الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

سوريا بين استمرار دعم الوقود وتحرير السوق

سوريا بين استمرار دعم الوقود وتحرير السوق
14 ديسمبر 2007 22:42
تسير المركبات في سوريا بزيت الغاز الرخيص، لكن الدولة لم تعد تستطيع توفير الدعم للوقود الذي يتصاعد دخانه المشبع بالكبريت في شوارع دمشق، ومالية الدولة متضررة بالفعل بسبب تراجع احتياطيات النفط مما حول سوريا إلى مستورد له هذا العام، ويقول الاقتصاديون: إن تأخير معالجة عبء الدعم عندما كان الاقتصاد في وضع أفضل زاد من عمق المشكلة الآن· وقال نبيل سكر مدير المكتب الاستشاري الاقتصادي السوري: ''لا يمكن تأجيل ذلك إلى أجل غير مسمى''، وأضاف: ''··والآن للأسف نحن نفقد الإطار المستقر للاقتصاد الكلي''، وخلصت الحكومة إلى حلول قبل عامين، لكنها لم تتخذ إجراء بعد، مدركة ان خفض الدعم قد يرفع التضخم ويثير الاستياء بين السوريين الذين يعتمدون على زيت الغاز في إدارة مركباتهم وتدفئة منازلهم وتشغيل مزارعم ومصانعهم، لكن من المعروف كذلك أن ترك الدعم كما هو سيزيد من عجز الميزانية وهو في حد ذاته ما قد يرفع التضخم ويؤثر في نهاية الأمر على النمو الاقتصادي الذي قدره صندوق النقد الدولي بأربعة بالمائة في عام ،2006 وقال سكر: ''في اي الأحوال النتيجة ستكون زيادة التضخم··· الحكومة تخشى كذلك من الأثر الاجتماعي·· في دول مثل الاردن واليمن وحتى ميانمار عندما يرفع الدعم عن وقود التدفئة تخرج المظاهرات خلال أيام''، والاضطرابات العامة نادرة الحدوث في سوريا· وتعد أزمة الدعم اختباراً مهماً لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي شجعه الرئيس بشار الأسد منذ توليه السلطة في عام 2000 بعد وفاة والده حافظ الأسد، وقال عبدالله الدردري نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية في أغسطس الماضي: إن الدولة ستبدأ في خفض الدعم بحلول نهاية العام، وحتى الآن فإن أسعار زيت الغاز - نوع من وقود الديزل عالي الكبريت - لم تتغير بالرغم من ارتفاع اسعار البنزين هذا العام، وقال سائق تاكسي في دمشق: ''نحن نتوقع ان يرتفع سعر زيت الغاز كذلك، وعندما يحدث ذلك فإنه سيؤثر على الجميع''، وتبلغ تكلفة الدعم 15 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي ليبقى محدودو الدخول في سوريا فوق خط الفقر، لكن ذلك يزيد من غنى المهربين الذين يبيعون الوقود في لبنان وتركيا والعراق، والتهريب الذي يقدر انه يكلف الخزانة السورية نحو 800 مليون دولار سنوياً منظم بدرجة كبيرة، وذكرت بعثة من الأمم المتحدة تحقق في أمن الحدود اللبنانية مع سوريا في يونيو الماضي إنها لاحظت ''تركيبات دائمة (انابيب) لتهريب الوقود عبر الحدود على سفوح الجبال إلى الأراضي الواطئة في لبنان''، وتريد الحكومة البعثية الملتزمة ببرنامج بطيء لتحرير الاقتصادي الذي تسيطر عليه الدولة منذ نحو 40 عاماً ان تلغي بالتدريج الدعم على زيت الغاز على مدى خمس سنوات من ،2008 لكنها تجاهد لوضع خطط لتخفيف أثر ذلك على الأسر الفقيرة· وقال جهاد اليازجي محرر ''سيريا ريبورت'' وهي نشرة اقتصادية سورية على الانترنت: إنهم لا يدركون درجة الفقر التي وصل إليها الشعب، وإنه لم يعد يتحمل صفعات أخرى، وأشار إلى ان النظام يدرك ان عليه رفع الدعم على الأقل جزئياً، لكنه لا يعرف كيف يفعل ذلك فليس هناك شبكة أمان اجتماعي، وزاد العبء مع تدفق نحو 1,5 مليون عراقي على سوريا، إذ ان الوافدين الجدد يستهلكون الوقود الرخيص كذلك، ومواد أساسية أخرى مدعومة مثل السكر والشاي والخبز والماء، وأثار الدردري فكرة تقديم دعم نقدي للأسر لتعويضها عن ارتفاع الأسعار، وروج وزير آخر عزل هذا الشهر لأسباب لا علاقة لها بهذا الأمر فكرة بطاقات ذكية تمكن الجميع من شراء كميات محدودة من زيت الغاز المدعوم، ويتعين على كبار المستهلكين دفع سعر السوق، وسوريا التي لا تتمكن مصافيها من تلبية الطلب تستورد نحو أربعة ملايين طن من زيت الغاز سنوياً أي نحو نصف استهلاك البلاد من الوقود، وتبيع الدولة الديزل في محطات الوقود بسعر 0,14 دولار للتر أي نحو ربع تكلفة استيراده· وتباطأت خطى تحويل سوريا عن ادمانها لزيت الغاز وتشغيل محطات الكهرباء ومصانع الإسمنت الكبرى بالغاز الطبيعي، فيما يرجع جزئياً إلى تعطيل تطوير موارد البلاد من الغاز، والعديد من المشروعات تنتج ما تحتاجه من كهرباء بنفسها عن طريق مولدات تعمل بزيت الغاز لتجنب الاعتماد على الشبكة الوطنية الضعيفة، وقال سكر، مشيراً إلى انقطاعات الكهرباء في فصل الصيف: ''لم نبن محطات كهرباء كافية··· ما لم نسرع بمعالجة ذلك قد نواجه نقصاً كبيراً في الكهرباء''، وزادت صعوبة الحصول على التمويل لمثل هذه المشروعات الكبيرة الذي كان من قبل يأتي من مؤسسات تنمية عربية، وقال سكر: انه يمكن لسوريا الاستفادة من شبكة كهرباء اقليمية مرتبطة بمصر ولبنان والأردن وتركيا والأراضي الفلسطينية لكن هذا خيار مكلف نسبياً· وحتى الآن ظلت احتياطيات البنك المركزي بالعملة الاجنبية مستقرة نسبياً ما بين 17 و18 مليار دولار، لكنها قد تتبدد إذا لم تسد فجوة الدعم خاصة الآن بعد أن فاقت تكلفة استيراد النفط في سوريا إيراداتها من بيع النفط الخام، وتنتج سوريا ما بين 380 ألف و400 ألف برميل يومياً من الخام وتتوقع وكالة الطاقة الدولية تراجع انتاجها إلى 300 الف برميل يومياً في عام ·2012 والاستثمارات الاجنبية المباشرة في الصناعة والزراعة وليس فقط السياحة والعقارات التي امتصت أغلبها حتى الآن قد تعوض بعضاً من خسائر ايرادات النفط، لكن المستثمرين الدوليين قلقون من خلافات سوريا السياسية مع الغرب والعقوبات الأمريكية المفروضة عليها منذ عام ،2004 وقال سكر: ''هناك الكثير من الغيوم السياسية في سماء سوريا''، وأشار إلى مشكلات بشأن لبنان والعراق وإيران، فضلاً عن العلاقات المضطربة مع الولايات المتحدة، وقال: ''إذا مرت هذه الغيوم ستتحسن الأوضاع كثيراً''·
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©