الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أم ميشال : الحنان لا يشتري دراجة أو فستاناً

أم ميشال : الحنان لا يشتري دراجة أو فستاناً
15 ديسمبر 2007 21:59
يودعن أهاليهن، يقبلن أولادهن، يتركن أزواجهن ويسافرن، غالبا لا يخترن المهنة بل هي التي تختارهن، فوسط ظروف معيشية قاهرة ليس أمامهن سوى العمل في البيوت· وهنا سأتحاشى لفظ كلمة ''خادمة'' لأنها مهينة لمعظمهن حتى وإن كانت تلك هي الحقيقة، لا بل إن غالبيتهن يرفضن الاعتراف بها ضمنا·· فالخدمة هي وظيفة في النهاية· قصصهن منوعة ومتشابكة وإن كانت تصب في منعطف واحد· وبعيداً عن المشقة قبل السفر وليالي التعب وعدّ الأيام حتى نهاية الشهر، يظل الجانب الإنساني هو الأكثر تأثيرا لمن يطيب له سماع شؤونهن وشجونهن· من باب الخجل لم ترض ''أم ميشال'' أن نذكر اسمها أمام العلن، في بداية الأمر شعرت بالإحراج لمجرد فكرة أن الصحافة سوف تجري معها حوارا، وعلقت قائلة: ''هل أنت جادة، ومن أكون أنا ليهتم الناس بالتعرف إلي؟''· أكملت ''أم ميشال'' دراستها وعملت موظفة في إحدى الشركات في بلدها الفلبين، حيث التقت بفارس أحلامها، وتمنت أن تبني لهما بيتا صغيرا وينجبا أربعة أبناء تحضر لهم طعام العشاء وتقبلهم قبل النوم· حلمت ببيت دافئ وحياة بسيطة لكن سعيدة·· إلا أن الشريك لم يكن مخلصا ولا حتى شريكاً· باعت قطعة أرض من مزارع الأرز التي ورثتها عن أبيها وقدمت أوراقها للسفر الى هونج كونج التي يقال إن الرواتب فيها مرتفعة· تركت طفلتها الوحيدة التي تبلغ من العمر سنتين مع أمها وغادرت لتربي ابنة أناس آخرين·· ويا للمصادفة، الفتاة في سن ابنتها ميشال التي كانت تبكي هناك مفتقدة أمها، في حين كان الواجب يدعوها إلى ان تحضن الأخرى وتحنو عليها· أحبتها من قلبها، لكن قلب الأم كان يذرف الدمع شوقا وينزف باسم التضحية، وعزاؤها الوحيد أنها بعملها هذا سوف تؤمن لابنتها العيش الكريم· مرت سنتان وهي بعيدة، وقبل أن تجدد عقدها جاءها خبر من القرية بأن أخاها مريض جدا، ففضلت العودة، وما أن وصلت حتى فارق الحياة تاركاً لها مسؤولية أسرته من بعده· يا لقساوة الحياة التي أنستها حتى أن تستمتع برؤية ميشال وهي تكبر وتنطق كلماتها الأولى· فلا بد من الغربة مجددا، لكن الى أين؟ وكانت أبوظبي الخيار الأنسب·· قدمت أوراقها الى أحد مكاتب التشغيل في البلدة المجاورة، وانتظرت طويلا حتى اتصلوا بها· فرحة العمل وجني المال في ظروف قاهرة كتلك، كانت أقوى من فراق الأحباب وحتى الضنى· ''فالحياة صعبة، والحنان في ذلك الوقت لم يكن ليفيد ابنتي في شيء ولا بقسط مدرسة أو دراجة أو فستان مطرز''· مشوار جديد بدأته مع عائلة جديدة لكن حلمها القديم ما زال عالقا في البال: بيت متواضع تملؤه حبا لابنتها ميشال·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©