السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحركة الصدرية في العراق··· المعتدلون إلى الأمام

الحركة الصدرية في العراق··· المعتدلون إلى الأمام
11 ديسمبر 2007 00:16
راقب قائد المليشيا ''أبو مها'' فريسته عن كثب، فرأى الرجلَ وهو يقتني الملابس الفاخرة والساعات الذهبية ويكتسب لقب ''الماستر''· ثم قال ''أبو مها''، الذي كان مدججا بالأسلحة ويرتدي بذلة رياضية، لأتباعه الآن حان الوقت للتحرك ضد أحد رفاقهم· فحمل نحو عشرة منهم بنادقهم وقصدوا هدفهم؛ في هذه اللحظة، كان ''الماستر''، المتهم بالسقوط في الرذيلة بعد فترة دافع خلالها عن الشيعة بشراسة في العنف الطائفي بالعراق، على وشك أن يدرك أن العدالة في ''جيش المهدي'' صعبة جدا· خلال الأشهر الأخيرة، بات المقاتلون من أمثال ''أبو مها'' يضطلعون بدور جديد داخل ميليشيا رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، فبدلا من مقاتلة المتمردين السنة والقوات الأميركية، يقوم هؤلاء المقاتلون اليوم باستئصال ما يعتبرونها عناصر فاسدة في صفوفهم؛ ذلك أن الصدر، الذي تضم مليشياته ''جيش المهدي'' نحو 60000 عضو في صفوفها، يحاول أن يجعل من حركته عاملا سياسيا، أكثر جاذبية لأتباعه الذين تقدر أعدادهم بمئات الآلاف· وفي هذا الإطار، أعلن في أواخر أغسطس عن تجميد أنشطة ميليشياته لفترة ستة أشهر من أجل كبح العناصر الخارجة عن القانون بعد اشتباكات دموية مع مليشيا شيعية منافسة· وفي حال نجح الصدر في مسعاه، فيمكن أن يؤدي ذلك إلى عراق أكثر استقرارا على المدى القريب على الأقل؛ إذ يقول القادة الأميركيون إنهم متفائلـــون حتى الآن· إلا أنــه من غير الواضح حتى الآن ما إن كان الصدر يستطيع السيطرة على رجال يعتمد عليهم في فرض النظام من أمثال ''أبو مها''· وفي هذا السياق، قال المتحدث الرئيسي باسم الصدر الشيخ صلاح عبيدي: ''هدفنا خلال هذه الفترة هو إقامة نظام جديد، وجمع الأشخاص المهنيين والمتعلمين الذين لديهم معلومات جيدة، والذين يعتبرون عناصر جيدة ومخلصة في شبكاتنا الاجتماعية وتساعد الناس''· والواقع أن بعض الزعماء العسكريين المحليين يتبعون أوامر الصدر، إلا أن عددا من أعضاء ''جيش المهدي'' يقرون بأن آخرين يحيدون عن خط المليشيا، ويواصلون ارتكاب أعمال العنف الطائفي، ومهاجمة القوات الأميركية في بعض الأحيان· ظهرت حركة الصدر في 2003 كثقل مضاد للساسة المنفيين الذين وصلوا إلى بغداد مع الأميركيين؛ وبدأت مليشياته ''جيش المهدي'' في تقديم سلسلة من الخدمات الاجتماعية للفقراء في المدن، ومغازلة الأقلية السنية برسالة قومية لمقاومة القوات الأميركية· وعندما تطور العنف الطائفي إلى حرب أهلية في أوائل ،2006 شرع مقاتلوه -تقول بعض المصادر- في تعذيب وقتل المدنيين السنة باسم محاربة ''القاعدة في بلاد الرافدين'' التي حُملت مسؤوليةَ السيارات المفخخة ضد الشيعة· قام الصدر في مرات عدة بكبح جماح زعماء مليشياته، ومن ذلك إعلانه وقفا لإطلاق النار في يناير المنصرم لم يدم طويلا، حيث استمر العديد من أعضاء المليشيا في تنفيذ هجماتهم، وكان أتباع الصدر الأوفياء مترددين في مواجهتهم، ولكن الصدر عمد في أواخر الصيف الماضي وأمام مشكلة كبرى في مجال العلاقـات العامة إلى تغيير استراتيجيته مرة أخرى؛ فقد اتُّهمت قواته على نطاق واسع بالتسبب في اشتباكات مع منظمة ''بدر'' المنافِسة خلال مهرجان بمدينة كربلاء المقدســـة لدى الشيعة أسفرت عن مقتل خمسين شخصا على الأقل، وقد حُملت العناصر المارقة في المليشيا مسؤوليةَ العنف وتعهد الصدر بالقضاء عليها· اليوم، وعبر جميع أرجاء بغداد، يقوم رجال المليشيا الأوفياء لمكتب الصدر الرئيسي في مدينة النجف بملاحقة الخارجين عن المليشيا من أمثال ''الماستر''· وقد أنيطت بأبي مها، -وهو رجل عفيف وعنيف في آن واحد يفتخر بقتل السنة- مهمة فرض الأمن في حي الغزالية في بغداد· وصل ''الماستر'' إلى الحي الشيعي السني المختلط عام 2006 بهدف الدفاع عن الشيعة، وقد أقر ''أبو مها'' بأنه كان يشيد بجهوده في وقت من الأوقات، غير أن حي الغزالية أصبح منعزلا بين الشمال الشيعي والجنوب السني، ولم يعد ''الماستر'' يقوم بشيء لصالح الأهالي· وبدلا من ذلك، اهتم بشراء الملابس الفاخرة ومعاشرة العاهرات والاختطاف مقابل الفدية؛ جمع رجال ''أبي مها'' المعلومات حول انحلاله الأخلاقي، وفي أوائل نوفمبر قاموا بخطوتهم، عندما وصلوا إلى منزل ''الماستر'' -يقول أبو مها- وجدوا عاهرتين وعددا من المجرمين جالسين في غرفة المعيشة، وقالوا لرجاله إن ''الماستر'' على وشك قتل ابن عمه· خرج الرجال، واعتقلوا ''الماستر'' واقتادوه إلى مسجد مجاور حيث قاموا باستنطاقه وتعذيبه على مدى يومين، ويقول ''أبو مها'' إن رجاله ضربوا ''الماستر'' ببنادقهم، وأحرقوا جلدة رأسه بسجائرهم وكسروا ذراعيه وساقيه، ثم قال لـ''الماستر'' إنه مطرود من ''جيش المهدي'' وهدده بالقتل إن هو عاد إلى الغزالية· بعد ذلك -يقول أبو مها- ألقوا بـ''الماستر'' في صندوق السيارة وأوصلوه إلى منزله بحي آخر، ولم يسمعوا عنه أي أخبار منذ ذلك الحين· عموما، يبدو كبار القادة الأميركيون متفائلين إزاء عملية الإصلاح الجارية داخل حركة الصدر، والتي يرون أن المعتدلين يأخذون فيها مكان المتشددين؛ وفي السياق، يقول الجنرال ''ريموند أوديرنو'' -نائب قائد القوات الأميركية في العراق-: ''إننا نرى صراعا داخليا أكثر من أي وقت آخر· أعتقد أن الشيعة المعتدلين يريدون التقدم إلى الأمام، إنهم لا يريدون أن يكونوا تحت سيطرة مجموعة تهدد وتبتز وتقوم بكل تلك الأشياء الأخرى التي تجعل الناس بؤساء''، مضيفا ''إن ما نراه اليوم هنا هو انقسام داخل الحركة الصدرية!''· نيد باركر- بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©