الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

بالمقلوب

14 فبراير 2015 05:04
قالت: ما أجمل أن تحتفي بثقافتك، لكنني لمحت الاستياء في عينيها ونحن نعبر الممر الضيق وحولنا معروضات ركن التراث الشعبي في المدرسة. استوقف ولية الأمر هذه فستان «كندورة» بناتية، أخبرتنا أنها ظلت تشاهدها معلقة في تلك الزاوية كلما حلت مناسبة تراثية كحق الليلة وفعاليات العيد الوطني واليوم المفتوح في المدرسة و... استاءت زميلتنا لأن ما يشاهده زوار ركن التراث هو فستان تراثي مقلد عبارة عن كندورة قصيرة مفتوحة من الجانبين ومعها سروال تراثي آسيوي هندي أو تايلندي. وفي زاوية أخرى «حِب ماء» بحنفية لا تدري ما هو.. هل هو خزان ماء! أجبناها ونحن نسخر من هذا الانفعال، بأن هذا هو الموجود فليس هناك نساء من الزمن الجميل ليصممن هذا الزي ولا متخصصات في صناعة الحب. قالت: لم يتركوا «للعرب» أي لنا شيئا. ذكرتها بالأزياء التي تصممها الماكنة «مخوَّر الماكنة» الذي لايشبه في تطريزه المخور ورغم أنه تشبيه، ورغم أننا نحب الأصلي المتقن، إلا أننا نرتدي الفساتين المخورة بالماكنة ولم يعد يفرق لدينا، وهي لم يبق لديها شيء من النقد إلا للملابس الموجودة في أركان التراث بالمدارس؟ والحقيقة أن الأخريات لم يدخرن وسعا في الدفاع عن كندورة ركن التراث، وفاجأتنا إحداهن بحكاية طبول «الأوليين» الصناعة الأصلية التي لا يعرفها إلا أصحابها، لكن في يومنا هذا من لديه الوقت أو المهارة لكي يربط ويشد طبولا شعبية! هل نلوم الأجانب لأنهم يشاركوننا في كل مناسبة بمصنوعات وطنية؟ لا نلوم أحدا، لكن هناك فرقا بين أن تطور الشيء وأن تقلبه. فرق بين تطوير التراث وبين قلبه رأسا على عقب، فيكون للحب حنفية بدلا من الغطاء الذي يوضع في أعلاه فيصبح بالمقلوب وتختفي معالم الكندورة التراثية. وإذا كانت الكندورة القديمة غريبة فأنت لكي تعيد إحيائها لا تحتاج إلى قماش من نوع «الصالحني وأبو طيره» الذي كان لزمانه، ولكن تحتاج إلى أن لا تخفي معالم هذا الزي. وغيرة زميلتنا على ثقافتها التي غدت بالمقلوب ربما كانت زيادة وعي بخطورة شيء كالتشويه والتشتت الذي تتعرض له خصوصية الثقافة المحلية، ثم لماذا لا يتدرب شبابنا بأنفسهم في الجامعات والمعاهد وفي مشاريعهم المتوسطة على الصناعة التراثية المحلية بتقنيات جديدة؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©