الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان·· من الآمال إلى الاحتياجات

أفغانستان·· من الآمال إلى الاحتياجات
8 ابريل 2008 00:38
خلال قمة الناتو التي احتضنتها العاصمة الرومانية ''بوخاريست'' هذا الأسبوع، طلب المسؤولون الأميركيون من نظرائهم الأوروبيين إرسال مزيد من القوات إلى أفغانستان؛ ويتفق الزعماء في كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري على أن رفع عديد القوات والتزاماً أكبر بإعادة إعمار البلاد هما السبيل إلى الانتصار في أفغانستان؛ والحال أن كلا الجانبين على خطأ، والعراق خير دليل· فحين يتعلق الأمر بالاحتلال العسكري، يكشف مثال العراق على أن ''أكبر'' لا تعني دائماً ''أفضل''؛ فقد ساعد الوجود العسكري الكبير للولايات المتحدة في بداية الاحتلال على إشعال نار التمرد؛ هذا في حين أن التكتيكات الجديدة، ووقف إطلاق النار من قبل الميليشيات، وإعادة التوطين جنبت العراقيين الأذى وقللت أعمال العنف خلال الأشهر الأخيرة؛ غير أن ما يُظهره تدخل الولايات المتحدة في العراق في المقام الأول هو حدود القوة العسكرية الأميركية في إعادة تنظيم المجتمعات الأجنبية، فالقوات الأميركية تستطيع كبح أعمال العنف في المناطق التي تحتلها، ولكنها لا تستطيع القضاء على التوترات التي تتسبب في أعمال العنف هذه، وذلك لأن هذه التوترات تنجم عن المشاكل السياسية التي لا يستطيع أحد حلها سوى العراقيين، مثلما تؤكد حالة الفوضى والاضطراب في جنوب البلاد الشيعي، أما إذا كان العراق يُعلم الأميركيين أن غمر الدول الأخرى التي تعاني الحرب الأهلية بالقوات، وتولي جهود بناء الدولة يمثلان استعمالاً جيداً لأموال الضرائب، فإنه مخطئ· والحال أن صناع سياسة الولايات المتحدة الخارجية يتبنون هذا الدرس الخاطئ للأسف؛ ذلك أن الساسة وخبراء المراكز البحثية، الذين من المرجح أن يرشدوا الإدارة المقبلة بخصوص السياسة العسكرية، يعتقدون - فيما يبدو- أنه إذا خطط الأميركيون بشكل أفضل، ونسقوا أكثر، وأجادوا عقيدة محاربة التمرد، فإن البلد يستطيع النجاح في الحروب المستقبلية التي ترمي إلى بناء دول أجنبية؛ وإذا كان الجمهور قد عرف ما فيه الكفاية ليغير رأيه، فإن تعجرف واشنطن لم يتراجع قيد أنملة· ولنتأمل الجهود الأخيرة لزيادة عديد القوات في أفغانستان؛ فـ''جون ماكين'' يتفق مع الإدارة الحالية على أن ثمة حاجة إلى مزيد من القوات الأوروبية، غير أنه يبدو حذراً بخصوص إرسال مزيد من القوات الأميركية إلى هناك نظراً لالتزامه في العراق، غير أن أصدقاءه في معهد ''أميركان إنتربرايز'' يتجاهلون هذه المشكلة ويدعمون زيادةً أميركية أخرى في عديد القوات، وفي هذه الأثناء، يعد الديمقراطيون الأكثر جهراً بتأييدهم لفكرة زيادة عدد القوات في أفغانستان؛ فمركز ''أميركان بروغريس'' الليبرالي -على سبيل المثال- لطالما دافع عن فكرة نقل القوات من العراق إلى أفغانستان، وهو موقف بات يجد له اليوم صدى قوياً في أوساط عدد من المراكز البحثية يسارية الهوى، وعلاوة على ذلك، دعت ''هيلاري كلينتون'' الشهر الماضي إلى زيادة مساهمات ''الناتو'' والولايات المتحدة من حيث القوات، إضافة إلى زيادة المساهمة المالية قصد دعم جهود إعادة بناء البلاد، كما دعا ''باراك أوباما'' من جانبه، إلى شيء مماثل، مع تخصيص أكبر· بيد أن مشكلة هذا التحمس لفكرة الزيادة في عديد القوات لها علاقة أقل بالجهود الرامية إلى زيادة عديد القوات في حد ذاتها منها بالفكرة المرتبطة بها والقائلة إن أفغانستان في حاجة إلى المعاملة نفسِها التي يُعامل بها العراق، إذ يجادل الديمقراطيون بأن ''بوش'' أهمل أفغانستان، وبأن استقرار هذا الأخير وأمن الولايات المتحدة يتطلبان جهوداً أكبر وأفضــل لبنــاء الدولة· ولكنه رأي يجانب الصواب؛ فالحقيقة أنه من بين الإنجازات القليلة التي تُحتسب لإدارة ''بوش'' تواضع وجود وطموح الولايات المتحدة في أفغانستان، ذلك أن الدفاع عن المصالح الأميركية في أفغانستان لا يتطلب أكثر من ضمان غياب ملاذ للإرهابيين الدوليين، وتقديم مثال للبلدان التي توفر مثل هذا الملاذ، وخلافاً للحرب في العراق، فقد برر هــــذان الهدفـــان المعقــولان الحرب في أفغانستان· أما في حال فشل الهدف الأخير، فإن القوات الأميركية تستطيع استهداف معسكرات الإرهابيين وأنصارهم عبر الغارات والضربات الجوية التي تستفيد من المعلومات الاستخباراتية، وذلك حتى في حال بسطت ميليشيات طالبان سيطرتها على بعض المناطق· فهــــذه المهمـــات لا تتطلب قــوة ضخمة، مثلمــا لا تتطلب تحول أفغانستان إلى دولة حديثة، أو ديمقراطية، أو حتى مستقرة· بيد أنه بدلاً من هذه المقاربة الواقعية، ربما يعمد الرئيس الأميركي المقبل إلى توسيع حرب لا نهاية لهــا بهدف تأكيد سيطرة دويلة في كابول على بلاد يصعب حكمها، فأفغانستان حافلة بالأسلحة والتظلمات، ثم إنها تفتقر إلى أسس ومقومــات الدولة كشبكة الطرق، وشبكة كهربائية وطنية، وانتشار الشعور الوطني، وجباية الضرائب؛ أما الفكرة القائلة إن زيادة القوات الغربية والاستثمارات بنسبة 25 في المائة تكفي لتحويل أفغانستان إلى دولة سلمية ومركزية، فتنم عن قدر كبير ومذهل من المثالية· إن الأفغان وحدهم يستطيعون بناء أفغانستان، أما حين يحاول الأميركيون إنجاز المهمة، فإننا نحمي الأفغان من الصراع الذي سيجعلهم في نهاية المطاف أقوى وأصلب، والحقيقة هي أنه لا الأميركيون ولا الأفغان يستطيعون خلق أفغانستان مستوف للآمال الأميركية، وبالتالي، فعلينا أن نهدف بدلاً من ذلك إلى أفغانستان يستوفي الاحتياجات الأميركية· بينجامين إيتش· فريدمان متخصص في شؤون الدفاع والأمن الداخلي بمعهد كاتو الأميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©