الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

من الإمارات إلى العالم.. التطور لا يهدم جدار الثوابت

من الإمارات إلى العالم.. التطور لا يهدم جدار الثوابت
21 فبراير 2014 19:02
جهاد هديب (أبوظبي) - لم تكن المسافة، التي تفصل قصر المنهل عن قصر الحصن، إلا بقَدْرِ ما يتطلَّبه الانتقال من المعنى، إذ يتقدم ويتطور ويعلو بالاتجاهات كلها، نحو الفكرة الأم التي خرجت منها أولى مبادرات تأسيس الدولة. أيضا، لم تكن تلك المسافة إلا برهة أقام فيها حلمٌ تحقّقَ بدولة صارت أوسع من الحلم ذاته. بهذا المعنى المجازي، يمكن اختصار مشاعر أبناء الإمارات أثناء المسيرة التي رعاها وقادها، أمس، الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد ا?على للقوات المسلحة، وأولياء العهود، بمناسبة افتتاح فعاليات الدورة الثانية لمهرجان قصر الحصن الذي يستمر حتى مطلع مارس المقبل. تدفق الآلاف الإماراتيين والإماراتيات، شيباً وشباناً، نساء وأطفالا، للمشاركة في هذه المسيرة برمزيتها العالية التي تتزامن مع الاحتفاء بمرور 250 عاما ويزيد على بناء قصر الحصن، حيث تقام فعاليات المهرجان، ليقولوا للعالم: «ها نحن هنا»، بتقاليدنا الأصيلة وثقافتنا وهويتنا ذات الامتداد العربي والإسلامي، في حين أن الانفتاح على العالم بهذه الرحابة الصادرة من قلب محب للبشرية جمعاء لا يهدم أي جدار من تلك الثوابت. في تلك الأثناء التي اقتربت خلالها المسيرة من قصر الحصن، كان المكان يعيش يوما للبهجة والفرحة، حيث «الذات» الإماراتية لصيقة بفكرتها عن نفسها وشديدة الاعتداد بذاتها، الإماراتيون جاؤوا إلى هنا ليحتفلوا، جلبوا معهم فرقهم الشعبية الموسيقية وملأوا القصر بأفراحهم. وفي الخامسة وخمسين دقيقة مساء أطلّ الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد ا?على للقوات المسلحة إلى ساحة قصر الحصن من المدخل الأقرب إلى بوابته في الجهة الشمالية، ثم دخل صحبة فريق من المهندسين المعماريين ليقف على آخر ما توصلت إليه الترميمات في القصر الذي استعاد أمس أسباب الألق كلها. كان البدء من قصر الحصن، تلك الذاكرة السياسية والثقافية والاجتماعية للدولة، الذي يختزل بمعالمه التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمدينة أبوظبي منذ أن بدأت تتشكل مع بناء برج على الساحلي فالقلعة من حوله ثم ليأتي تباعا كل ما يحتاج إليه التمثيل السياسي لشعب وجد مكانه تحت الشمس. أما في تلك الساحة التي تفصل القصر عن المجمع الثقافي فقد شارك راعي الحفل المواطنين الرقص والغناء، كما تحدث إليهم كما وتحدثوا إليه، واختلط بشيبهم وشبابهم، فأهدوه سيفا وقبلات محبة. وأخيرا جاءت «كافاليا في قصر الحصن»، العرض المسرحي للمخرج الكندي نورماند لاتوريل، لتعرض قبسا من تلك السيرة التي تكشف عن علاقة البشر بالخيل في هذا المكان، بوصفه متعدد البيئات، ولتقدم بلا كلمة واحدة ذلك الإحساس العميق بالوفاء من قبل الخيل للإنسان، والاحترام الشديد من قبل الإنسان لهذا الكائن الذكي والمرهف، بجماله الباهر وتألقه الفطري وتوقه إلى الحرية. كانت الخيل بطلا بلا منازع في هذا العرض. لا تكفّ العين عن ملاحقتها في الأركان المتعددة للخشبة المسرحية وفي العمق أيضا، فهي تفعل شيئا ما أو تؤدي حركة ذات مغزى تندرج في الدلالة الواسعة للحكاية- السيرة. صحيح أن لهذه الخيل العربية الأصلية والإسبانية جمالياتها الخاصة التي تترك أثرا في المتفرج، لكن بالمقابل، كان الدور الذي لعبته دراميا بامتياز، خاصة في تلك التشكيلات المنفردة التي كانت تقوم بها وحدها دون إشارة من راقص أو مدرب خيل برفقتها. «كافليا في قصر الحصن»، أحد العروض المسرحية التي إنْ شاهدها المرء يصعب عليه نسيانها، تفتح عروضها في الثامنة مساء كل يوم أمام الجمهور طيلة أيام المهرجان. هنيئا للإماراتيين والمقيمين والزائرين، إذن، بعشرة أيام من البهجة والفرح.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©