السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ديون اليونان... أزمة جديدة للاتحاد الأوروبي

ديون اليونان... أزمة جديدة للاتحاد الأوروبي
21 مارس 2010 21:23
بعد أن تسببت اليونان بسياستها في إيقاع نفسها في أزمة ديون طاحنة، يجد دافعو الضرائب الألمان أنفسهم مضطرين لتقديم يد المساعدة لها لإخراجها من أزمتها. فقد قدم المشرعون الألمان اقتراحا لجيرانهم المسرفين في الجنوب يقول: إذا ما كنتم تريدون أن تجمعوا أموالا، فلماذا لا تبيعون بعض جزركم؟ وهذه الفكرة جاءت، بعد أن ألمح اليونانيون الذين حل بهم الغضب جراء الانتقادات الألمانية التي كانت قد وجهت لهم من قبل بسبب عاداتهم الإنفاقية، إلى أن ألمانيا قادرة على حل هذه المشكلة من خلال دفع تعويضات لليونان عن الذهب الذي سرقته أيام الغزو النازي لبلادهم. وجاء هذا التلميح على لسان "تيودوروس بانجالوس"، نائب رئيس الوزراء اليوناني الذي قال: "لقد أخذوا النقود اليونانية معهم حينئذ، ولم يعيدوا شيئا منها أبدا... وهذا موضوع يجب مواجهته ذات يوم في المستقبل". والمعارك اللفظية الحادة التي اندلعت خلال الأسابيع الأخيرة، تبرز تنامي الخلاف داخل الاتحاد الأوروبي، وهو منطقة تواجه طائفة متزايدة من المشكلات الاقتصادية والدبلوماسية، التي تضع ذلك الحلف المكون من 27 دولة في اختبار يعد الأصعب منذ سنوات. فقد اشتعلت الخلافات في بروكسل حول تسمية الدبلوماسيين رفيعي المستوى التابعين للاتحاد، والمرشحين للعمل في الخارج في نفس الوقت الذي عجزت فيه دول الاتحاد عن الوصول إلى اتفاق على ما إذا كان يتعين إنقاذ اليونان، وعلى تعزيز وضع اليورو الذي تأثر جراء الأزمة اليونانية. والاحتكاكات التي تقع في أوروبا يمكن أن تشكل مزيداً من الضغط على العملات العالمية وأسواق السندات، وتعيق خطط توسيع نطاق استخدام اليورو، وتقوض المحاولات الرامية لتعزيز نفوذ المنطقة في الساحة العالمية، كما تهدد بتعقيد المحاولات التي تقوم بها واشنطن للعمل مع الأوروبيين من أجل حل المشكلات طويلة الأمد، مثل الفجوة في تمويل "الناتو"، والحملة الرامية لوضع قواعد عالمية للتنظيم المالي في أعقاب الركود الذي حل بالعديد من الدول الأوروبية. وقد علق "سايمون تيلفورد"، كبير الاقتصاديين في مركز الإصلاح الأوروبي، وهو مركز دراسات وأبحاث مقره لندن، على ذلك بقوله: "كان تأسيس الاتحاد الأوروبي واحدا من أعظم الإنجازات التي حققتها أوروبا، لكن عدم قدرة القارة الآن على الحديث بصوت واحد وإخفاقها في الاتفاق على الكيفية التي يمكن بها مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، قد يقوض مركزها ويقودها إلى الأفول". ومن مظاهر الإخفاق التي أشار إليها "تيلفورد" أن دول أوروبا، وبعد أسابيع من المفاوضات المكثفة، لا تزال مختلفة حول الكيفية التي يتعين بها معالجة مصائب الدين اليوناني الذي أشعل شرارة أسوأ أزمة خلال الأحد عشر عاما الماضية من عمر اليورو. فألمانيا، وهي مركز القوة المالية الأوروبية، تحجم حالياً عن إنقاذ دولة ينظر إليها على أنها أوقعت نفسها في مأزق من خلال الإنفاق الطائش، وتفشي ثقافة التهرب الضريبي، وتقديم البيانات الاقتصادية المغلوطة. ونظرا لمواجهتها ضغطا سياسيا متزايدا في الداخل، فاجأت ألمانيا العديد من جيرانها بالتراجع عن معارضتها الأولية لتدخل صندوق النقد الدولي، من أجل إنقاذ اليونان على أساس أن تلك الخطوة تعتبر محرجة لدول منطقة اليورو، علاوة على أنها لقيت معارضة قوية من جانب جارتها فرنسا. وهذا التراجع من جانب ألمانيا يعتبر مؤشرا دالا على حجم المعارضة الشديدة في أوروبا لاستنقاذ الشركاء الذين يعانون من الاعتلال الاقتصادي والمالي في منطقة اليورو، كما أثار احتمالات بعدم تمكن قادة الاتحاد الأوروبي من التوصل لاتفاقية بشأن إعداد خطة للمساعدة في القمة التي ستجرى الأسبوع القادم، وهو ما أدى إلى فقدان اليورو الذي تعرض لضربة قاصمة، نسبة واحد في المئة أخرى أمام الدولار يوم الخميس الماضي. وكان تبني اليورو كعملة تداول قد أدى في البداية إلى تعزيز النمو في دول مثل إسبانيا، واليونان، والبرتغال، ووقاها من الأزمات المالية. لكن كبار علماء الاقتصاد يقولون إن عدم قدرة هذه الدول حالياً على تخفيض قيمة عملاتها، بحيث تصبح أكثر تنافسية، يعتبر سببا رئيسيا من ضمن الأسباب التي تؤدي إلى تراجعها الاقتصادي، وهو ما قد يقودها إلى سنوات من البطالة وتجميد الأجور وارتفاع معدلات الفقر. والمعارك الجارية في أوروبا ليست ذات طبيعة اقتصادية فحسب. فمنذ شهور قليلة صادق الاتحاد الأوروبي على معاهدة لشبونة، وهي عبارة عن وثيقة هدفها ترسيخ الوحدة بين دول الاتحاد من خلال تعيين وزير خارجية لتمثيل الاتحاد في الخارج، لكن ما حدث هو أن عملية تكوين السلك الدبلوماسي للاتحاد، والذي يبلغ تعداده 5000 شخص، قد تعطلت، وتعرضت للشلل بسبب النزاعات الداخلية بين دول الاتحاد والمساجلات العنيفة بينها حول تسمية كبار الدبلوماسيين الذين سيمثلون مصالح الاتحاد في الخارج. وقد حاول قادة الاتحاد التقليل من شأن الانقسامات الأخيرة حيث يقول بعضهم إن الصراع الذي اندلع مع وصول وزيرة خارجية الاتحاد كاثرين أشتون، والرئيس الحالي للمجلس الأوروبي "هيرمان فان رومبوي"، لا يختلف عن الحروب الداخلية في واشنطن خلال فترة تغيير الإدارتين. ويقول مسؤول أميركي كبير منخرط في الشأن الأوروبي: "لا يزال هناك مستوى غير عادي من التعاون بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي"، ثم يضيف: "لكن المشكلة تكمن في أن مؤسسات الاتحاد الأوروبي تمر الآن بفترة انتقالية وليس أمامنا من سبيل آخر سوى التمسك بالصبر". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
المصدر: لندن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©