الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«قانون» سرور و «كمان» جهاد يحلقان بالجمهور في سماء الفن الراقي

«قانون» سرور و «كمان» جهاد يحلقان بالجمهور في سماء الفن الراقي
5 مايو 2009 23:00
في ليلة موسيقية رائعة أعادتنا إلى أجواء العصر الذهبي للموسيقى العربية، أطل الثنائي الرائع ماجد سرور عازف «القانون» الأشهر في العالم العربي، ومعه جهاد عقل المعروف بـ «عاشق الكمان»، على عشاق الموسيقى الراقية، الذين اكتظت بهم جنبات قاعة الظفرة داخل المجمع الثقافي في أبوظبي، وذلك في واحدة من أروع أمسيات مهرجان أنغام من الشرق في أبوظبي، حيث أمتعوهم بمعزوفات ومقطوعات موسيقية مستوحاة من الإرث الغنائي العربي، محلقين بهم في أجواء من سحر الموسيقى وخيالات لا متناهية أفرزتها أصابع العازفين، وترانيم الآلات الشرقية الأصيلة. بدأ الحفل مع أسطورة «الكمان» جهاد عقل، الذي أسعد الحضور بمقطوعة موسيقية، كان فيها في حالة تماه تام مع معشوقه «الكمان»، يميل لميله، ويطرب لاهتزاز أوتاره، بعدها أخذ في تقديم بعض الألحان التي تغنى بها أشهر المطربين العرب، كان أولها لحن لأغنية «جبار» للعندليب الراحل عبدالحليم حافظ، ثم أتبعها بأغنية «جفنه علم الغزل» للموسيقار محمد عبدالوهاب، حيث كانت القاعة تدوي بالتصفيق بعد كل وصلة موسيقية، يقدمها جهاد، الذي كان يتلاعب بأوتار «الكمان»، وكأنه يتلاعب بقلوب، وأحاسيس الجمهور. ثم أردف ذلك بلحن أغنية «ليالي الأنس في فيينا» للمطربة أسمهان، وأتبعها بأغنية «قلبي ومفتاحه» لشقيقها الراحل فريد الأطرش، وكان جهاد يتحرك بحيوية ونشاط على خشبة المسرح أثناء العزف، وهو ما أعطى زخماً وحرارة للأداء انعكسا تلقائياً على الحضور، فتملكتهم حالة من الانتشاء الروحي والسمو الذوقي والحسي، جعلتهم يستشعرون المعنى الحقيقي للموسيقى الراقية، التي يفتقدها عشاق الفن الأصيل هذه الأيام. كما قدم جهاد أيضاً ألحان أغنيتي، «أنا لك على طول» و»أهواك» لعبدالحليم حافظ، ثم أغنية «يا مسافر وحدك» التي تغنى بها محمد عبدالوهاب في بدايات القرن الماضي، وكذلك أغنية «دارت الأيام» لكوكب الشرق السيدة أم كلثوم، التي تمايل الجمهور مع أنغامها وترددت صيحاتهم في جنبات القاعة، معبرين عن انفعالهم وإعجابهم، بإبداعات جهاد عقل والفرقة المصاحبة له، وهو ما تجلى في وقوفهم لما يقرب من ثلاث دقائق كاملة مصفقين لجهاد عقل عندما أنهى وجبته الموسيقية التي أهداها لعشاق الرقي والفن الرفيع في تلك الأمسية. وبعد استراحة استمرت نحو عشر دقائق، صعد إلى خشبة المسرح عازف القانون الأول في العالم العربي المايسترو ماجد سرور، الذي بدأ بتقديم كوكتيل موسيقي من أرقى الألحان التي تغنى بها عظماء الطرب في العالم العربي، ومنهم عبدالحليم حافظ، وأم كلثوم، ومحمد عبدالوهاب، والفنانة وردة. ثم أخذ ماجد سرور جمهور الحاضرين معه إلى رحلة في حياة الموسيقار محمد عبدالوهاب، من خلال آلة القانون، عرض فيها العديد من أعماله التي لحنها وغناها على مدار رحلته الفنية التي قاربت من ثلاثة أرباع القرن أثرى فيها الوجدان العربي بعذب ألحانه، ورسخ قيم الفن الراقي في ساحة الموسيقى العربية. بدأ ماجد بتقديم «استعراض الزهور»، ثم لحن أغنية «من غير ليه»، ثم أغنية «عاشق الروح»، وهي من أشهر ما قدمه محمد عبدالوهاب للمستمع العربي. بعد ذلك، كانت مقطوعة «فتافيت السكر» للراحل محمد فوزي، وهي الوحيدة التي قام بتأليفها، وكانت خير معبر عن شخصية الراحل المتفائلة، فكانت المقطوعة ملأى بالمرح والإقبال على الحياة، وهو ما استشعره كل من استمع إليها، واستمتع بها. ثم كانت العودة مرة أخرى لألحان عبدالوهاب ومنها لحن أغنية «بلاش تبوسني في عنيا». وبعد ذلك كان هناك فواصل من العزف المنفرد لأشهر وأمهر العازفين في الفرقة، فكانت البداية مع عازف الأكورديون، فاروق محمد حسن، الذي قدم مقطوعة تحت اسم «سلام يا ست» لاقت استحساناً وتصفيقاً غير عاديين من الجمهور الذي دغدغت أحاسيسه تلك الألحان الشجية، وبعدها انتقلت القافلة الموسيقية إلى أغنية «بلاش عتاب» للعندليب عبدالحليم حافظ، وقدمها الدكتور محمد عبدالله على «البيانو»، الذي أشاع جواً من الرومانسية بموسيقاه الناعمة، التي لامست القلوب فخفقت وداعبت المشاعر فاختلجت وتحركت. ثم كانت مقطوعة «جيتار خورشيد»، التي قدمها الدكتور محسن السيد، أعاد بها إلى الأذهان إبداعات العبقري الراحل عمر خورشيد أبرع من عزف على «الجيتار» في العالم العربي، وكأنما هذه المقطوعة مهداة إلى روحه، وهو ما ظهر من اختيار اسم المعزوفة «جيتار خورشيد». وبعد ذلك، جرى تقديم معزوفة للموسيقار الراحل أحمد فؤاد حسن حملت اسم»دقات قلب» وتميزت بأنها تُعزف على الآلات الوترية دون استخدام القوس، ولكن بالاعتماد على أصابع العازفين فقط. ثم قام عازف الإيقاع سعيد الأرتيست بتقديم وصلة في العزف على آلة «الطبلة» التي انفعل لها الجمهور كثيراً خاصة أن «الطبلة» من أهم أدوات الموسيقى الشرقية بقدرتها على تجسيد إيقاعاتها بشكل قوى، الذي ختم وصلته بإيقاع غريب وجديد، وهو استخدام خدود وجهه وفمه كآلات إيقاع، حيث قام بالنقر عليها باستخدام أصابعه، فكانت لفتة غريبة وجميلة أسعدت الجمهور، وأظهرت مدى براعته. بعدها قام الدكتور ممدوح هلال بتقديم مقطوعة خاصة على آلة العود مستلهماً خلالها بعضاً من روائع محمد عبدالوهاب، ومنها ألحان أغنيات «عندما يأتي المساء» و»النهر الخالد»، وكذلك قدم بعضاً من ألحان عمار الشريعي، منها لحن مسلسل رأفت الهجان، الذي ارتبط بوجدان الكثيرين لما فيه من شجن وقدرة على تجسيد الحس الوطني. وقام محمود بدير باستخدام «الناي» بتقديم عزفاً منفرداً للحن أغنية «في أمان الله» لفنان العرب محمد عبده. ثم كانت رحلة جماعية من كل أعضاء الفرقة يتقدمهم ماجد سرور مع مطربي الإمارات، حيث قدموا ألحاناً لبعض أشهر الأغاني الإماراتية، ومنها أغنية حسين الجاسمي «صادق» وأغنية أحلام «لا تصدقوه». أما مسك الختام لهذه الأمسية، فكان مع أوبريت «الحلم العربي» الذي تم تقديمه لأول مرة بالعازفين فقط دون المطربين، فظهر وكأنه مسابقة في فنون العزف بين أعضاء الفرقة، أكدوا من خلاله أنهم بالفعل أفضل الكفاءات الموسيقية الموجودة في عالمنا العربي، وأنهم الصناع الحقيقيون للفن الراقي، وحماة التراث الموسيقي العربي الأصيل.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©