السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ضربات «بريديتور»: آثار عكسية في باكستان

ضربات «بريديتور»: آثار عكسية في باكستان
5 مايو 2009 00:11
كثيراً ما تخطئ الصواريخ التي تطلقها القوات الأميركية على عناصر تنظيم «القاعدة» في باكستان أهدافها، ليقع ضحاياها المدنيون، وهو ما يثير الغضب الشعبي، ويهدد استقرار حكومة إسلام آباد. وهذا ما احتج عليه الخبير العسكري ديفيد كليكولين -وهو ضابط أسترالي سابق، عمل مستشاراً أول للجنرال ديفيد بترايوس في العراق، ويعد أحد أبرز المحاربين المنظّرين، وإليه ينسب تصميم استراتيجية زيادة عدد القوات الأميركية، التي حققت نجاحاً ملحوظاً في العراق، بقيادة الجنرال ديفيد بترايوس. ولكن ما أن وجه إليه الكونجرس هذا السؤال مؤخراً: ما الذي يجب علينا فعله في باكستان؟ حتى جاءت إجابته مباشرة وقاطعة -كأنها صادرة من أحد أقوى معارضي الحرب: علينا أن نضع حداً فورياً للضربات الجوية المنفذة ضد عناصر تنظيم «القاعدة» هناك. ففي تلك الأودية الجافة الواقعة غربي باكستان، تخوض الولايات المتحدة حرباً غريبة وطويلة ضد عناصر تنظيم «القاعدة» وحركة «طالبان» وحلفائهم الباكستانيين. وتعتمد هذه الحرب على عمليات القصف الجوي التي تنفذها طائرات بدون طيار من طراز «بريديتور»، تتجه نحو تلك المناطق من قواعد سرية وتتخذ مسالك سرية أخرى، لتلقي بصواريخها وقنابلها على الأهداف المحددة، اعتماداً على أجهزة التحكم عن بعد التي يمسك بها عملاء من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. ولا تزال هذه البرامج سرية على المستوى الرسمي، بينما تكرر وكالة «سي آي إيه» تأكيدها لعدم استمرارها. هذا على المستوى الرسمي. أما خلاف ذلك، فإن ضباط الوكالة الاستخباراتية المشرفة عليها يرون أن ضربات «بريديتور» هذه تعد أفضل سلاح يستخدم ضد عناصر «القاعدة» حتى الآن. كما يلاحظ أن الرئيس أوباما وافق على تصعيد الضربات الجوية هذه، التي كان قد ورثها من سلفه بوش. وخلال الأربعة أشهر الأولى من العام الحالي وحده، نفذت طائرات «بريديتور» ما لا يقل عن 16 طلعة جوية، مقارنة بـ36 طلعة في عام 2008. ومنذ تنصيب أوباما، قتلت هذه الطلعات حوالي 161 شخصاً، وفقاً للتقارير الإخبارية الصادرة عن باكستان، إلا أنه تصعب معرفة عدد المدنيين بين قتلاها على وجه التحديد. ولكن، كما يقول «كليكولين»، ثمة أمرا واحدا مؤكدا وواضحا، ألا وهو النتائج العكسية التي تسببها هذه الضربات الصاروخية، بإثارتها لغضب المدنيين، وتهديدها لاستقرار حكومة إسلام آباد. وليس اعتراض «كليكولين» على هذه الضربات أخلاقياً، لأنه لا يكترث كثيراً لقتل أشرار «طالبان» و«القاعدة»، أو قانونياً طالما أن الكثير من الباحثين والمنظّرين الأكاديميين في الشؤون الحربية، لا يرون غضاضة في تنفيذ عمليات القتل التي تستهدف العناصر المراد القضاء عليها، اعتماداً على حقيقة أن تنظيم «القاعدة» وحركة «طالبان» يخوضان حرباً معلنة ضد الولايات المتحدة. بل ينطلق «كليكولين» من دوافع براجماتية عملية بحتة: ذلك أن كل ضربة من تلك الضربات الصاروخية الجوية، تخلق المزيد من أعداء أميركا، بدلا من أن تقتلهم. وقد جاء هذا الاعتراض على لسانه في إفادته التي قدمها أمام «لجنة الخدمات العسكرية بمجلس النواب» بقوله: «أعلم أن هذه الضربات الصاروخية تلحق ضرراً بقيادة تنظيم القاعدة. فمنذ عام 2006، تمكنا من قتل 14 من كبار قادة التنظيم، باستخدام استراتيجية الضربات الجوية. غير أننا وخلال ذات الفترة وفي المنطقة نفسها، قتلنا نحو 700 من المدنيين الباكستانيين. وعليه فليس مستغرباً أن تنال هذه الاستراتيجية كراهية وعداء المواطنين الباكستانيين. وبسببها تصاعدت مشاعر الغضب الشعبي التي أسهمت في توجه المزيد من المواطنين نحو التطرف والالتفاف حوله، ما يعني مساهمتها في تعزيز التطرف والإرهاب». كما استطرد «كليكولين» قائلا: «وهناك مشكلة أخرى تنطوي عليها هذه الاستراتيجية. فاستخدام الروبوت وأجهزة التحكم عن بعد لاستهداف الأعداء، فيه جبن وضعف لا يليقان بدولة مثل أميركا. ذلك أن أعراف وعادات قبائل البشتون الخاصة بالثأر والشرف، تنظر إلى قتال الأعداء وجهاً لوجه، باعتباره شجاعة ورجولة. وعلى عكس ذلك تماماً تنظر تلك الأعراف إلى استهداف الخصم ومحاولة ضربه بصواريخ من مسافة تبعد حوالي 2000 قدم، على أنهما خزي وجبن. ثم إن هناك طرقاً أخرى لتحقيق هذه الأهداف، عدا عن الاعتماد على استراتيجية الضرب عن بعد». ومع أن «كليكولين» لم يستطرد في الحديث عن هذه «البدائل» الأخرى التي تحدث عنها، إلا أن خبراء الاستخبارات يرون أن في الإمكان نشر فرق سرية من القناصين على الأرض، أو تدريب وحدات العمليات الخاصة الباكستانية على القيام بهذه المهمة. وبينما يبدو البديل الأول خطيراً في نظر البعض، كذلك يبدو الخيار الثاني مستنزفاً للوقت في نظر آخرين. ولكن ليس من مؤشرات حتى الآن على أن إدارة أوباما تأخذ بنصيحة هذا الخبير العسكري. بل على العكس تماماً، تبدو وكالة «سي آي إيه» في غاية السعادة -مثل غيرها من الوكالات الأخرى- بعمليات تعتقد أنها تحقق نجاحاً ملحوظاً في القيام بهدفها الرئيسي: القضاء على قادة «القاعدة» و«طالبان». وهناك من يصل به الفرح إلى حد الاعتقاد بأن هذه الضربات الصاروخية قد دفعت التنظيم نفسه إلى حافة الانقراض. ومن بين ما قاله لي «جوان كارلوس زاريت» الذي يعتبر آخر عرَّابي حرب بوش على الإرهاب ومن أشد المدافعين عنها، فإن تنظيم «القاعدة» أوشك على نهايته. فلم يبق لنا سوى قليل جداً من الانتظار لنشهد فناء هذا التنظيم بشكله الذي عرفناه به. والغريب أن يتعمـــق وهْم كهــــذا ليصــــل إلى حد اليقين، في حين أن تنظيم «القاعدة» ربمــا يزداد عدداً ورغبة في الثأر والانتقام منا، مستثمراً في ذلك مشاعر الغضب التي تثيرها ضرباتنا الجوية العشوائية، التي تصيب المدنيين الباكستانيين، أكثر مما تقتل قادة التنظيم الذين تستهدفهم! دويل ماكمانوس محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©