الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الميزانية الفيدرالية... ورهان إعادة التوازن

21 مارس 2010 21:23
أنشأ أوباما في شهر فبراير الماضي "لجنة قومية للمسؤولية والإصلاح الماليين" ضمن اللجان الرئاسية المتخصصة التابعة للبيت الأبيض، بهدف المساعدة في إعادة التوازن إلى الميزانية الفيدرالية بحلول عام 2015. بيد أن كثيرين يشككون في قدرة هذه اللجنة الرئاسية على خفض عجز الميزانية الحكومية كما هو مأمول. ففي 18 فبراير، أنشأ أوباما هذه اللجنة المؤلفة من 18 عضواً، برئاسة إرسكين باولز -وهو "ديمقراطي" ورئيس سابق لموظفي البيت- والسيناتور "الجمهوري" السابق ألان سيمبسون، بقصد جعلها لجنة ثنائية الحزبية تتولى مهمة العودة بأميركا إلى طريق الرشاد المالي، وإعادة التوازن إلى ميزانيتها الفيدرالية، بما قد يتطلبه ذلك من خفض معدلات عجز الميزانية الحكومية. ولكن لا يتوقع كثيرون لهذه اللجنة أن تحقق المهام التي أنشئت من أجلها، سواء في أوساط "الديمقراطيين" أم المحافظين. وعلى حد تعليق جون ماكين، خبير الموازنة بمعهد "أميركان إنتربرايز" المحافظ "فإن أميركا ليست بحاجة إلى إنشاء لجنة قومية من قدامى الموظفين، كي تحدد ما يجب فعله لإعادة التوازن إلى ميزانيتها الفيدرالية. وحتى شهر ديسمبر المقبل، أي ما بعد الانتخابات النصفية التكميلية، فلن تنجز هذه اللجنة شيئاً سوى مناقشة المشكلة ومحاولة إيجاد حل لها". ثم إن هناك مشكلة أخرى تواجه عمل هذه اللجنة. فلابد من موافقة 14 عضواً من أعضائها الثمانية عشر حتى تقدم اللجنة أي مقترحات للكونجرس تتعلق بإجراء خفض لعجز الموازنة الفيدرالية، بحسب رأي هنري آرون، وهو خبير موازنة ليبرالي بمؤسسة "بروكنجز" في واشنطن. وعليه يمكن القول إن أي إجراء رئيسي يتخذه الكونجرس يتطلب اتفاقاً سياسياً عليه داخل المؤسسة التشريعية أولاً. وهنا تكمن الصعوبة طالما أن عدداً كبيراً من أعضاء الكونجرس "الجمهوريين" في كلا المجلسين، تعهدوا سلفاً بعدم زيادة الضرائب. ويرى "آرون" الذي لاحظ هذه الصعوبة العملية في تحقيق اتفاق سياسي داخل الكونجرس على خطط عمل اللجنة، أن هناك أهمية لخفض الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب في ذات الوقت، حتي تمكن السيطرة على عجز الموازنة الفيدرالية. ويعتقد زميله "ماكين" أن خفض الإنفاق يكتسب أهمية فائقة لخفض عجز الموازنة الفيدرالية، طالما أن من شأن رفع الضرائب أن يتسبب في تباطؤ النمو الاقتصادي. غير أن كلا المحللين الماليين يتفقان على ضرورة أن تفعل الولايات المتحدة شيئاً حاسماً ومؤثراً إزاء مشكلة أدائها المالي الحالي. ولعل المؤشر الإيجابي الملحوظ في أداء إدارة أوباما الحالية، هو انخفاض معدل الإنفاق الحكومي في جميع أوجه الصرف الرئيسية في الإنفاق الفيدرالي، قياساً إلى حجم إنفاق الإدارة السابقة، فيما عدا إجمالي سعر الفائدة على الدَّين الحكومي. وقد أبدى هذه الملاحظة بول كارسيل، الخبير الاقتصادي بشركة "نورثرن ترست" في شيكاغو. ولكن هل يعني ذلك إجراء خفض مستقبلي على فوائد الضمان الاجتماعي للمواطنين الأميركيين؟ في الإجابة عن هذا السؤال، يشكك الخبير آرون، المذكور أعلاه، في أن يتضمن أي اتفاق سياسي ثنائي حزبي متوقع على خفض عجز الموازنة الحكومية، أي خفض لهذه الفوائد. ولكنه لاحظ في الوقت نفسه أن هذه الفوائد قد وضع جدول زمني لانكماشها سلفاً. ذلك أن صفقة أبرمها الكونجرس في عام 1983، نصت على الزيادة التدريجية لأعمار المتقاعدين الذين يحق لهم التمتع الكامل بفوائد الضمان الاجتماعي. وبحلول عام 2027 سيرتفع عمر الفئات المستفيدة من هذه الفوائد الكاملة إلى 67 عاماً. وفي الوقت نفسه، ترتفع دفعيات الرعاية الصحية المقتطعة من شيكات الضمان الاجتماعي المعنية بتغطية الضمان الدوائي، بمعدل أسرع كثيراً من معدلات التضخم، كما يقول آرون. وعليه يتساءل هذا المحلل المالي: هل يجيز الكونجرس المزيد من الخفض في وقت تأثرت فيه المعاشات الخاصة إلى هذه الدرجة جراء الأزمة المالية الحالية؟ من جانبه لا يستبعد "ماكين" زيادة سن التقاعد لتصل إلى 70 عاماً، خاصةً مع ارتفاع متوسط معدل الأعمار بين الأميركيين. كما يفضل ذات الخبير ربط معدلات الفائدة التقاعدية السنوية، بمتوسط زيادة الأجور، بدلاً من ربطها بمؤشر ارتفاع تكلفة المعيشة السنوي. وعلى رغم تفضيله لسياسة خفض الإنفاق، إلا أنه يؤيد -ولو على المستوى النظري على الأقل- فكرة الحد من النفقات الضريبية السنوية، التي تقدر قيمتها بمئات المليارات من الإنفاق الضريبي الفيدرالي الخاص. وأكبرها بالطبع الخفض الضريبي لأسعار الفائدة المفروضة على الرهن العقاري المنزلي. غير أن هذه الفكرة -التي اقترحها أوباما كي تطبق بصفة خاصة على المواطنين من ذوي الدخل السنوي المرتفع- لا تجد لها تأييداً يذكر داخل الكونجرس. ويرى آرون أن في الإمكان زيادة عائدات الخزانة الفيدرالية عن طريق زيادة معدلات الفائدة الضريبية على رؤوس الأموال، عن معدلها المنخفض حالياً الذي يقدر بنسبة 15 في المئة. وفي هذا الصدد يلاحظ آرون أن 400 من أغنى دافعي الضرائب الأميركيين، ممن يعادل دخلهم السنوي نحو 139 مليون دولار أو أكثر في عام 2007، لم يدفعوا للخزانة العامة سوى ضريبة بنسبة 16.6 في المئة من دخلهم الخاص. وعلى رغم أن زيادة كهذه في معدلات الضريبة السنوية لن تسد فجوة الدخل الفيدرالي الكبيرة التي تعانيها الموازنة الحكومية، فإنها تعد خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح. ديفيد آر. فرانسيس محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©