الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عقيدة الأمن الإسرائيلية

21 مارس 2010 21:24
تثير سلسلة من التطورات الأخيرة تساؤلات حول منطلقات الأمن الإسرائيلية والتي اعتمدتها إسرائيل منذ نشوئها. فمنذ بدايتها، قامت إسرائيل على عقيدة أمنية تفرض على محيطها أن يتراجع أمامها بسبب تفوقها العسكري ومقدرتها على نقل الحرب إلى المناطق العربية. هذا أساس معظم حروب إسرائيل مع العرب. أما الأساس الثاني فهو الالتصاق بدولة كبرى فتتحول إسرائيل إلى حامي مصالح تلك الدولة وقوة ضاربة باسمها. في البداية تحالفت إسرائيل مع بريطانيا، ثم مع فرنسا، وأخيرا مع الولايات المتحدة خاصة بعد حرب 1967. إن قلة عدد سكان إسرائيل نسبة لعدد سكان العالم العربي، جعل الأولى تؤمن باستخدام القوة المفرطة في التعامل مع العرب. لكن هناك تغيرات تجعل هذه العقيدة بصورتها القديمة في مأزق. إن العقيدة الإسرائيلية الأمنية هي التي تعود وتساهم في إضعاف إسرائيل. فمن فرط استخدام القوة وشن الحروب، برزت في العالم العربي قوى أكثر تشدداً وأكثر استعداداً للتمادي في المواجهة مع إسرائيل. هكذا يسير العالم العربي، كما رأينا في الحرب ضد "حزب الله" عام 2006 وفي الحرب على غزة عام 2009، نحو نمط من المواجهة أكثر جذرية وعنفا وقوة. إن استمرار هذا الاتجاه في الساحة المحيطة بإسرائيل وضمن صفوف الشعب الفلسطيني، يهدد الأساس الذي تقوم عليه فرضيات الأمن الإسرائيلية، بل يعرضها للخطر. الشعب الفلسطيني من جهة والشعوب المحيطة بإسرائيل من جهة أخرى في طريقها لموجة جديدة من المواجهة، وذلك في ظل استمرار إسرائيل في استيطانها وتوسعها وإهانتها للعالم العربي والإسلامي من خلال تهويد القدس. وقد يفرض هذا الوضع على إسرائيل السعي إلى خيار الحرب، وذلك في محاولة منها لاستعادة سطوتها الإقليمية وقدرتها على إخافة الدول والمجتمعات المحيطة. سيكون من الأفضل أن تسعى إسرائيل باتجاه تسوية حقيقية وعادلة. لكن هذا ليس مطروحاً في هذه المرحلة. ويعتمد الأمن الإسرائيلي على عوامل أخرى. فأحد أهم أسس الأمن الإسرائيلي منذ عدوان 1967 هو الاعتماد على الولايات المتحدة كدولة كبرى. فالموقف الأميركي المؤيد لإسرائيل هو جزء لا يتجزأ من أمن إسرائيل. لكن دور الولايات المتحدة ضعف كثيراً في المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية، وسوف يستمر في التراجع لأسباب كونية وإقليمية مرتبطة ببروز الدور الصيني والروسي ودول أخرى. لقد تورطت الولايات المتحدة في نزاعات داخل وضد المنطقة. كما أن إسرائيل تستمر في إحراج الولايات المتحدة في مجالات عدة، من أهمها الاستيطان وتهويد القدس وإنشاء مساكن جديدة للمستوطنين. إضافة إلى هذا تنشأ بين اليهود الأميركيين تساؤلات حول تهور السياسة الإسرائيلية. كل هذا يساهم في ضرب بعض أهم مرتكزات الأمن الإسرائيلي. إن السياسة الإسرائيلية الاستيطانية والعسكرية تتحول كل يوم الى عبء على الولايات المتحدة وعلى قواتها في العراق وأفغانستان والشرق الأوسط. إن الضعف الراهن في مرتكزات العقيدة الأمنية الإسرائيلية سيجعل إسرائيل تمعن في سياسة أكثر تهوراً، بل كلما اقتربت إسرائيل من اكتشاف ضعف مرتكزاتها الأمنية كلما ازدادت تهورا ورفضا للتعامل مع الواقع والاعتراف به. هذا واضح في سياسة نتنياهو في فلسطين والقدس، كما نجد لهذه السياسة تعبيراً واضحا في عملية دبي الأخيرة، وفي سياسة إسرائيل تجاه تركيا. إسرائيل في هذه المرحلة في تخبط. فقيادتها اليمينية ضعيفة انتخابيا، وطريقها لكسب الأصوات في الانتخابات أصبحت تعتمد على التصعيد والتهور ونشر الكراهية. لهذا تمعن إسرائيل في الاستيطان، وتعلن ذلك إبان زيارة بايدن، وتهدد تركيا بسبب مواقفها، وتلوح بشن الحرب على إيران. إن منطقتنا ستشهد الكثير خلال المرحلة القادمة في جبهات الصراع العربي الإسرائيلي. التاريخ لم ينته، بل بالكاد نجده قد بدأ. د. شفيق الغبرا أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت ينشر بترتيب خاص مع مشروع «منبر الحرية»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©