الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اختيار الكلية الجامعية.. «القرار الأصعب»

اختيار الكلية الجامعية.. «القرار الأصعب»
25 ابريل 2016 12:04
أحمد السعداوي (أبوظبي) اختيار الكلية من أهم القرارات التي تؤثر في مستقبل الطلاب، لكون الالتحاق بكلية تتناسب مع الميول والإمكانات يتيح فرصاً واعدة للنجاح والإبداع.. عكس الحال لو انضم الطالب إلى كلية من دون رغبة حقيقية ودراسة متأنية لما يمتلكه من قدرات، وهنا يظهر دور المدرسة والأهل في توجيه الطالب لما يدرسه في المرحلة الجامعية، واستعراض فرص النجاح والتفوق فيما بعد الانتهاء منها، وتجنب الالتحاق بكليات معينة نزولاً على رغبة الأهل أو لمجرد الحصول على معدلات مرتفعة، وذلك على الرغم من كثر الحديث عن سؤال الأهل للابن منذ صغره: ماذا تريد أن تعمل عندما تكبر؟، وعندما تحين لحظة الاختيار عقب نتيجة الثانوية.. كأن الأمر حدث فجأة. مسيرة نجاح ويقول عاطف محمد المعايطة، طالب الصف الثاني عشر، بمدرسة المشاعل بأبوظبي: «إنه يخطط من الآن لدراسة القانون، وهو من الطلاب المتفوقين، ومتوقع حصوله على معدلات تؤهله لدراسة الطب أو الهندسة»، مشيراً إلى أن القانون والمحاماة مهنة الوالد، ويعتبر من الناجحين والمرموقين في مجاله، وهذا بالطبع سيساعده على استكمال مسيرة النجاح العائلي، على الرغم من أن الوالد يترك له حرية اختيار ما يريد من الكليات. سيدي محمد عبد الكريم، عبر عن رغبته في دخول كلية الطب، موضحاً أنها كانت في البداية رغبة الأهل لكن بمرور الوقت أصبح لديه اهتمام بدراسة الطب، وأنه سينجح فيها بشكل لافت لأن ميوله أن يصبح طبيباً ناجحاً، معرباً عن أمله في الحصول على معدلات مؤهلة، كي تزداد ثقته في نفسه ودافعيته وشعوره بالحماس لما يدرسه، وبالتالي تتولد لديه قدرة على الإبداع والتميز. وأشارت نهلة المنصوري، الطالبة بإحدى المدارس الثانوية، إلى أن التحاق الطالب بالكلية التي يرغب فيها يجعله محباً للحياة الجامعية بكل ما فيها، ويركز في تحصيل أعلى الدرجات واستيعاب ما يدرسه لأنه يرتبط بشكل مباشر بعمله بعد الجامعة، ولذلك تختلف أهمية اقتناع الطالب بالمواد التي يدرسها عن التي يدرسها خلال المرحلة الثانوية، التي لا تتصل مباشرة بما يعمله مستقبلاً، ولذلك ترى أن أهم عوامل نجاح أي طالب في الجامعة وفي حياته العملية لاحقاً اختيار ما يريد أن يدرس، ولكن هذا الحلم لا يتحقق لغالبية الطلاب الذين يدرسون الكليات بناء على مجموع درجاتهم في الثانوية العامة غالباً أو بناء على رغبة الأهل، وفي أحوال قليلة يشاركون زملاء وأصدقاء المرحلة الثانوية ما يدرسونه ولحظات حياة الشباب داخل الجامعة، ولكن بعد فوات الأوان قد يدرك أنه التحق بمجال ليس له علاقة به، ولم يحقق أي نجاح فيه. المرشد الأكاديمي عدنان عباس، مدير مدارس النهضة الوطنية «بنين»، أكد أهمية تناول هذه القضية في هذا الوقت من العام قبل أن ينشغل الجميع في اختبارات الثانوية العامة ونتائجها، مشيراً إلى إشكالية لدى الحاصلين عليها في اختيار الكلية، ترجع لأسباب عدة، منها غياب دور المرشد الأكاديمي في المدرسة، عدم مراعاة ميول الطالب وقدراته الذاتية ومهاراته التي اكتسبها خلال مسيرته التعليمية، وهذه العناصر الثلاثة الرئيسة إذا تم التعرف إليها بدقة تساعد على الاختيار السليم للتخصص. وقال إن سوق العمل هو الذي يدفع كثيراً من الطلاب لدراسة تخصصات لا تتناسب معهم، وتؤدي إلى نوع من التكدس وانتظار أدوار طويلة للحصول على فرصة وظيفية، مثل حال كليات الصف الأول التي يتهافت عليها الكثيرون، وفي الغالب تحدث وفرة في المعروض فيصعب الحصول على فرصة عمل ملائمة، وبالتالي يتأثر مستقبل الشاب سلباً. وللتغلب على هذه التحديات، دعا إلى ضرورة وجود برنامج في المؤسسات التعليمية يقوم على مراقبة ومتابعة وتسجيل ميول الطلاب وقدراتهم من خلال الأنشطة، ودرجاتهم، والتعرض إلى نوع معين من الاختبارات يساعد المتخصص في معرفة ميوله، وكذا يجب التنسيق بين المدرسة وأولياء الأمور. وأوضح أن بعض الطلاب يختارون تخصصاً معيناً بناءً على مجموع درجاته، وهذا شيء غير إيجابي، لكون الكل يتوجه إلى كليات القمة فنجد كثيرين من حملة المؤهلات العليا من تلك الكليات، من دون النظر إلى قدراتهم الأخرى التي يمكن الإفادة منها في تخصصات أخرى، وأحياناً يدفع الطالب إلى دراسة تخصص غير راغب فيه ما ينعكس سلباً على أدائه، وبعد فترة يكتشف ضياع الوقت، وتأثر حالته النفسية، فضلاً عن الخسارة المادية لولي الأمر. ولفت إلى أن بعض المؤسسات التعليمية الجامعية ذات المهنية العالية، تعتمد الآن على أساليب أخرى لاستقبال طلابها الجدد، لا تقتصر فقط على حصوله على درجات عليا في الثانوية العامة، بل تنظر إلى نشاط الطالب خلال سنوات دراسته قبل الجامعة، وضرورة توافقها مع ما يدرسه في الجامعة بغض النظر عن مجموعه مهما ارتفع، وهو يعرف العديد من تلك الحالات التي التحقت بكليات قمة من غير أن تحصل على معدل مرتفع في الثانوية العامة، كما يعرف حالات أخرى لم تنضم إلى ما تريد من كليات، بسبب عدم قيامها بأنشطة وممارسات خلال سنوات الدراسة المدرسية تؤهلها للالتحاق بتلك الجامعات. دور المدرسة ويقول الدكتور ماهر المومني، مدير مدرسة المشاعل الوطنية بأبوظبي: «نحن كإدارة مدرسة ننظم لقاءات دورية مع طلاب الثانوية العامة في حصص معينة للتباحث معهم، وإظهار مدى أهمية العمل الجاد والمواظبة على الدراسة للحصول على مجموعة يؤهل الطالب للمرحلة الجامعية، حيث إن الطالب الذي يتمكن من الحصول على مجموع مرتفع يمكنه ذلك من الالتحاق بالتخصص الذي يريده، ويرى أن فيه مستقبله». ويذكر أن هناك بعض الجامعات تقوم بزيارات إلى المدارس الثانوية، فيعقد مندوب الجامعات مع طلاب الثانوية العامة لقاءات لبيان ما تقدمه تلك الجامعات من تخصصات، وإيضاح أهمية كل تخصص وأفضليته، بحيث يستطيع الطالب الاختيار بين التخصصات الموجودة التي ربما تحقق رغباته وطموحه، علماً بأنه لا يزال مجموع الدرجات هو الفيصل الأول الذي يقف عائقاً في كثير من الأحيان أمام الطالب من الالتحاق في التخصص الذي يرغب فيه، وبالتالي عندما لا يحقق مجموع يؤهله للتخصص المرغوب، يلتحق بآخر لا يحقق طموحاته، وهنا ننادي بضرورة وضع معايير أخرى للقبول بالجامعات، ووضع امتحانات قبول في كل تخصص بالجامعات، بغض النظر عن مجموع الثانوية العامة، فربما حقق طالب نجاحاً باهراً وأثبت قدرات مبدعة حين يتقدم لإحدى تلك الكليات لا يحققه طالب حقق درجات عليا في الثانوية العامة. ولفت إلى أن الأهل يؤثرون بشدة على توجه الطلاب لاختيار التخصصات، ما يؤثر سلباً على إنجاز الطالب وإبداعه في مجال الدراسة، وهناك بعدٌ غاية في الأهمية، هو سوق العمل والوضع الاجتماعي لكثير من الطلبة الذين يسعون للالتحاق ببعض التخصصات التي لها مجال أوسع في سوق العمل، من أجل الحصول على عمل أو وظيفة بغض النظر عن حب هذا العمل أو عدمه، وهذا نتيجة الأوضاع الاقتصادية التي ربما يعانيها أو يعيشها الأهل، فالجميع يسعى لتحقيق مردود عالٍ يؤمن له حياة كريمة وأسرة ذات كيان مستقل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©