الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأولة في الغرام أو اللعب بعيداً عن الكبار

الأولة في الغرام أو اللعب بعيداً عن الكبار
12 ديسمبر 2007 23:30
سينما حقيقية، بلا عقد، وحدوتة بسيطة ممتعة بصرياً وعقلياً، تثير دهشتك بالبساطة وخفة الظل وعمق الرؤية، إنها واحدة من الكوميديات الراقية للكاتب والسيناريست وحيد حامد· وبغض النظر عن المنطق فقد نجح في أن يقدم تجربة غير متوقعة منه في هذا التوقيت الذي بدأ فيه أفول نجم كوميديا والافيهات والعبث السينمائي، ليعطي درساً في كوميديا الموقف من خلال ممثلين غير مصنفين ككوميديانات· فيلم ''الأولة في الغرام'' قصة وسيناريو وحيد حامد وإنتاجه وإخراج محمد علي في تجربته الثانية بعد ''لعبة الحب'' وبطولة هاني سلامة ومنة شلبي واحمد راتب وجميل راتب ودرة التونسية وحجاج عبدالعظيم وجيهان قمري والديكور لصلاح مرعي والمونتاج شريف عزت· الذهاب الى البساطة يبدو وحيد حامد وكأنه اختار اللعب في منطقة جديدة بعيداً عن مناوشة الكبار· فقد ساق من خلال السيناريو حدوتة بسيطة لفتى ثري مدلل تخلى عن كل القيم· ولا يعبأ إلا بنفسه ورغباته هو ''عمرو السيوفي'' أو الفنان هاني سلامة، الذي يجد نفسه في ورطة كبيرة حيث خسر، بسبب همجيته وحياته البوهيمية، ثروته الضخمة وشركته السياحية ويواجه حكم السجن 17 عاماً وقرر الهرب خارج البلاد حتى لا يدخل، وهو سليل العائلة العريقة، إلى السجن· وعلى الرغم من أنه الوريث الوحيد لعمه رجل الأعمال المسن ـ الفنان جميل راتب ـ والذي يخشى المرض بصورة مضحكة، فإن عمه غضب عليه وقرر عدم مساعدته في أزمته مؤكداً لمحاميه ''نفاد رصيده'' من التسامح، وهكذا لا يجد ''عمرو'' من يساعده سوى ''سندس'' منة شلبي التي تعمل موظفة لديه، وتوفر له مخبأ في احدى المناطق العشوائية التي يحكمها احمد راتب، وتضم فئات مختلفة من الهاربين من احكام وبعض اللصوص· حيث الكل يخضع لقوانين ''مولانا أحمد راتب'' الصارمة والمنظمة لشكل الحياة في هذا العالم السفلي، الأكثر تنظيماً من العالم الفوقي الذي طغت الفوضى والانفلات على ملامحه، والذي نرى فيه الضابط المكلف القبض على هاني سلامة وهو يحاول الدخول في مغامرة عاطفية مع ''سندس''، منة شلبي، كأنه مراهق يبحث عن تجربته الأولى· كما نرى سيارات البلدية تمر لتضع الزهور وتتأكد من نظافة الشوارع قبل مرور موكب رئيس الوزراء وبمجرد مرور الموكب تقوم البلدية سريعاً بجمع تلك الزهور· رحلة الى العالم السفلي يدخل ''عمرو السيوفي'' عالماً جديداً عليه ويعيش مغامرات مثيرة أثناء رحلة هروبه، ويضطر إلى كنس الشوارع ويركب عربة ''كارو'' كما يختبئ في قصر ''سوزي''، احدي معشوقاته السابقات، الفنانة جيهان قمري، والتي سبق أن اشترى لها فيلا باسمها· لكنها تجعله مسؤولاً عن كلابها في مقابل استضافته وإخفائه حتى تبرر وجوده أمام زوجها الثري وباقي الخدم، وسرعان ما تتخلى عنه مفضلة الكلاب عليه· ولعل اصعب اختبار عاشه'' عمرو السيوفي'' أو هاني سلامة في هذه الرحلة التي حاول فيها التخفي والهروب من السجن، يتجسد في تجربته مع ''ونيسة''، أو درة التونسية، الفتاة الجميلة المتفجرة بالانوثة، والتي ما يكاد يقترب منها حتى يأتيه تحذير من احد سكان مملكة ''مولانا''، وهو رجل قعيد يلعب دوره حجاج عبدالعظيم، يخبره بأن ''ونيسة'' هي اخت ''مولانا'' ومن يقترب منها يفقد أعز ما يملك كرجل، هكذا يتراجع ''عمرو'' عن عادته في الانجراف وراء نزواته ويقرر غض البصر والالتزام بالنظر في الأرض كلما اقتربت منه ''ونيسة''· وتمضي الأحداث ويتعرض ''عمرو'' للكثير من التجارب، ويتعرف إلى العالم الحقيقي ويأخذ درساً لا ينسى ويتغير ويقرر أن يتحول إلى شخص يتحمل المسؤولية، ويقرر الزواج من ''سندس''، لكنه يكتشف في النهاية انه كان يعيش مسرحية نسجها عمه وشارك فيها الجميع بما فيهم ''مولانا'' و''سوزي'' عشيقته السابقة و''ونيسة'' والرجل القعيد الذي يتضح انه زوجها، وكذلك ''سندس'' وفي مشهد مبهج تأتي النهاية بظهور الأبطال في صور متتابعة على الشاشة ويضاء المكان وتنطلق الألعاب النارية ويرقص ''عمرو'' مع ''سندس'' بعد ان طلبها للزواج· تقييم اداء هاني سلامة لشخصية ''عمرو السيوفي'' يؤكد ذكاءه كفنان حريص على التنوع وبعيد عن الاستظراف، لذلك كان صادقاً ومقبولاً في أدائه الكوميدي· أما منة شلبي فقد استخدمت أدواتها كممثلة بلغت مرحلة مهمة في مشوارها، وعلى الرغم من تشابه شخصية ''سندس'' التي جسدتها مع بعض أدوارها في أفلام سابقة، فقد أضافت أبعاداً وملامح مميزة جعلتها لا تكرر نفسها· وكعادته كان احمد راتب عملاقاً في تجسيد شخصية ''مولانا''، وتنوع أداؤه بين الشر والضعف والكوميديا لتأتي رسالة الفيلم على لسانه وهو يقول بحكمة وبساطة إن كل منطقة لها كبير وأن قدراته في النهاية محدودة بقدرات من هم أكبر منه· أما التونسية ''درة'' فقد حصلت على فرصة العمر وعليها استثمارها· رسائل مهمة ومعانٍ متنوعة يمكن لعشاق الفن السابع التقاطها واستقبالها من كل المستويات الثقافية من دون أن يفقد أي منهم الاحساس بالبساطة والاستمتاع طوال أحداث فيلم ''الأولة في الغرام''· وحقق وحيد حامد كمنتج طموحه كسيناريست توافرت له عناصر الإنتاج الجيد ليقدم رسائل عديدة لا تخلو من لدغات ساخرة· كما استطاع المخرج محمد علي أن يؤكد أسلوبه في تقديم سينما بسيطة مبهجة تبتعد عن التعقيد، واختار أن يجعل من المكان بطلاً، واحتفظ المشاهد بعنصر المفاجأة والدهشة من خلال نقلاته السريعة ومواقع التصوير التي اختارها· أما المونتير شريف عزت فقد منح بتقطيعاته حالة من المرح والاثارة تلائم الايقاع السريع للفيلم· وصنع صلاح مرعي تحفة من مكان عشوائي، حيث تفنن بلمساته في أن يحوله بين لقطة وأخرى لتخدم السياق الدرامي ليجعل المتابع للفيلم أمام صور مبهرة·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©