الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

انخفاض الدولار يضاعف معاناة مزارعي القطن الأفارقة

انخفاض الدولار يضاعف معاناة مزارعي القطن الأفارقة
14 ديسمبر 2007 22:31
بدأ التراجع القياسي في قيمة الدولار أمام اليورو يلقي بأعباء إضافية على كواهل مزارعي القطن الأفارقة مثل ''فاربا بويرو'' عبر فصلهم عن عائلاتهم، بالإضافة إلى تهديد مقدرتهم على الاستمرار في ممارسة الزراعة في منطقة لا يزال ثلث تعدادها السكاني يعيش على أقل من دولار في اليوم· وحسبما ورد في صحيفة انترناشونال هيرالد تريبيون مؤخراً، فإن بويرو 39 عاماً المزارع في جنوب السنغال لم يتمكن في هذا العام من ممارسة الزراعة بعد أن أصبح القطن يباع بأقل من قيمته بنسبة 9 في المائة مما كان عليه الحال قبل عقد من الزمان· وظل بويرو ينفق 9 أشهر من كل عام وهو يمارس مهناً وضيعة في العاصمة داكار أو في جامبيا المجاورة، أما في هذا العام فإن انزلاق الدولار جعل من المستحيل عليه أن يقضي ثلاثة أشهر في موطنه مع عائلته وأقاربه· وهو يقول: ''إن الأموال التي نحصل عليها من القطن ليست كافية لإعاشة العائلة''، وإلى ذلك فقد استمر القطن الخاص بالشركات مثل شركة سوفيتيكس في بوركينا فاسو، وشركة سودي كوتون في الكاميرون يباع في الأسواق العالمية بالدولار، بينما يتم دفع الأموال للمزارعين بالفرنك الأفريقي العملة المرتبطة باليورو، ويتم تداولها في 14 دولة في غرب ووسط القارة الأفريقية· ومقارنة بالعام الماضي، فإن الدولارات التي يباع بها المحصول في الأسواق العالمية أضحت تشتري فرنكات أفريقية بمقدار أقل بنسبة 9 في المائة، بحيث لا توفر كميات كافية من الأغذية والاحتياجات المنزلية· وفي الوقت الذي شهدت فيه أسعار القطن زيادة بنسبة 13 في المائة في هذا العام، إلا أن التراجع في قيمة الفرنك الأفريقي أطاح فيما يبدو بهذه المكاسب، كما أشارت ستيفاني ألبي الاقتصادية في بنك ''بي ان بي'' باريباس الفرنسي والتي مضت تقول: ''لقد أصبح منتجو القطن على شفا تكبد الخسائر والسقوط في هوة الديون وفي الوقت نفسه فإن الشركات الرئيسة للتسويق تعاني أصلاً من الخسائر في الموسمين الماضيين حتى بعد أن تلقت دعماً من الحكومات''· ووفقاً لأرقام البنك الدولي، فإن القطن يشكل ما بين 5 إلى 8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لغرب أفريقيا، كما أن المناطق الريفية في منطقة الساحل التي تمتد على طول القارة من السنغال إلى جامبيا وغينيا بيساو تعتمد بالكامل في اقتصادها على القطن بسبب أن القليل فقط من المحاصيل الأخرى بإمكانها النمو في هذه المنطقة، كما يقول تيري تاونسيند الرئيس التنفيذي للجنة الاستشارية العالمية للقطن المنظمة الخاصة بالدول المنتجة والمستهلكة للقطن في واشنطن· أما الدول المرتبطة باليورو والمعروفة بمنطقة الفرنك، فتتألف معظمها من المستعمرات الفرنسية السابقة بما فيها السنغال وساحل العاج وبوركينا فاسو، والتي حصلت جميعها على استقلالها في العام ،1960 وهذه الدول مجتمعة يؤمها 115 مليون نسمة 29 في المائة منهم على الأقل يعيشون على أقل من دولار واحد في اليوم حسب إحصائيات منظمة ''اليونسيف'' التابعة للأمم المتحدة· وطوال الفترة الماضية، ظل ثبات سعر الصرف يحقق الاستقرار، ويكبح جماح التضخم ويعزز الثقة في أوساط المستثمرين الأجانب مما نتج عنه نمواً اقتصادياً قوياً وتوسعاً في صناعة القطن طوال فترة الأعوام الثلاثين الماضية، كما يقول جان بول عزام الاقتصادي في جامعة تولوز الفرنسية· ولكن هذا الارتباط أصبح يبطئ وتيرة النمو متى ما ارتفعت قيمته اليورو، حيث بدأت المنطقة المتسارعة النمو أثناء حقبة التسعينات تشهد تباطؤاً في النمو منذ العام 2004 وفقاً لإحصائيات البنك الدولي· ومنذ أن تقلد جورج دبليو بوش منصب الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية في يناير ،2001 ظل الفرنك الأفريقي يتبع اليورو في صعوده وبنسبة بلغت 57 في المائة مقابل الدولار، وبلاشك فإن انخفاض الدولار أصبح يمثل أنباء سارة للمصدرين الأميركيين، كما ساعد على تضييق هوة العجز التجاري الأميركي بنسبة 0,6 في المائة في سبتمبر الماضي، أما بالنسبة للأشخاص في الدول الأفقر في العالم، فإن التغير الكبير في سعر الصرف بات يعني المزيد من المعاناة والمصاعب· وكما يقول دانييل سومنر الاقتصادي في جامعة كاليفورنيا في دافيس، فإن مبلغ 50 دولاراً ''كان كافياً لتغذية طفل واحد لعام كامل وهو مبلغ أيضاً كان يكفي لدفع الرسوم الدراسية لثلاثة أطفال''، ولكن المبالغ التي تدفعها شركات القطن للمزارعين في غرب أفريقيا شهدت انخفاضاً بنسبة 15 في المائة في المتوسط منذ العام ،2004 لذا فإن حجم انتاج القطن في هذه الدول ربما يشهد انخفاضاً بنسبة 21 في المائة في هذا العام، وهو الأمر الذي من شأنه أن يشجع على الهجرة الجماعية باتجاه السواحل الأوروبية· إذ يقول امدياتو ديالو المدير التنفيذي للاتحاد الوطني لمنتجي القطن في السنغال: ''إن من المؤكد أن هذه المعاناة سوف تتمخض عن آثار خطيرة على جيل الشباب، حيث سيتجه المواطنون إلى زراعة الفول والمكسرات أو محاولة الهروب إلى ما وراء البحار''، وهنالك العديد من أصدقاء فاربا بويرو وأفراد قبيلته الذين بدأوا أصلاً في هجرة مزارع العائلة ومحاولة اكتساب دخل أفضل في مناطق أخرى· ويقول بويرو الذي ذكر أنه لم يرغب في يوم من الأيام أن يصبح ابنه مزارعاً ''لقد باتت الحياة صعبة لا تطاق لذا فإنني أفضل أن يذهب ابني إلى أوروبا لكي يصبح لاعباً لكرة القدم''!·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©