الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خرجنا من الاسطورة لنمنح الحياة ألواناً زاهية

خرجنا من الاسطورة لنمنح الحياة ألواناً زاهية
12 ديسمبر 2007 23:19
لطالما شكلت المرأة موضوعاً للوحة التشكيلية، وكثيراً ما قنعت بأن تكون موديلاً يستوحي منه الفنانون الذكور مقومات الالهام، فماذا عنها عندما تقبض على الريشة لتصنع لوحتها الخاصة؟ وهل يمكن الحديث عن خصوصية ما تحيط بواقع الفنانة التشكيلية في الإمارات؟ هل تمكنت المرأة من مجاراة الرجل في سياق فني ظل لفترة طويلة حكراً عليه؟ هل يفرض الانتماء الانثوي على الفنانات قوانين إبداعية خاصة؟ واستطراداً هل ثمة مناطق محظورة عليهن؟ فنانات تشكيليات من الإمارات تجبن عن هذه الأسئلة وتسلطن الضوء على تجاربهن الإبداعية: الفنانة والناقدة التشكيلية هدى سعيد سيف تقارب الموقف بالقول: ''المرأة عند اليونانيين عبارة عن أسطورة خيالية تسمى (باندورا) (Pinndora) أي ينبوع جميع آلام الإنسان ومصائبه، كذلك أعطى الرومانيون الرجل الشعلة لكي يرى بعينيه بينما المرأة تحكمها ظلمة الرجل الأبدية المقترنة بالشهوات الفردية· ولا نغفل عن حضارة الهند التي تميزت بالطابع الديني، لكن مصير المرأة فيها ارتبط بالرجل، فكانت تحرق مع زوجها عند وفاته كأنها تزف إليه وهو ميت''· وتوضح قائلة: ''إن ارتباط المرأة بالفن ارتباط وثيق، فقد كانت تنظر للعالم على الرغم من قسوة المجتمع نظرة مملوءة بالجمال والألوان، ومع دخول عصر التكنولوجيا بدأت تستخدم إبرة ممغنطة لكي تخط ذاتها عبر الملصقات والصور المتحركة، فلم تكن التكنولوجيا عائقاً أمام الرسائل التي ترسلها من الداخل إلى أحضان الفن الذي كان وما زال العالم المتفهم لحقيقة المرأة وحقوقها''· ابتسام عبد العزيز: الخروج على الذات الفنانة ابتسام عبد العزيز ترد بالقول: ''بدأت الفنانات والفنانون في الإمارات بالتحول إلى التخصص والاحتراف التدريجي، من خلال الخطط والاستراتيجيات التي وضعتها الدولة وصولاً إلى الدور المؤسساتي لا سيما الوزارات التخصصية، تماشياً مع التغييرات المجتمعية التي تعكس التغيير العمراني والحضاري والتطور المشهود''، وعن تجربتها تقول ''التحقت بالحياة العلمية والمعرفية التي خرجت منها بشهادة دراسية، واستطعت أن استفيد منها في مجال الفن والعمل، كما أنني فتاة عاملة ولست متفرغة بشكل تام للفن، فأنا مديرة لمركز متخصص بالفنون''· وتضيف: ''لقد عكست أعمالي تحرير الفنان تماماً إزاء الموضوع إذ تعبر أغلبها عن تبديل كبير في رؤيتي كفنانة في تعاملي مع الفكر وصلته بهذا الواقع، حيث أحولها إلى نتاج فني بطرق تجريبية، فالفنان ليس معزولاً عن الحوادث الإنسانية المتعاقبة التي تتولد في تجربة الحياة الواقعية، وأصبح العمل الفني يعاد إنتاجه على درجات ومستويات متعدده، فأصبحت أتساءل عن الشيء وقيمة الشيء التي تجعل الموضوع أو الممارسة عملاً فنياً، مما دفع غالبية أعمالي إلى التناغم مع طبيعة العصر، وتلبية الحاجة الملحة للاطلاع على اتجاهات الفنون المعاصرة، كذلك لجأت إلى معالجة الموضوعات الحياتية اليومية مثل الحياة، الموت، الشقاء، السعادة، الغيرة، الحب، الكره وغيرها من الأمور الإنسانية التي تواجهنا كل يوم في حياتنا الحاضرة، وأغلب القضايا التي ناقشتها في عملي هي قضايا إنسانية، سياسية، اجتماعية وثقافية، وليس هناك قضية محددة تخص المرأة''· وتتابع: ''هنا أود الإشارة إلى أن دور الفنانة في الفن لا يختلف عن الدور الذي يؤديه الرجل، ففي الفن دوافع الفنان هي البحث عن الذات، والفنان يبحث عن ذاته وعن طريق إنتاج عمله الفني، وفن اليوم صار أكثر تجرداً، وذلك لأن الفنان المعاصر أكثر تعقيداً، والفن الحديث المعاصر بجميع أشكاله إنما هو ردة فعل للشعور المتزايد بالرغبة في التعبير، والخروج من العزلة، فالفنان اليوم يعبر من خلال إبداعاته الفنية عن موقفه الوجودي وموقفه من نفسه وقيمته وموقفه من العالم الذي يعيش فيه''· حسناء أبوبكر: تطور نوعي أما الفنانة حسناء أبوبكر فتقول: ''للفنانة التشكيلية الإماراتية دور لا يستهان به في إثراء الحركة التشكيلية في الدولة، وهذا نلحظه في الأعداد المتزايدة باستمرار للأسماء الجديدة لفنانات يظهرن على ساحة التشكيل ليس في العدد فحسب، بل أيضاً في كم ونوعية الأعمال التي تنتجها الفنانات، والأهم من ذلك كله مشاركة الفنانة الإماراتية في المعارض الفنية محلياً وعربياً ودولياً''· وتصف حقيقة الموقف بالقول: ''أثناء قيامي بدوري كنائبة رئيس مجلس الإدارة في مركز دبي العالمي للفنون كان هناك دائماً عدد من الإماراتيات في المركز أكبر بكثير من عدد الفنانين الذكور· وهذا الأمر يعود إلى أسباب عدة أهمها: الإحساس بأهمية الفن التشكيلي في المجتمع بصورة عامة، ودور القيادات النسائية في دعم الفن بصور مختلفة عبر إقامة المعارض، وكذلك التوجه العام لدولة الإمارات لتحويلها قبلة للفنون في الشرق الأوسط، واستقلالية المرأة بشكل عام، ما أدى إلى تزايد ثقتها بنفسها وإثبات وجودها وإبراز إبداعها حيثما أمكن مع الاحتفاظ باحترامها· كما أثر إنشاء الجامعات والمعاهد التي تقدم تخصصات ومساقات وشهادات في الفنون الجميلة في تشجيع الفنانة على المساهمة بدور مهم في هذا المجال، وتطوير مواهب الموهوبات أيضاً، عبر قنوات ووسائل عدة مثل توفير دورات في الفن في أمكنة مختلفة وأوقات تناسب النساء مثل جمعيات النهضة النسائية وأندية السيدات والفتيات وكذلك المراكز المعروفة للفن''· بالنسبة إلى الاختلاف في التشكيل الإماراتي، ترى أن هناك اختلافات بين الفنانين، ''لكنني لا أجد اختلافاً بين ما تنتجه الفنانات وبين ما ينتجه الفنانون الذكور، فالاختلافات هي من فنان إلى آخر وفردية الطابع، ولكل فنان عالمه وشخصيته وميوله التي تنعكس بالطبع على عمله الفني''· سوسن خميس: التنافس والتكامل الفنانة التشكيلية سوسن خميس تنفي وجود فوارق بين المرأة والرجل في العمل الإبداعي، ''فكلاهما له دور مهم في المنظومة الثقافية، والفنانة التشكيلية الإماراتية تُعامل المعاملة نفسها التي يلقاها الفنان الرجل، كما أن الدولة تقوم بتدعيم جهود الفنانين التشكيليين والفنانات التشكيليات بالقدر نفسه من المساواة''· أما أهم معوقات حركة الفن التشكيلي في الإمارات فيتمثل، وفقاً لرأيها، بعدم وجود تعاون وتنسيق بين المؤسسات العاملة في الحقل الثقافي في الدولة، ''فالعلاقة بين تلك المؤسسات هي علاقة تنافس فقط، وليست علاقة تكامل وتعاون، وهو ما ينعكس سلباً على المشهد الثقافي بوجه عام''· وإذ أثنت الفنانة خميس على قرار مجلس الوزراء بتفريغ الكتاب والمبدعين، فقد طالبت بضرورة وضع ضوابط تضمن استمرار الفنان في العملية الإبداعية بعد تطبيق هذا القرار، داعية إلى ضرورة الاهتمام بالجيل الجديد من خلال الاهتمام بتدريس التربية الفنية· نوال العامري: اهتمام متصاعد أما التشكيلية نوال العامري فتقول عن واقع الفنانات التشكيليات في الإمارات: ''أصبح هناك اهتمام متصاعد من جانب المؤسسات الثقافية بالدولة بأعمالهن التشكيلية، وهو ما لم يكن متوافراً في السابق، حيث يتم الآن طلب أعمالهن للمشاركة في العديد من المعارض المحلية، مما يُعد نجاحاً لهن'' وترى أن إقامة المعارض الخارجية يُعتبر عاملاً مهماً في التعريف بالفن التشكيلي الإماراتي على الصعيد الثقافي العالمي، وهو ما يتطلب مساندة ودعم الدولة من أجل إقامة معارض جماعية للفنانات التشكيليات الإماراتيات في الخارج· علياء السويدي: التراث دائماً وفي السياق ذاته تقول الفنانة التشكيلية علياء السويدي، إن عمل المزيد من المعارض سواء بالداخل أو الخارج من شأنه المساعدة على إبراز الهوية الخاصة بالفن التشكيلي الإماراتي، لاسيما وأن معظم هذه الأعمال مستمدة من التراث الشعبي الإماراتي، وهو ما يؤكد خصوصية الفن التشكيلي الإماراتي· وتشير إلى أن الاستغراق فى المحلية والغوص في التراث يعتبر أفضل السبل لنجاح الحركة التشكيلية الإماراتية، مع عدم إغفال الاطلاع على التراث الفني العالمي، وهو ما تحاول الدولة عمله من خلال استقدام الفنانين التشكيليين من مختلف دول العالم وإقامة معارض فنية لهم في الإمارات، وتشيد الفنانة بالمنح التي تقدمها الدولة لإقامة معارض للفنانين التشكيليين الإماراتيين، وتَعتبر ذلك دفعة هائلة للفنانات التشكيليات، وحافزاً لهن على إقامة المزيد من المعارض· وتتعجب الفنانة السويدي من إغلاق كلية التربية الفنية في جامعة الإمارات، وتدعو لإعادة النظر في هذا القرار، لأنها تؤمن بأن الموهبة عندما يتم صقلها بالعلم تعني نجاحاً مؤكداً للفنان، وهو ما ينعكس إيجاباً على الحركة الثقافية بشكل عام· هدى الجنيبي: فجوة زمنية من جانبها الفنانة التشكيلية هدى الجنيبي تقول: ''أنا أسعى من خلال أعمالي الفنية إلى توصيل رسالة للأجيال المقبلة تتمثل في التعريف بتراث الآباء والأجداد، بحيث لا يكون هناك فجوة بين الأجيال الصاعدة وماكان عليه الآباء والأجداد، وأقوم بذلك من خلال رسم وتصوير مشاهد الحياة المختلفة التي كان يعيشها الأسلاف''· وترى أن هناك دعماً كبيراً من الدولة للفن التشكيلي، من ملامحه الأبرز وجود مرسم حر داخل المجمع الثقافي في أبوظبي، حيث يتوافر هناك المناخ الملائم للإبداع، وقد ساعد وجوده على ظهور العديد من الفنانات التشكيليات الإماراتيات· وتعرب الجنيبي عن أملها في أن تكون إحدى هؤلاء اللواتي يسعين لتوصيل الفن التشكيلي الإماراتي إلى العالم، وكذلك تطمح إلى إكتساب المزيد من الخبرة من خلال الاحتكاك بالمدارس الفنية المختلفة، وهذا لا يتأتى إلا بالمشاركة في المعارض الفنية العالمية· نجاة مكي: سعي لإثبات الذات أما الفنانة التشكيلية الدكتورة نجاة مكي، فترى أن دور الفنانة التشكيلية فى المجتمع الإماراتي لا يقل عن دور الفنان، لأنهما يشكلان معاً منظومة واحدة تهدف إلى الرقي بالفن والتعريف به من خلال الحوار المشترك، سواء فى شكل جماعات فنية أو عقد ندوات بين الحين والآخر، وترى أن الفنانة التشكيلية الإمارتية تسعى إلى إثبات ذاتها من خلال طرح التجارب الفنية المتعددة، والمشاركة في المعارض وورش العمل سواء داخل الدولة او خارجها، وهو ما يفيد التشكيليات الإماراتيات في الإطلاع على تجارب الآخرين والاستفادة منها بشكل يتماشى مع التطور الحضارى والفني· وعن الطموح تقول د· نجاة مكي: إن طموح الفنان التشكيلي لا يختلف عن طموح أي مبدع، وهو الوصول الى الرضا النفسي عن العمل الذي يقدمه· وفي إطار الحديث عن طموحات الفنانات التشكيليات الإماراتيات، وسعيهن للاستفادة من التراث الفني العالمي، تؤكد الدكتورة مكي، أن هناك فرصة متوافرة للفنانات الإماراتيات للاستفادة من ذلك التراث، من خلال المعارض التي تقام في الدولة والتي تأخذ صفة العالمية باشتراك فنانين لهم أسماء مرموقة فى عالم الفن والإبداع· وترى أن وجود بينالي الشارقة يعتبر نقطة تحول مهمة في تاريخ الفن الإماراتي حيث يتم من خلال دوراته التعرف إلى التراث العالمي، كذلك هناك معارض للفنون تقام كل عام في دبي، فضلاً عن المعارض الفنية التى يستقبلها المجمع الثقافي في أبوظبي بشكل شبه دائم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©