رحبت أوساط مالية دولية بالتحرك المنسق للبنوك المركزية العالمية لمواجهة أزمة الائتمان معتبرينه خطوة ضرورية لبث الثقة في الأسواق العالمية·
ورحب وزير المالية البريطاني اليستير دارلنج بالتحرك وقال في مقابلة صحفية أمس إن التحرك ضروري لتوجيه رسالة واضحة للعالم، وقال دارلنج لصحيفة الجارديان ''كان هذا ضروريا وموضع ترحيب بالغ''، واضاف ''انه يبعث باشارة واضحة للغاية في شتى انحاء العالم مفادها أن البنوك المركزية تقف مستعدة لعمل كل ما هو ضروري''، وذكر الوزير أنه كان على اتصال مستمر مع محافظ بنك انجلترا المركزي ميرفين كينج في الاسابيع الاخيرة في محاولة لمواجهة عواقب أزمة أسواق الائتمان التي أثرت على مصرف نورذرن روك البريطاني وبنوك اخرى·
وجاءت تصريحات دارلنج في أعقاب تحرك البنوك المركزية في شتى أنحاء العالم أمس للقيام بعمل منسق من اجل تعزيز السيولة في الاسواق، كما اصدر كل من بنك اليابان المركزي والبنك المركزي السويدي بيانا أعربا فيه عن دعمهما للخطوة·
ووحدت البنوك المركزية في شتى انحاء العالم صفوفها لمواجهة أزمة الائتمان العالمية المتفاقمة في أول تحرك منسق لها منذ أدت هجمات ارهابية الى اغلاق الاسواق المالية الاميركية في 11 سبتمبر عام ،2001 وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الاميركي) والبنك المركزي الاوروبي والبنوك المركزية لكل من كندا وانجلترا وسويسرا أمس الأول خطوات لتسهيل حصول البنوك المتضررة على سيولة مالية وذلك على أمل اخماد الازمة الائتمانية التي تهدد بالزج بالاقتصاد الاميركي في براثن الكساد وابطاء النمو العالمي·
وقال ماركو انونزياتا كبير الاقتصاديين في بنك يونيكريدت في لندن ''كانت هناك حاجة ماسة لاستخدام اسلحة جديدة، وقوة الحملة الجديدة للبنوك المركزي تأتي من حداثتها والطبيعة المستهدفة لها وتحركها المنسق'' وأشاعت الانباء في البداية موجة من الارتياح في أسواق الاسهم بعد الخسائر الحادة التي منيت بها تلك الاسواق يوم الثلاثاء عندما خفض المركزي الاميركي أسعار الفائدة بواقع ربع نقطة مئوية فقط مبددا آمال السوق بخفض أكبر، لكن سرعان ما تجددت المخاوف وهبطت اسواق الاسهم الاسيوية والاوروبية بعد ان توصل المستثمرون الى أن الاجراءات لن تحل على الفور المشاكل التي تواجهها البنوك واسواق المساكن في الولايات المتحدة وبريطانيا·
وقال جيريمي ستريتش المحلل في رابو بنك ''عادت بعض الواقعية الى السوق، فالخطوات الرامية لتنسيق السياسة النقدية جيدة ولكن الناس يشكون من انها ستوقف تدفق الانباء السيئة من البنوك''، واضاف ''هناك شعور بان البنوك المركزية بدأت تفقد السيطرة على السياسة النقدية كما أن أسعار النفط المرتفعة لا تزال تؤثر على الاقتصاد العالمي''·
وقال ''المركزي الاميركي'' إنه سيبدأ العمل بتسهيل مؤقت من خلال مزادات محددة الاجل، ويوسع هذا التحرك عدد ومجال البنوك المسموح لها باقتراض اموال لسد أي نقص مؤقت في الارصدة، وأعلن البنك عن اقامة مزادين اخرين يصل حجم كل منهما الى 20 مليار دولار للتمويل قصير الاجل الاسبوع المقبل مع عقد مزادين اخرين في يناير، وفي حين أن حجم هذه الاجراءات أقل من بعض التحركات الطارئة التي تمت في السابق فان المحللين يقولون إن الجبهة الموحدة التي أظهرتها البنوك المركزية تبرز مدى الجدية التي تتعامل بها هذه البنوك مع التوترات الحالية في الاسواق المالية·
وقال بروس كاسمان كبير الاقتصاديين في جيه·بي مورجان ''الحجم هنا ليس هو المحك؛ المهم هو الاشارة التي يبعث بها التحرك، فهؤلاء الناس يأتون معا لابلاغنا بانهم سيتدخلون للعمل على ضمان عدم تفاقم أزمة السيولة في الاسواق''·
وقد أدت أزمة الائتمان الناجمة عن متاعب سوق الرهن العقاري عالي المخاطر في الولايات المتحدة الى احجام البنوك عن اقراض بعضها البعض مما رفع تكلفة اقتراض اموال ليلة واحدة وأثر سلبا على معظم عمليات السوق المالية· وفي سياق متصل أفادت تقارير صحفية بأن البنك المركزي الالماني (بوندسبنك) خفض توقعاته حول معدلات النمو للاقتصاد الالماني خلال العام المقبل 2008 إلى صافي 6ر1% من إجمالي الناتج المحلي، وذكر تقرير صحيفة ''فرانكفورتر روندشاو'' الصادرة أمس أن خفض البنك لتوقعاته من اثنين بالمئة إلى 6ر1% يرجع إلى حساب المتغيرات الموسمية وهو أمر معتاد في الحسابات الدولية، وأضاف تقرير الصحيفة أن معدلات نمو الاقتصاد الالماني التي يتوقعها البوندسبنك خلال العام المقبل قبل حساب المتغيرات الموسمية تصل إلى 9ر1% بعد أن كانت التقديرات السابقة تشير إلى زيادة 5ر2%·
عدد اليوم
