الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سِقْط اللِّوَى···مكانة الشعر

سِقْط اللِّوَى···مكانة الشعر
12 ديسمبر 2007 23:29
لقد أسالت مسابقة أمير الشعراء- التي نظّمتْها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وأذاعت حلقاتها العشر المباشرة قناة أبوظبي، وقنوات أخرى- كثيراً من الحبر، وأثارتْ كثيراً من ردود الفعْل بعضها طيّب وودّيّ، وبعضها الآخر خبيث ومُعادٍ· ولقد بلغ الأمر ببعض الهيئات في المشرق، وفي بلاد المغرب أيضاً، أن أزمعتْ تنظيم مسابقة في الشعر الفصيح والشعبيّ معاً، ودون جوائز ماليّة تقدَّم للمتسابقين··· من حيث نعلم بأنّ الرسول عليه الصلاة والسلامُ حين ألقَى الشاعر كعب بن زهير في مسجده قصيدته اللاميّة العجيبة كساهُ بُردته المباركة··· أفيشجِّع خيرُ البشر الشعراءَ، ولا تشجّعهم الدّول والهيئات، تحت علل واهية، ومبرّرات خاوية!؟ إنّ مسابقة أمير الشعراء بعثت الشعر العربيّ من مرقده، وأيقظتْه من سُبَاته، وجعلت الشعراءَ العربَ من موريتانيا إلى عُمَان يتحرّقون للمشاركة في هذه المسابقة لعلّهم يظهرون فيها للنّاس فيُلقون أشعارهم في قناة أبوظبي المجيدة، فتملأ أصواتهم أقطار الوطن العربيّ الكبير· وفي ذلك تنويه بصِيتِهم، وتكريم لمكانتهم، وتلميع لأسماعهم· وهو وحده كافٍ لأن يحفّز الشعراءَ العربَ على أن يتنافسوا ويتسابقوا ليصلوا إلى المراحل المتقدّمة من هذه المسابقة العجيبة· ولنتصوّرِ الشعراء الخمسة الذين بلغوا نهائيّ المسابقة- وقل كلّ الشعر الخمسة عشر- وقد شاهدهم عشرات الملايين من النظّارة العرب في مختلف القارات الخمس، فسمع الناس أصواتهم، وحفِظوا أشعارهم، وتعرَّفُوا أشخاصَهم فأمسَوْا، بفضل ما أتاحه لهم هذا البرنامج، نجوماً لامعين، من حيث لم يكونوا من قبل معروفين لدَى أكثرَ من بضعة آلاف من القرّاء في أحسن الأحوال··· إنّ الذي أوجد هذه الفكرة الطّيّبة، ثمّ جسّد مشروعها حتّى اغتدى فِعْلاً ماثلاً، لَهو من الخيِّرين الطّيّبين، لأنّه أعاد للشعر العربيّ ألَقَه ومكانته، ودورَه ومنزلته في المجتمع العربيّ الذي يهوَى الشعرَ أكثرَ من أيّ فنّ آخر· وبينما كان يتخوّف بعض الناس من أنّ المشاهدين العرب لا يتذوّقون الشعر الفصيح لانتشار الأمّيّة وتخلّف التعليم الراقي بين الناس في العالم العربيّ، فوجئ الجميع- منظّمون وشعراء وحكّام أيضاً- أنّ جمهور الشعر الفصيح لا يقلّ عن جمهور كرة القَدم··· ومن عجب أنّي حين عدت إلى الجزائر لاحظت أنّ متوسطي الثقافة وعامّة الناس هم أكثر مشاهَدةً لهذا البرنامج الشعريّ الجميل· كما أنّي لاحظت أن الشباب الجامعيّين هم أكثر مشاهدةً من سواهم من الشباب، بل فوجئت حين كان بعض الزملاء في الجامعة ممّن يدرّسون اللّغات الأجنبيّة كالإنجليزيّة والألمانيّة والفرنسيّة يعلّقون على البرنامج ويبدون إعجاباً شديداً به حين يلقَونني· فمن كان يصدّق أنّ مثل هذا يحدث، فأحكام الناس في العادة كثيراً ما تكون مسبقَةً، وإنّما الفعل هو الذي يجسّد الحقائقَ ويموقعها في مواقعها الصحيحة··· وكذلك أثبت برنامج أمير الشعراء، أنّ الشعر العربيّ لا يزال هو الفنّ الأوّل عند العرب في مشارق الأرض ومغاربها، وأنّ عامّة النّاس تستهويهم البرامج الثقافيّة والأدبيّة الرفيعة فيحاولون الرقيّ إلى مستواها لتذوّقها والتشرّب بها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©