الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وداعاً أيها الدوام

8 ابريل 2008 00:38
عندما أسمع أشخاصاً من جيلي -الذي ولد ما بين الحرب العالمية الثانية وبداية عقد الستينات- يتحدثون حول نيتهم التقاعد في أقرب وقت ممكن، أو التوجه إلى التلال الإيطالية أو مواصلة سعيهم الحثيث لـ''لتحقيق الذات''، أضطر إلى منع نفسي من الكلام، هذا لا يعني أنني أؤمن بأن الحياة عمل ولا شيء غير العمل، غير أن ثمة مشكلة -بل مشاكل- بخصوص التقاعد في سن الخامسة والخمسين أو الثانية والستين أو حتى الخامسة والستين، وسأذهب إلى حد وصفه بأنه تصرف أناني لا ينم عن حس وطني· فالانسحاب من القوة العاملة في وقت ما زال فيه المرء في أوج عطائه يعني إنهاء مساهماته في قوة أميركا، ورهن مستقبل أبنائنا وحفدتنا، واستنزاف تريليونات الدولارات من أموال دافعي الضرائب من الاقتصاد، هل في كلامي مبالغة؟ ربما·· فصحيح أن بعض الناس لا يتمتعون بالصحة الجيدة التي تمكنهم من مواصلة العمل، وصحيح أن هناك وظائف كثيرة بائسة جداً وبالتالي، فمن السهولة تفهم رغبة المرء في أن يقول: ''وداعاً أيها الدوام!''· بيد أنه إذا اختار الأميركيون التقاعد في وقت لاحق، إما عبر البقاء في وظائفهم الحالية أو تولي وظائف أخرى جديدة، فإننا سنستطيع بذلك أن نبطئ تزايد دَيننا القومي الذي يعد بتريليونات الدولارات، والذي يزداد بشكل رئيسي بسبب زيادة كلفة برنامج ''ميديكير'' والضمان الاجتماعي، كما سنستطيع من خلال ذلك الإبقاء على مزيد من الأشخاص ضمن القوة العاملة التي لن تعرف ازدياداً ملموساً لولا المهاجرون· وعليه، فإن من شأن العمل فترة أطول أن يزيد من الإنتاج الوطني وينمي الثروة الشخصية، وبالنظر إلى حاجة بلادنا الماسة إلى المعلمين وموظفي القطاع العام، فإن الملايين من ''المواطنين المحنكين'' يستطيعون أن يخدموا مجتمعنا· عندما تم سن الضمان الاجتماعي عام ،1935 وبدأت الاستفادة من مزاياه كاملة في ،1965 كان متوسط عمر الفرد في أميركا هو 63 عاماً، وكان الأميركي العادي يعمل تقريباً إلى أن ينقضي أجله؛ أما اليوم، فإن متوسط عمر الفرد هو 78 عاماً، ومتوسط سن التقاعد هو 62 عاماً، ربما تتعلق الرغبة في التقاعد مبكراً بتحقيق ''الحياة الجيدة'' و''البحث عن السعادة''، وغير ذلك من ''الكليشيهات'' التي تفيد بأن توقف المرء عن العمل في أقرب وقت ممكن فكرة رائعة، فبعض المليونيرات في منطقة ''سيليكون فالي'' يتقاعدون في الأربعينات من أعمارهم، والكثير يحسدونهم على ذلك· إلا أنه نظراً لأن معظم الأميركيين يتمتعون بصحة أفضل في سن الستين أو الخامسة والستين مقارنة مع أجدادهم، فينبغي أن نعمل فترة أطول· ثم إن جل من يبلغون 62 عاماً في ثقافتنا المهووسة بالشباب لا يرغبون في أن يوصَفوا بـ''المسنين''، ومع ذلك، فإن ثلاثة أرباع من تبلغ أعمارهم 62 عاماً يستفيدون من مزايا الضمان الاجتماعي، وبالتالي، فلاغرو أن تطلق ''سي· يوجين ستويرلي'' من ''المعهد الحضري'' على الضمان الاجتماعي لقب ''برنامج تقاعد الأشخاص الذين هم في منتصف العمر''· إن العمل فترة أطول يمكن أن يعني بالنسبة للأشخاص مزيداً من الدخل والمدخرات وشيئاً ليتركه المرء لأبنائه، أما بالنسبة للبلد، فإن ثروة الأميركيين واستهلاكهم سيزدادان بشكل هام إذا اختار الملايين منا العمل حتى سن السابعة والستين بدلاً من الثانية والستين، وهو ما سيغذي النمو الاقتصادي، ثم إن من شأن هذا الدخل الإضافي أن يوفر نحو 800 مليار من الضرائب على الدخل الإضافية، ويقلص كلفة المزايا الحكومية بـ100 مليار دولار على الأقل بحلول ،2045 وذلك حسب تقديرات ''المعهد الحضري''، وهو ما من شأنه أن يقلص العجز المتوقع في 2045 بـ159 في المائة· من أجل مصلحة الجميع، على الأميركيين أن يكونوا قادرين على الأقل على العمل فترة لا تقل عن الفترة التي عملها أجدادهم، علماً بأنهم كانوا أفقر وأعمارهم أقصر، وبذلك، سيساعدون بأريحية على الحفاظ على مستقبل بلدنا وتقويته عبر تخفيف -بدلاً من إثقال- دَيننا القومي والمساهمة فعلياً في رفاهية أطفالنا ومجتمعنا· آندرو يارو كاتب وأستاذ التاريخ الأميركي بالجامعة الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©