الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يوميات شعرية للرئيسة الأرملة

يوميات شعرية للرئيسة الأرملة
12 ديسمبر 2007 23:24
كتاب ''النهار والليل'' هو مجموعة من القصائد جلّها في غرض الرثاء، عدّدت فيها أنيسة بومدين مناقب زوجها الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، ووصفت فيها فجيعتها وحزنها ولوعتها، لذلك جاءت قصائدها نابعة من أعماقها، تعبيراً عن فيض مشاعر الألم على فراق رجل أحبته واختطفه منها الموت· صدرت المجموعة الشعرية باللغة الفرنسية تحت عنوان: ''النهار والليل''، عن دار نشر باريسية ''سان جرمان دي بري''، وضمّت 85 قصيدة، النهار يرمز في العنوان الذي اختارته الشاعرة لديوانها إلى حياة السعادة والهناء لامرأة مع زوجها قبل رحيله، أما الليل فإلى الموت والفجيعة والفراق· اعتراف متأخر بالحب بالرغم من مرور فترة من الزمن على صدور هذه المجموعة، فإنّ أهميتها تنبع من قيمة الشخصية المرثية، وفي كشفها عن جوانب خاصة في شخصية الرئيس الجزائري الراحل، حتى تكاد تكون يوميات شعرية لزوجة رئيس سابق· ففي قصيدتها: ''إلى زوجي'' تصّور الرئيس وهو منهمك بين ملفاته، فلا راحة ولا إجازة، تقول: ''أشهد أمام الله والناس أنك لم تكن تخلد للراحة أبداً، وأنك كنت تقضي الليالي منكباً على ملفاتك''، كما تصف في قصيدة أخرى ''نظراته الملأى بالحب للفقراء والمحتاجين''، وأحاديثه التي تصفها بأنها ''بلسم للقلوب الجريحة وللمعذبين في الأرض''· ولا تخلو بعض القصائد الأخرى من التعبير عن الحب وحتى الغزل بالحبيب، فأنيسة بومدين تنزع ثوب زوجة الرئيس، لتصبح امرأة عادية تعبر عن أحاسيسها بكل صدق وحرارة· اغتيال مدبر كان هواري بومدين واسمه الحقيقي محمد بوخرّوبة، قد توفي في السابع والعشرين من شهر ديسمبر ،1978 حيث تدهورت صحته فجأة ممّا استدعى وقتها نقله إلى أحد المستشفيات السوفييتية لعدة أسابيع ثم عاد إلى بلده وتوفي به، وراجت إشاعات تدعي أنه تعرض إلى تسمّم· تزوّج الرئيس الراحل، وهو في الثانية والأربعين من عمره ''عام ''1973 من أنيسة المنصالي، وكانت تعمل محامية، ولم يعش معها إلا خمس سنوات، ولم تنجب له أطفالاً، وقد أكدت أنيسة بومدين في شهادة أوردها الصحفي والكاتب الفرنسي الشهير بول بالطا على لسانها ''أنها تزوجت بعد قصة حب طويلة''· كما وصف الكاتب نفسه الرئيس الراحل استناداً إلى شهادة زوجته بأنه ''كان خجولاً مع عزة في النفس، ومتحفظاً مع إرادة قوية''، وهي المعاني نفسها التي ترددت في كثير من قصائد الديوان· ومما يزيد من أهمية هذه المجموعة الشعرية، أن الأرملة أكدت أنها تتكهن بأن يكون زوجها قد ذهب ضحية اغتيال مدبر، إذ قالت في حديث صحفي لجريدة جزائرية: ''إن الملف الطبي لزوجي ما زال تحت خانة (سري)، وأنا لا أستبعد أن يكون قد اغتيل''· ذكريات غير مرغوب فيها في قصيدة عنونتها ''السفينة'' صورت أنيسة بومدين لوعتها وشبهتها بالسفينة التي لا ترسو في موانئ الجزر الحالمة المزروعة ورداً وريحاناً، إنما تعبر البحر، يدفعها شراع كالكفن نحو موانئ لا شمس فيها· وتبدو الشاعرة صابرة ومتجلدة حيناً، وأحياناً أخرى ضعيفة لكنها منحنية دائماً أمام القدر والموت والقضاء المبرم· وفي الديوان تأملات في الحياة والموت من منظور يعكس إيمان الشاعرة القوي· وفي قصيدة أخرى، تتوسل الشاعرة ذكرياتها كي تمحى وتغادر وجدانها وترحل عنها إلى الأبد، وتشبّه ذكرياتها بالمطرقة التي تغرس مسامير مؤلمة في قلبها· بل وتذهب إلى حد التمني بأن يتم انتزاع قلبها طلباً للراحة من ألم الذكريات، وقد تضمنت المجموعة قصائد تصور فيها الشاعرة جولاتها الرومانسية مع زوجها، وهما ينصتان إلى العصافير ويستمتعان برؤيتها وهي تحلق عالياً، لتخلص إلى مناجاة الراحل لتخبره أن أمنيتها أن تلتحق به· كما تحملنا بعض القصائد إلى أجواء الجنازة والحداد الوطني·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©