الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثوب القاضي أهم

18 ديسمبر 2007 03:18
خلع الرئيس مشرّف أخيراً زيّه العسكري، وسلّم رئاسة القوات المسلحة إلى الجنرال ''إشفاق كياني''، كما أنه قدم القَسَم الرئاسي كرئيس مدني للسنوات الخمس التالية· يُبرز هذا الحدث مجموعتين من الأسئلة، أولهما، هل يشكل هذا التحول في السلطة عهداً من الديمقراطية الحقيقية في الباكستان ونهايــة لمقاومة المجتمع المدني التي استمرت تسعة شهور؟ وثانيهما، هل سيؤثر هذا التحول على التزام الباكستان بتنفيذ حرب الولايات المتحدة على الإرهاب داخل حدودها؟ ولتتسنى الإجابة عن هذه الأسئلة، من الأهمية بمكان أولاً، فهم الطبيعة المحدودة لهذا التحول في السلطة· لقد خلع الجنرال مشرّف زيّه العسكري ولكن طموحه في السيطرة على الحكومة لا يزال قائماً، فهو كرئيس، يسيطر على مصير البرلمان ويحتفظ بالحق في حله، كما قام باختيار أعضاء لجنة الانتخابات والحكومة المؤقتة، وطهر المحكمة العليا من القضاة المستقلين· كيف يمكن لأي انتخابات تجري تحت هذه الظروف أن تكون شرعية؟ تفتقر رئاسة مشرّف، رغم الغطاء القانوني الذي وفره القضاة الذين قاموا بحلف اليمين تحت حكم الطوارئ، إلى الشرعية في عيون الشعب، حيث أن هؤلاء القضاة أنفسهم يفتقرون إلى ثقة الشعب نظراً لاستعدادهم لحلف اليمين بإدارة جنرال عسكري بعد تعليق الدستور· المطلب الرئيسي لقلب المقاومة الشعبية الحالية إعادة تعيين القضاة الذين لم يحلفوا القسم وبالتالي أعفوا من مناصبهم، هؤلاء من يتمتعون بثقة الشعب والذين يدور الصراع حولهم· يعتمد الكثير على الأعمال التي ستقوم بها الأحزاب السياسية الآن، مقاطعة الانتخابات هي إحدى الاستراتيجيات للضغط على الحكومة لإعادة تعيين القضاة، والمقاطعة الكاملة سوف تحرم الانتخابات من أي شكل من أشكال الشرعية· وتبقى أحزاب المعارضة منقسمة حول هذا الأمر، بينما يعاني بعضها من القلق من أن المعارضة لا تتحمل مغادرة الميدان دون منازع، وتتردد أحزاب أخرى في إعطاء مصداقية للانتخابات إذا لم يتم تحقيق مطالبها· وهذا يعني استمرار تظاهرات المحامين كقضية جوهرية، حيث أن إعادة تعيين القضاة المبعدين ما زالت قضية غير محلولة· كذلك تبقى قضية العسكرية هذه في الباكستان غير محلولة مع احتفاظ الجنرال مشرّف بمنصب الرئيس، فاستراتيجية الحكومة باستخدام القوة في التعامل مع الميليشيات والمسلحين فشلت تماماً، وتزايدت المقاومة ضد العمليات العسكرية في الأحزمة القبلية والهجمات الانتحارية على الأهداف الحكومية في وسط الدولة· ورغم الانسياب القوي للمعونة الأميركية من الولايات المتحدة التي زادت على 11 مليار دولار منذ العام ،2001 بحيث جرى دفع مائة مليون دولار شهرياً مباشرة إلى الجيش الباكستاني من أجل ''الحرب على الإرهاب، فإن المناصب الأدنى في الجيش تعاني من تدهور معنوياتها، وقد ظهر ذلك بوضوح في استسلام 250 جندياً في الأحزمة القبلية هذه السنة· أبرز فشل عمليات الحكومة العسكرية الحاجة لمفاوضات دبلوماسية وحوار مع شيوخ القبائل حتى يتسنى استئصال المسلحين· وحتى يتسنى أن تكون هناك مصداقية لهذا الحوار، يتوجب أن تقوده حكومة منتخبة ديمقراطياً؛ وإذا أخذنا بعين الاعتبار سجلّ نظام الرئيس مشرف فإن أي حوار تبادر به الحكومة تحت قيادته لن يحصل سوى على قدر محدود من الثقة في أوساط القبائل· ويبرز هذا كذلك بأن تحولاً في منظور الحكومة الأميركية للحرب على الإرهاب يعتبر أمراً حاسما، فالاعتماد المتواصل على الحلول العسكرية بدلاً من الحلول المخابراتية والمفاوضات، يشكل أكبر عائق أمام التعامل بنجاح مع قضية التسلح والميليشيات العسكرية في باكستان، وكذلك في دول إسلامية أخرى· لا يزال الطريق إلى الديمقراطية غير واضح؛ فبوجود مشرّف كرئيس، وبإبعاد أكثر من ستين بالمائة من قضاة المحاكم العليا من مناصبهم تحت قانون الطوارئ، لم يبق الكثير من الأمل بانتخابات حرة نزيهة في يناير، من الأهمية بمكان أن يدعم الغرب كفاح المجتمع المدني في إعادة تعيين قضاة ما قبل الطوارئ وإدارة عجلة نظام انتخابات ديمقراطية حقيقية· خدمة كومن جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©