· وبسبب المداهمات العديدة التي تقوم بها فرقة ''ريلا'' ضد مساكنهم، قرر عدد كبير من المهاجرين اللجوء إلى الغابات المجاورة والإقامة في أكواخ مصنوعة من أوراق الأشجار وجذوعها، لكن مع ذلك تواصل ''ريلا'' ملاحقة المهاجرين حتى في الأدغال· وفي تقرير صدر مؤخراً عن منظمة ''أطباء بلا حدود'' أفاد أن ''بعض المواقع التي يقيم فيها المهاجرون داخل الغابات، أزيلت مراراً من قبل السلطات، وتم نقل القاطنين إلى أماكن أخرى بعدما انتزعت منهم ممتلكاتهم''· لكن رغم الانتقادات شهدت ''ريلا'' زيادة في عدد أفرادها وتوسعاً في صلاحياتها، حيث اعتقلت خلال السنة الجارية ما يقرب من 30 ألف مهاجر لا يتوفرون على وثائق، -حسب وزير الداخلية ''رادزي شيخ أحمد''· وأكد ''زيدون أسموني''، المدير العام لفرقة ''ريلا'' أن وحدته تشهد توسعاً كبيراً إلى درجة يستحيل معها تدريب جميع المتطوعين في وقت واحد، موضحاً ذلك بقوله: ''إننا لا نستطيع تدريب نصف مليون فرد في وقت وجيز، بل ستستغرق العملية خمس إلى عشر سنوات''· وحذر من أنه لو أولى المتطوعون اهتماماً مبالغاً فيه بحقوق الإنسان لما تمكنوا من أداء مهامهم على النحو الصحيح والتصدي للتهديدات الأمنية التي تواجهها البلاد· سيث ميدانز- ماليزيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©