الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

كوريا... فترة رئاسية ثانية في الإكوادور

4 مايو 2009 23:15
منذ أن فقد زوجها عمله في إسبانيا كعامل بناء وتوقفت الحوالات المالية التي كان يبعث بها إلى الإكوادور تصر''إديثا ماتيلو'' على دعم الرئيس ''رفائيل كوريا'' أكثر من أي وقت مضى، معبرة عن تأييدها ذلك بقولها وهي جالسة مع أبنائها بأحد الأحياء الفقيرة في العاصمة ''كويتو'': ''إنه الوحيد الذي يهتم بالفقراء، ولولا الإعانات التي يقدمها لما استطعنا سد حاجاتنا الأساسية''• ويمكن لهذه الكلمات أن تتردد في أكثر من دولة بجنوب أميركا مثل فنزويلا، حيث ضخ شافيز مليارات الدولارات في شرايين البرامج الاجتماعية الموجهة للفقراء، أو في بوليفيا التي منح فيها إيفو موراليس سلطات غير مسبوقة للسكان الأصليين لتخليصهم من الظلم الذي وقع عليهم لفترة طويلة، وربما كان ذلك التعاطف مع المحرومين في الإكوادور هو ما جعل الرئيس ''كوريا'' متقدماً في استطلاعات الرأي التي أجريت في الأسبوع الماضي حول الانتخابات الرئاسية وهو ما أكده كوريا بفوزه في الانتخابات الرئاسية التي أجريت الأحد الماضي• لكن وبخلاف باقي الرؤساء في المنطقة، من الصعب تصنيف رئيس الإكوادور ووضعه في خانة محددة، إذ بالرغم من خطابه الناري المنتقد للولايات المتحدة، وبرامجه الاجتماعية التي تنسج على منوال ''اليسار'' في أميركا اللاتينية يرى العديد من المراقبين أن ''كوريا'' لا ينتمي إلى ''اليسار'' ولا إلى ''اليمين''• وفي هذا السياق، يقول ''أوجوستو تاندازو''، أحد مستشاري ''كوريا'' خلال حملته الانتخابية في العام 2006: ''يرسل كوريا إشارتين مختلفتين فهو كمن يقود سيارة فيعطي إشارة اليسار لكنه ينعطف إلى اليمين، إنه يعتمد خطاباً مزدوجاً ينطوي على الكثير من التناقض لذا من الصعب معرفة ميوله السياسية''• فعلى امتداد فترة رئاسته الأولى عمد ''كوريا'' إلى زيادة الدعم الموجه للفقراء، كما استثمر في قطاعي الصحة والتعليم ومشاريع البنية التحتية التي توفر فرص العمل، وفي السنة الماضية قام أيضاً بإعادة صياغة الدستور الذي أعطى للدولة سيطرة أكبر على الاقتصاد• وأكثر من ذلك تخلف عن سداد الديون الخارجية المستحقة على بلاده، معتبراً أنها جائرة وقام بطرد دبلوماسيين أميركيين بسبب تدخلهم في شؤون الإكوادور، ناهيك عن تودده للرئيس الإيراني، ورفضه تجديد عقد استغلال قاعدة ''مانتا'' للجيش الأميركي• كل هذه العوامل ساهمت في دفع ''كوريا'' إلى صدارة السباق الانتخابي بعدما أشار استطلاع للرأي أُجري مؤخراً حصوله على ما لا يقل عن 50 في المئة من الأصوات، فيما لم يتمكن منافساه الرئيسيان، ''ألفارو نوبوا''، والرئيس السابق ''لوسيو جوتيريس'' من مجاراة شعبيته الكاسحة، وهو ما تأكد بعد فوزه في الانتخابات• وعن هذه الشعبية التي يتمتع بها الرئيس لدى الرأي العام يقول ''بابلو أندرادي''، المحلل السياسي بجامعة سيمون بوليفار بالعاصمة كويتو ''تشعر الطبقات الدنيا بأن ''كوريا'' انتقم لها من أصحاب السلطة، ومع أن مفهوم اليسار ليس واضحاً في الإكوادور، إلا أن الجزء المتمثل في انتقاد النيوليبرالية يمكن رصده في سياسات الرئيس''• لكن وفي الوقت نفسه حافظ ''كوريا'' على مسافة تفصله عن زعماء ''اليسار'' في المنطقة، فهو لم ينضم إلى المبادرة البلويفارية للأميركيتين التي أطلقها شافيز باعتبارها البديل عن اتفاقية التجارة الحرة التي تسعى أميركا إلى إقرارها مع دول المنطقة، وفيما انتقد الرئيسان شافيز وموراليس المؤسسات المالية الدولية التجأ ''كوريا'' إليهم طلباً للقروض والتمويل• وفي الوقـــــت الذي يتحـــدث فيـــه شافيز عن اشتراكيـــة القرن الحادي والعشرين، يستلهم ''كوريا'' أفكــــاره من تقاليـــده الكاثوليكية ومعروف أن ''موراليس'' ينحدر من الحركة النقابية في بلاده على غرار الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، بينما يعتمد ''كوريــــا'' بشكــــل أكبر على دائرة ضيقـــة من الأصدقاء• وفي هذا الإطار يقول ''فرناندو سانتيس''، محلل سياسي في العاصمة الإكوادورية: (لا أعتقد أن ''كوريا'' ينتمي إلى اليسار في أعماق قلبه، لكنه يدرك ما تلْقاه الأفكار اليسارية من صدى واسع في الإكوادور، والحقيقة أنه شخص مليء بالتناقضات، فمن جهة تحركه كراهيته للطبقات الحاكمة، لكن من جهة أخرى عليه كمسيحي ينتمي للمذهب الكاثوليكي أن يسامح أعداءه••• وهو يهاجم البنوك كل يوم، ومع ذلك لم يتدخل في أسعار الفائدة، لذا نجده يتحدث كـ''يساري'' دون أن يتصرف كواحد منهم)• ويعتقد بعض المراقبين أن هذه الصعوبة في تصنيف ''كوريا''، هي ما دفعت الناس للالتفاف حوله لأنه حسب البعض مثل قطيعة مع الأحزاب التقليدية التي عرفتها البلاد، فضلا عن نظافة يده، وعدم تورطه في أعمال الفساد المنتشرة في أوساط السياسيين• غير أن سياسته الداعمة للطبقات الفقيرة وانحيازه لهموهم قد تواجه مشاكل حقيقية في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية وتأثيرها السلبي على المواطنين، لاسيما بعد تراجع الحوالات، التي كان يبعث بها العمال في الخارج، وانخفاض أسعار النفط، ولأن الإكوادور تعتمد الدولار الأميركي كعملة رسمية، فهي غير قادرة على طباعة المزيد من الأوراق المالية، أو حتى تخفيض قيمتها لدعم صادراتها• ويوضح هذا الأمر ''لاري بيرنز''، مدير معهد مجلس شؤون الجزء الغربي للكرة الأرضية بواشنطن قائلا ''إلى حد الآن كان ''كوريا'' ناجحاً في سياسته القومية والمستقلة، لكن شعبيته قد تتعرض لانتكاسة كبيرة إذا تراجع الاقتصاد''• سارة ميلر لانا- الإكوادور ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©