الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أيام الشارقة.. أصالة وفرح

أيام الشارقة.. أصالة وفرح
21 ابريل 2016 04:24
أزهار البياتي (الشارقة) بين أحياء المدينة وأزقتها القديمة، ومن قلب ساحة التراث النابض بالحياة، تألقت على مدى 17 يوماً وليلة، أجواء احتفالية مفعمة بملامح الزمن الجميل، مستعيدة دورة استثنائية أخرى من أيام الشارقة التراثية، لتأتي في نسختها الـ 14 على التوالي، وهي مزدانة بثوب الأصالة والفرح، محتضنة جملة من الفعاليات والبرامج ذات الدلالات الحضارية والتاريخية، تستقرأ صفحات مضيئة من تراث وماضي الإمارات العريق. وتشهد الإمارة خلال أيام الشارقة التراثية التي تختتم غداً حراكاً ثقافياً وشعبياً فاعلاً، تهتم به مختلف شرائح المجتمع ومن كل الجنسيات والأعمار، لتصبح المدينة القديمة مقصداً للقاصي والداني، وتستقبل بترحاب ضيوفها الكرام كافة، فاتحة أمامهم أبواباً عتيقة تطل على الماضي، ليشهدوا عبرها تفاصيل حياتية ومعيشية من عمر سنوات وعقود مرت وانقضت، عايشها الرعيل الأول من جيلي الآباء والأجداد، ويتعرفوا من خلالها إلى جوانب من حياتهم، أدواتهم، وحرفهم اليدوية مع موروثاتهم الشعبية والإنسانية. قيمة حضارية وعن أهمية الحدث وقيمته، يقول عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث: «من بدايات انطلاقتها وعلى مدى سنواتها السابقة كافة، تحظى أيام الشارقة التراثية بدعم لا محدود من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لكونها تمثل تظاهرة ثقافية ذات طابع استثنائي مهم ومميّز، وتعكس قيمة حضارية وثقافية تقدمها الإمارة إلى عموم الإمارات والوطن العربي والعالم برمته، متحولة من موسم بعد آخر وبكل ما تحتويه من ثقافة، حضارة، وتاريخ، إلى محطة جذب ونقطة استقطاب مهمة للجماهير من المواطنين والزوار مع الباحثين والدارسين على حد سواء، وعبر جملة من الفعاليات والأنشطة والبرامج التي تنتصر لمفردات تراث المنطقة، وتحكي تفاصيل حياة الأهالي والسكان في البيئة المحلية القديمة». وأضاف: «تحت شعار جديد وهادف رفع عنوان «بالتراث نصون الطبيعة»، جاء مهرجان تراث الشارقة لعام 2016 من 7 حتى 23 أبريل الجاري، منسجماً مع اختيارها كمدينة صحية تصون مقدرات الطبيعة، وتحافظ على عناصر دورة الحياة فيها، لتتوسع «الأيام» في نسختها الجديدة وتتوزع بمحتواها ونشاطها بين مناطق الإمارة وضواحيها كافة مع مدنها الوسطى والشرقية، بحيث تكون قريبة من نبض الجمهور، وتلبي تعطشه لسبر أغوار ماضي البلاد.وأشار المسلم إلى أن الأيام ليست مجرد حدث موسمي تقليدي، بل هي ملتقى كبير تتفاعل فيه جمع من الحضارات والثقافات المتعددة، لتلتقي تحت مظلة الشارقة، والتي يعرف العالم كله دورها ومكانتها الثقافية، وجهودها الدؤوبة في مجال صيانة التراث وتوثيق التاريخ والتعريف بهما، آخذة على عاتقها نقل هذا الإرث الإنساني وضرورة الاستفادة منه والبناء عليه، وذلك في سبيل خلق جيل صاعد يعتز بأصالة الماضي، ويعرف قيمة المنجزات التي صنعها الأولون، بحيث يعمل على تطويرها ونمائها بما يضمن تميزها وديمومتها وتفاعلها مع واقعه، حاضره، ومستقبله». عشاق التراث ولعلَّ خير دليل على نجاح موسم «أيام الشارقة التراثية»، استقطاب حشود الجماهير من مختلف الجنسيات والأعمار، إضافة إلى فئات أخرى من الإعلاميين وعشاق التراث والمختصين والباحثين والضيوف، ما يؤشر على مدى تفاعل المجتمع مع حزمة الفعاليات والبرامج والأنشطة التراثية التي وجدت صدى واسعاً عند الجميع، والتي فتحت سبل الحوار الحضاري والإنساني ما بين الماضي والحاضر. وعن تأثره بمجمل فعاليات «الأيام»، يقول الزائر أحمد حمد (50 عاماً): «تلبي هذه الاحتفالية المهمة للتراث حنيننا نحن المواطنين على وجه خاص إلى زمن الماضي وأصالة الحياة وبساطتها آنذاك، لكوننا ما زلنا ولله الحمد مجتمعاً محافظاً ومتمسكاً بأصول العادات والتقاليد، ولا يزال المورث الشعبي والتراث الثقافي يمثل لدينا قيمة واعتباراً، فنحن نعتز بما بناه وصنعه رعيلنا الأول، ونثمن دوره في ما وصلنا إليه اليوم من تقدم ونماء، ومن وجهة نظري أن الشارقة تبني من خلال هذا المهرجان جسراً مهماً للتواصل بين الأجيال، تختصر عبره المسافات والسنوات، كما تعّزز في نفوس الشباب والأبناء قيم الفخر بالهوية والانتماء، لأن الوطن ليس مجرد رقعة مكانية على خريطة ما، بل هو تاريخ وحضارة وجهد رجال ونساء، بنوا بسواعدهم المجردة أنوية للحياة». حرفيات مميزات وقالت ممثلة الاتحاد النسائي العام، سميرة العامري «قدمنا للموسم الحالي من الأيام مهناً تقليدية وحرفاً نسائية تتعلق بصناعة الملابس التراثية المحلية القديمة، كتفصيل وخياطة خامات زي «الميّزع»، كما ساهمت حرفياتنا المميزات بتقديم عروض محلية أخرى في غزل الصوف ونسج «السدو» وصناعة خيوط «سبوق الطير» للصيد بالصقور، وهكذا فقد جاءت مشاركتنا هذا العام لتعكس ملامح مهمة من سمات الموروثات التاريخية وعناصر التراث الشعبي في المنطقة، وكي نعطي زوار المهرجان، خاصة من الأجيال الصغيرة والشابة، فرصاً حقيقية للتعّرف إلى أصالة تراث الإمارات الزاخر بالثراء». وتصف الزائرة «إيمان جاسم» 48 عاماً، مشاهداتها وانطباعاتها عن الفعاليات: «إن الأجواء هنا حماسية وممتعة إلى حد بعيد، والبرامج دسمة وتحفل بمختلف العروض الثقافية والأنشطة الترفيهية والتراثية المتنوعة، قدمت لنا كمتابعين جوانب عديدة من الفلكلور الشعبي مع تلك المعارض الفنية والنوعية مثل بيت الهوايات، ولقد تمتعت شخصياً بزيارة ركن الأطايب وفريج «أحلى مذاق»، حيث تقدم الأطباق الشعبية اللذيذة بأيادي المواطنات، كما أسهم الأطفال بأزيائهم التراثية الملونة وهم يطوفون بين أرجاء المكان في إضافة مزيد من المرح على الأجواء، فيما رسمت قوافل البدو، وهي تتهادى بالإبل والجمال بين المارة والزوار، مناظر خلابة وبامتياز». حرف يدوية ومهن تقليدية ضمت أيام الشارقة التراثية مجموعة كبيرة من الحرف اليدوية والمهن التقليدية، التي تعد انعكاساً واضحاً لخصوصية السكان، ورسم نمطهم المعيشي وأسلوبهم وثقافتهم في مختلف شؤون الحياة، بمساهمات فاعلة من جهات رسمية وشعبية متعددة من أنحاء الدولة كافة، والتي جاءت لتدلو بدلوها في عرس الشارقة للتراث، مدعومة بسواعد نخبة من الحرفيات والحرفيين من أبناء الوطن، والمنتمين بدورهم لمراكز حرفية عدة، خاصة من فئة كبار السن والمخضرمين الذين عايشوا جزءاً من تلك الحقبة الزمنية، وتوارثوا من جيل لآخر أهم الحرف والأشغال اليدوية، ومنها على سبيل المثال صناعة السفافة، واستخداماتها المحلية كـ «السرود، القفة، المشب، الحصيرة، المغطى، المهفة»، مع قص البراقع، وتزيين الأثواب بشغل «التلي» و«البادلة». لوحة فنية كان للفن والموسيقى والأهازيج الشعبية، نصيب وافر في الفعاليات، حيث قدمت العديد من الفرق الفنية المتخصصة، نماذج من فنونها الشعبية ولوحتها الإيقاعية على أصداح منغمة للطبول والدفوف والطيران، لتلف المكان بأجواء عبقة بأريج الفن والأصالة والتراث، ملونة الأيام كافة بأعراس الإمارات، وترانيم البلدان العربية والإسلامية المشاركة في احتفالية التراث.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©