الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قصر الحصن يرسم أصالة الماضي أمام مستقبل الأجيال

قصر الحصن يرسم أصالة الماضي أمام مستقبل الأجيال
21 فبراير 2014 22:30
أشرف جمعة (أبوظبي)- يمتلك المركز الوطني للوثائق والبحوث العديد من الوثائق المهمة لقصر الحصن، الذي يتميز بمكانته التاريخية ولكونه حدثاً بارزاً في مسيرة إمارة أبوظبي، ولم يزل هذا البناء الشامخ الذي يرسم معالم الماضي ويمد الأجيال الجديدة برؤى وعدة للمستقبل يشغل بال العديد من الباحثين في الدولة ويأتي مهرجان قصر الحصن ليرسخ في الأذهان دور القصر في نشأة أبوظبي على الصعد كافة، حيث يرى الدكتور عبدالله الريس المدير العام للمركز الوطني للوثائق والبحوث أن قصر الحصن ظاهرة تاريخية وأن المركز يمارس دوره في حفظ ذاكرة الوطن الحية وتوثيق التاريخ عبر المهام الوطنية المناطة به وبما يمتلك من باحثين، وخبرات عميقة في مجال التوثيق. أبرز المعالم حول الاهتمام بأقدم صرح تاريخي في أبوظبي، والذي يأخذ أبعاداً جديدة، بالإضافة إلى دور المركز الوطن للوثائق والبحوث في إبراز مكانته للأجيال المقبلة، يقول مدير عام المركز الوطني للوثائق والبحوث الدكتور عبدالله الريس إن قصر الحصن رمز يسهم في تعزيز الهوية الوطنية، وجزء من تراثنا الإماراتي الأصيل الذي نفخر به، فهو رمز لأمجاد الآباء والأجداد، لذا يحظى قصر الحصن الذي يعد من أبرز معالم أبوظبي، بمكانة كبيرة انطلاقاً من كونه نقطة البداية لنمو وتقدم إمارة أبوظبي، ولأنه بقي على مدى قرنين من الزمان الملاذ والمنزل ومقرّ الحكم والإدارة لآل نهيان حكام أبوظبي، فقد شهد الكثير من الأحداث، وعاصر العديد من التطورات والإنجازات في وقت واحد، ولا يزال صرحاً شامخاً يروي سلاسل من الأحداث التاريخية والسياسية. همزة وصل ويضيف الريس: أدرك المركز الوطني للوثائق والبحوث بحكم دوره في حفظ ذاكرة الوطن وتوثيقها للأجيال أهمية هذا الصرح العظيم كهمزة وصل بين الحاضر و الماضي، فأصدر كتاباً خاصاً بهذا القصر المهيب - الذي كان يعطي إيحاء بالمنعة والقوة - وحمل عنوان: (قصر الحصن.. تاريخ حكام أبوظبي 1793-1966)، إذ استمدّ مصادره من السجلات الرسمية للإداريين البريطانيين بمنطقة الخليج. وضم الكتاب خمسة فصول تناولت: لمحة تاريخية، ثم التحول الاقتصادي والسياسي في مشيخة أبوظبي، فصعود أبوظبي للسلطة والشهرة في الفترة (1833-1855)، وأبوظبي المشيخة الرائدة على ساحل الخليج (1855-1909) وآخر الفصول كان عن نهاية مرحلة وتطورات جديدة (1909-1966). ويذكر الكتاب أن قصر الحصن عُرف في الوثائق البريطانية بأسماء عديدة، أبرزها: القلعة، الحصن، قصر الحاكم، دار الحكومة، فهو مقرٌ لحاكم أبوظبي في أواخر القرن الثامن عشر عندما تأسس كحصن صغير حول بئر ماء في موقع استراتيجي، ويعتقد أن بناءه كان في 1761م عندما قام الشيخ ذياب بن عيسى - رحمه الله- بقيادة شعبه من مقرّ إقامتهم في ليوا إلى أبوظبي التي كان ينظر إليها مكاناً مثالياً لرجال قبيلته. ويبين الريس أن المقتنيات الخاصة بالمركز تشمل عدداً كبيراً من الوثائق التي عرفت بوثائق قصر الحصن، ويعود تاريخها إلى الفترة الممتدة من عام 1923م وحتى بداية حكم المغفور له – بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويتعلق الجزء الأكبر منها بفترة حكم الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان،ويحتفظ المركز في أرشيفه الخاص بالصور بعدد كبير من صور لقصر الحصن في مراحل عديدة من تاريخه، وتوحي هذه الصور المحفوظة في أرشيفات المركز بأهمية طرازه المعماري القديم. طبقة بيضاء وبخصوص عمليات الترميم القائمة في المبنى ومدى ارتباطها بسقف زمني معين، وإمكانية أن يستعيد قصر الحصن شكله الأثري القديم الأسباب، التي دعت إلى ترميمه في الوقت الحالي يورد الريس أن ما تقوم به هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة الآن من أعمال ترميم وصيانة للمبنى التاريخي في قصر الحصن تستهدف استعادة التصاميم المعمارية للحصن، وشكله الأثري الذي يبرز جوانب مهمة من تاريخ أبوظبي، وعندما تتم إزالة الطبقة البيضاء السميكة المكونة من الجبس والإسمنت، والتي أضيفت إلى جدران القصر في ثمانينيات القرن الماضي على يد فريق متخصص من الطبيعي أن تظهر مواد البناء التي كان يستخدمها سكان أبوظبي في الماضي، ويسهم الترميم في الحفاظ على التراث العمراني العريق من التلف، ويبقيه شاهداً على ماضي الوطن - وهذا واجب وطني- ويحافظ على المباني القديمة من وصول الرطوبة إلى سطح الحجر المرجاني، الذي يقع تحت الطبقة البيضاء، التي أضيفت قبل سنوات، خاصة أن تركيز الرطوبة على سطح هذه الأحجار يؤدي إلى تآكلها ويتسبب بآثار ضارة ومؤذية للمبنى التاريخي وفق أوضحته هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في هذا الشأن، أما عن السقف الزمني لأعمال الترميم فهو وفق الجدول الزمني للهيئة نفسها. جذور التاريخ وبمناسبة أن لدى المركز الوطني للوثائق والبحوث عدداً من الباحثين الأكفاء في مجالات التراث كافة، ومدى إمكانية الاستعانة بهم في عمل ورشات للتعريف بالقصر، لما يمثله بالنسبة لجزيرة أبوظبي في الماضي؟ يؤكد الريس أنه لدى المركز باحثون أكفاء قادرون على التعريف بالقصر وتاريخه المجيد، ولكن التعاون بيننا وبين هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة لم يشمل هذا الجانب، وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أننا شاركنا في مهرجان قصر الحصن الأول 2013 في المنتدى، الذي أقيم ضمن فعاليات المهرجان بجلسة تفاعلية حوارية شاركتُ فيها مع كل من الدكتورة جاياني مايترا مستشارة البحوث في المركز، واستعرضنا معاً تاريخ قصر الحصن الذي مضى على بنائه أكثر من مائتين وخمسين عاماً، فتاريخه يمثل انطلاق تاريخ أبوظبي، وهو حقيقة ضاربة في جذور التاريخ، لذا سلطنا الضوء على أهميته التاريخية، وأعدنا للأذهان الصورة التي كان عليها حين كانت جنباته تعجّ بالموظفين، والمراجعين والزوار. وقد بينت الدكتورة جوينتي مايترا (مؤلفة كتاب قصر الحصن الذي أصدره المركز، ووزع منه أكثر من ألف نسخة في المهرجان الأول قصر الحصن 2013) في معرض حديثها عن مراحل تطور قصر الحصن إذ إنه مرّ بثلاث مراحل رئيسة، الأولى في عهد الشيخ ذياب بن عيسى، حيث كان البناء عبارة عن برجين وغرفة محصنة للسكن. ثم جاءت المرحلة الثانية بعد تولي الشيخ سعيد بن طحنون الحكم في العام 1845، وخلالها أضاف الشيخ سعيد البرج والمسجد وحفر بئر ماء للبناء القديم، فالمرحلة الثالثة التي بدأت في عام 1950 في عهد الشيخ شخبوط بن سلطان بن زايد حاكم أبوظبي، الذي قرر توسعة القصر إلى أربعة أضعاف مساحته السابقة، وإحاطته بسور وأبراج قوية، ثم صار القصر مكوناً من طابقين، واستخدم الإسمنت للمرة الأولى في بنائه بالإضافة إلى خشب الصندل من أفريقيا وأحجار المرجان، وأوضحت أن هذه التوسعة استغرقت نحو ثلاث سنوات، وكان الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، آخر من سكن هذا القصر، وعندما تولى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الحكم، اتخذ من القصر مقراً للحكم، وشاركت الدكتورة عائشة بالخير مديرة إدارة البحوث والخدمات المعرفية في المركز في آخر جلسات “منتدى قصر الحصن” بدراسة حول نشوء قصر الحصن، التي دعت الباحثين لتفهم قصر الحصن كظاهرة تاريخية فريدة فهو عدل حاكم، وحب محكوم، وكنز حفظ ذاكرة الوطن. ويلفت الريس إلى أن العلاقة بين قصر الحصن والمركز الوطني للوثائق والبحوث متينة للغاية، فهي تعود إلى تأسيس المركز ونشأته في إحدى قاعاته، وظل قصر الحصن الذي يعد جزءاً من ذاكرتنا الوطنية في صلب اهتمامات المركز ولا يدخر المركز جزءاً في سبيل هذا الصرح التاريخي العظيم، ونقل ذاكرته الثرية بالأحداث التاريخية التي تبرز حقيقة إمارة أبوظبي، التي كانت لعقود طويلة في القرن التاسع عشر مشيخة رائدة على ضفاف الخليج. حقبة زمنية وعن ما يمثله قصر الحصن من مكانة وكيفية استغلال هذا الصرح الكبير في التعريف بالماضي لكونه مرجعاً لحقبة زمنية من الممكن أن تشكل ثراء للباحثين التراثيين. يوضح الريس أن الموقع الذي يمتاز به قصر الحصن كقربه من مياه الخليج العربي ليكون رمزاً للقوة والمنعة، يوحي إلى الزمن الذي كان فيه الخليج العربي شرياناً مهماً للتجارة ومصدراً أساسياً للرزق، وفضلاً على موقعه الممتاز فإنه يعدّ قطعة معمارية فنية متميزة تدلّ على طراز عمارة الحصون والقلاع في منطقة الخليج. وتحتوي غرفه وأروقته، وممراته ومجالسه، على العديد من اللمسات الفنية المتميزة، ولما كانت الأماكن تحتفظ بذكريات أصحابها وساكنيها زمناً طويلاً، فإن هذا الصرح التراثي يحمل من أصالة الماضي وعراقته، والأحداث التي شهدها ما يثري تاريخنا الذي نفخر به؛ وهذا ما جعل لمهرجان قصر الحصن دوره الكبير في تعزيز الهوية الإماراتية، وتعريف الزوار بجوانب مهمة من تاريخنا. الصوت والصورة أوضح المدير العام للمركز الوطني للوثائق والبحوث عبدالله الريس أنه كعادة المركز الوطني للوثائق والبحوث في المعارض والمهرجانات والملتقيات الشعبية والتراثية يقيم غرفة استوديو لتسجيل مقابلات بالصوت والصورة مع كبار السن للتاريخ الشفاهي، إذ إنه أدى دوره في المهرجان الأول لقصر الحصن 2013، حيث عمل الباحثون والمختصون من قسم التاريخ الشفهي ودراسة الأنساب في المركز على إجراء عدد من المقابلات الخاصة بماضي قصر الحصن، وحصلوا على عدد من أسماء الرواة وكبار السن من أجل إجراء مقابلات تخصّ قصر الحصن خاصة وماضي المجتمع الإماراتي عامة، وتأتي هذه المقابلات لتضيف الكثير إلى ما في أرشيفات المركز من مواد عن الماضي الزاهر لقصر الحصن. قصر مهيب بالنسبة للفترة التي احتضن فيها القصر المركز الوطني للوثائق والبحوث ابتداء من عام 1968م يذكر الريس أنه اتخذ المغفور له – بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من قصر الحصن مقراً للحكم، وخصّ مكتب الوثائق والدراسات بإحدى دور القصر، ومع تطور المكتب تنقل عدة مراحل ومواقع ليصل إلى المركز الوطني للوثائق والبحوث، والرابط الكبير بين المركز والقصر يبدأ باحتضان القصر للمركز منذ نشأته بتوجيهات من حكيم العرب القائد المؤسس من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه- في عام 1968م، وبالنسبة للمركز الذي يؤدي دور الأرشيف الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، فإنه أدرك أهمية هذا القصر المهيب الذي ما يزال شامخاً يسرد قصص شيوخ آل بوفلاح حكام أبوظبي على مدار ما يقارب قرنين من الزمان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©