السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فوز «مارتنيلي» برئاسة بنما... انتصار للسوق الحرة

فوز «مارتنيلي» برئاسة بنما... انتصار للسوق الحرة
5 مايو 2009 00:12
على امتداد دول أميركا اللاتينية يصوت الناخبون من أجل التغيير. وفي كثير من الدول لا يعني التغيير شيئاً سوى تغلب المرشحين «اليساريين» على خصومهم في معسكر الليبرالية الجديدية، وأقليات الحكم القابضة. وهذا ما فعله الناخبون في بنما في الانتخابات التي شهدتها بلادهم يوم الأحد الماضي، إذ كان محورها الرئيسي هو التغيير. ولكن ليس مثلما هو الحال في السلفادور، حيث فازت «جبهة فارابوندو مارتي للتحرر الوطني» اليسارية بالانتخابات الرئاسية بعد مضي 30 عاماً من الحكم «اليميني» المحافظ، ولا مثلما حدث في الإكوادور، التي أعيد فيها تنصيب الرئيس رافائيل كوريا يوم الأحد قبل الماضي، وتعهد بدفع بلاده نحو «الثورة الاشتراكية»، يلاحظ أن التغيير في بنما يعد به ريكاردو مارتنيلي، رجل الأعمال الكبير وحامي حمى سياسات السوق الحرة. وقد حقق انتصاراً ساحقاً يوم الأحد الماضي أهّله للصعود على سدة الحكم في بلاده. «مارتنيلي» كان قد أسس حزبه السياسي في عام 1998، وخاض الانتخابات الرئاسية الأخيرة عبر تحالف حزبي واسع، أشارت آخر استطلاعات الرأي العام السابقة للانتخابات، إلى تقدمه بنسبة 50 في المئة من التأييد الشعبي على بقية الأحزاب الأخرى المنافسة له. وبفوز «مارتنيلي» فقد سحب البساط من تحت أقدام «الحزب الديمقراطي الثوري» الممثل ليسار الوسط في البلاد. كما يشير فوزه كذلك إلى كونها المرة الأولى التي يفوز فيها حزب سياسي ثالث، منذ الاجتياح الأميركي لبنما الذي استهدف الإطاحة بحكومة الجنرال نوريجا عام 1989. يذكر أن أول مرة خاض فيها «مارتنيلي» السباق الرئاسي كانت في عام 2004، حيث كان في ذيل قائمة نتائج تلك الانتخابات، ولم يحرز سوى نسبة 5.3 في المئة فحسب من جملة أصوات الناخبين. وعليه فإن ما يفسر الصعود السياسي السريع، الذي حققه خلال السنوات الخمس اللاحقة لتلك الانتخابات، هو الدور الذي لعبه الإعلام في التأثير على آراء الناخبين، إضافة إلى الشكوك التي ساورتهم بشأن سير اقتصاد بلادهم، على رغم الازدهار الاقتصادي الذي تحقق خلال السنوات الأخيرة الماضية. كما أظهرت استطلاعات الرأي السابقة للانتخابات، شكوك وقلق الناخبين على مدى قدرة الحزبين الرئيسيين على التصدي لمشكلتي انتشار الجريمة وممارسات الفساد، إضافة إلى تحسين مستوى الخدمات العامة المقدمة للمواطنين. وعلى رغم أن «مارتنيلي» سبق له أن تولى مناصب حكومية قيادية في كل من أحزاب الحكومة والمعارضة، كما أن التحالف الحزبي الذي يتزعمه يضم أحد أحزاب المعارضة الوطنية الرئيسية، إلا إن مارتنيلي «سوق نفسه» بصفة «الغريب» الوحيد في ذلك المشهد السياسي. وحسب رأي «إدوين كابريرا» المحلل السياسي بمدينة بنما، فقد مل الناس الأحزاب التقليدية وبدأوا يتطلعون إلى التغيير. وقد صادف هذه المشاعر السلبية إزاء الأحزاب التقليدية، بروز السيد «مارتنيلي» باعتباره داعية للتغيير في البلاد. ولدى إلقاء نظرة أولى إلى الأوضاع في بنما، تبدو رغبة التغيير هذه أمراً غير مفهوم إلى حد ما. ذلك أن اقتصاد بنما، يعد من أفضل الاقتصادات العالمية أداء خلال السنوات القليلة الماضية، حيث بلغ معدل النمو السنوي الذي حققه في العام الماضي، حوالي 9.2 في المئة. وعلى رغم أنه تباطأ قليلا، بسبب التأثيرات السالبة للأزمة الاقتصادية المالية العالمية، إلا أن مشروعاً مخصصاً لتوسيع قناة بنما، لا يزال العمل فيه جارياً، بتكلفة تبلغ قيمتها 5.25 مليار دولار، ويتوقع له أن يوفر آلاف الوظائف الجديدة. هذا إضافة إلى انتظار البلاد للعوائد والمكاسب الاقتصادية التي تدرها عليها معاهدة التجارة الحرة التي وقعت عليها بنما مع الولايات المتحدة الأميركية. أما «الحزب الديمقراطي الثوري» بزعامة «بالبينا هيريرا»، فلم يحرز من نسب التأييد الشعبي في استطلاعات الرأي السابقة للانتخابات سوى 12 في المئة فحسب. والسبب -كما يراه المحلل السياسي كابريرا- هو اعتقاد الناخبين بتدهور كافة الخدمات العامة الأساسية: الأمن، النقل العام، الرعاية الصحية، والتعليم، في ظل قيادة «الحزب الثوري الديمقراطي»، وذلك على رغم تدفق الاستثمارات الخارجية إلى البلاد أثناء تولي الحزب المذكور إدارة دفتها. ولكن في عهد ذلك الحزب سادت فضائح الفساد التي سممت النظام السياسي كله، بينما تفشى الفقر بين ما يقارب ثلث السكان. «فليست لدينا وظائف كافية، ولا تفعل الحكومة شيئاً لمساعدة الفقراء»، على حد قول المواطنة «هيرميليندا دو بورن»، التي تملك وتدير متجراً في الجزء القديم من العاصمة بنما. وهناك تظهر تناقضات المدينة الغريبة بين الثراء الفاحش الذي يتمثل في البيوت الفخمة التي خلفتها فترة الاستعمار -يملك معظمها الأجانب- وتلك البائسة الآيلة للسقوط التي يسكنها المواطنون. وقد اعتادت السيدة «دو بورن» التصويت دائماً لصالح مرشحي «الحزب الديمقراطي الثوري» إلا إنها غيرت رأيها هذه المرة: «فهؤلاء يعدون ويعدون ويعدون... دون أن يقدموا لنا شيئاً». يلاحظ أنه ليس من تأثير كبير يذكر لأيديولوجية «اليسار» في بنما، بالمقارنة إلى بقية دول أميركا اللاتينية المجاورة. صحيح أن هناك انقساما سياسيا بين من يؤيدون أنظمة الحكم العسكرية الديكتاتورية ومن يعارضونها، إلا إنه لا يوجد انقسام أيديولوجي حاد هنا، مثل ذلك الذي تتسم به بقية دول المنطقة. سارة ميلر- بنما ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©