السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ارتفاع الإيجارات وراء انتشار التأجير من الباطن

ارتفاع الإيجارات وراء انتشار التأجير من الباطن
18 ديسمبر 2007 23:31
أفرز ارتفاع الإيجارات ونقص الوحدات السكنية في أبوظبي إلى تفشي ظاهرة سكن ''الشيرنج'' أو التأجير من الباطن، فعمد المستثمرون ومكاتب العقارات إلى تقسيم الفيلات إلى ملاحق سكنية تتكدس فيها عشرات الأسر، وتبارى مستأجرون في تأجير شققهم بصورة مخالفة للقانون لتحقيق الثراء السريع، وضمت الشقة الواحدة أكثر من عشرين شخصاً أو 3 أسر تتباين جنسياتها ومعتقداتها وقيمها وتقاليدها الأمر الذي حول العديد من هذه الشقق إلى بؤر ملتهبة للمشاجرات والصراعات والجرائم الأخلاقية تستنزف جهد ووقت الأجهزة الأمنية· ''مستأجرو الباطن'' هم الضحية، فهم يبحثون عن السكن باعتباره ضرورة لكسب لقمة عيشهم لكنهم يقعون فريسة في أيدي المستثمرين ومكاتب وتجار العقارات الذين يتقاضون منهم وبدون ايصالات رسمية مبالغ طائلة تزيد على عشرة أضعاف القيمة الإيجارية للفيلا أو الشقة· ويعيش مستأجرو الباطن في مساكن غير آدمية تشكل مرتعاً للأمراض الصحية والاجتماعية، وتسيطر عليهم حالة هلع مستمرة خوفاً من مداهمات مفتشي إدارة المباني التجارية أو الشرطة· ''الاتحاد'' في هذا التحقيق ترصد معاناة سكان ''التأجير من الباطن'' أو ''الشيرنج'' وتبحث عن أسباب وجودها وتفشيها، وتطرح الحلول العملية لها وعلى رأسها ضبط سوق الإيجارات، والتوسع في بناء المساكن لأكبر شريحة في المجتمع وهي الطبقة المتوسطة· ينقسم سكن ''الشيرنج'' إلى فيلات وشقق، فالفيلات التي يديرها في الغالب مستثمرون ومكاتب عقارات تقوم بإعادة التصميم الداخلي لكل فيلا لتوزعها إلى ملاحق، ويضم كل ملحق غرفة ضيقة ومطبخا وحماما صغيرين جداً، يتم تأجيره لأسرة قد يصل عدد أعضائها إلى 7 أفراد· أما الشقق فيتم تقسيمها بسهولة حسب الغرف بحيث تسكن كل أسرة في غرفة على أن تكون الصالة والمطبخ والحمام مشتركة بين الجميع· وملاحق الفيلا أشبه بغابات تفتقد إلى أدنى الشروط الصحية من حيث التهوية أو النظافة، كما أن المستثمرين ومكاتب العقارات استبدلوا مداخل الفيلات بملاحق سكنية تم تشييدها من الخشب الحبيبي، تشعرك كأنك تدخل إلى سراديب منفصلة عن بعضها البعض يطل منها أطفال أبرياء ونساء عجزة ينتظرون عودة الأب والأم من عملهما طوال ساعات النهار· ويتم تحديد القيمة الإيجارية لغرفة الشقة أو ملحق الفيلا على أساس عدة اعتبارات أولها جنسية الساكن ووظيفته وعدد أفراد أسرته وموقع السكن، ويحسب الإيجار شهرياً أو كل ثلاثة أشهر حتى يتمكن المستثمرون ومكاتب العقارات من رفع القيمة الإيجارية وتزيد قيمة إيجار غرفة الشقة عن ملحق الفيلات بمبلغ يتراوح بين 500 إلى 1000 درهم شهرياً، وغالباً تفضل الأسر العربية السكن في ملاحق الفيلات بينما تفضل الأسر الآسيوية السكن في غرف الشقق وتختار الشقق الأرخص إيجاراً· ويخضع تأجير غرف الشقق لمساومات بين مكتب العقارات أو المستأجر الأصلي ومستأجر الباطن وفي حالة وقوع خلافات كبيرة بينهما يقوم مستأجر الباطن بإبلاغ إدارة المباني التجارية أو أجهزة الشرطة بمخالفات التأجير· وخلال جولتنا على مناطق فيلات الشيرنج في شعبية خليفة بمنطقة المرور والبطين والمشرف هالنا الكم الهائل من الأسر خاصة العربية التي تسكن فيها، وفي فيلا واحدة وجدنا 13 أسرة تنتمي غالبيتها إلى جنسيات عربية تسكن في ملاحقها التي لا تزيد مساحتها الإجمالية عن 5 أمتار في 4 أمتار شاملة الغرفة والمطبخ والحمام بل إن بعض الملاحق الصغيرة جداً لا تضم مطبخاً، ولا تزيد مساحة دورة مياهها عن متر في نصف متر· قال عبدالمنعم ساتي - الموظف في إحدى الهيئات الخيرية في أبوظبي - إنه يسكن في ملحق في فيلا بشعبية خليفة في تضم 8 ملاحق، وقام المستثمر الآسيوي الأسبوع الماضي برفع القيمة الإيجارية لكل ملحق من 1200 إلى 1600 درهم شهرياً، وأبلغ السكان بزيادته خلال شهرين إلى 2000 درهم· وأضاف: الملحق لا يصلح للسكن الآدمي فهو بدون خدمات ولا صرف صحي ولا مياه نظيفة، وهو مشروع استثماري بشع يمص دماء المستأجرين الغلابة وحاولت على مدار شهور البحث عن سكن آخر ولم أجد إلا غرفة في شقة صغيرة جداً مع 3 أسر آسيوية وبإيجار يصل إلى 2500 درهم شهرياً علماً بأن راتبي لا يزيد على 3 آلاف درهم ولو استأجرتها فمن أين يأكل أولادي الاثنين وزوجتي، وأخيراً قررت البقاء في الملحق لأنه الأرخص· ''مرغم أخوك لابطل''·· بهذه الكلمة تحدث معنا المستأجر و· ب ·م الذي رفض ذكر اسمه خوفاً من طرده من ملحق فيلا في منطقة المشرف تضم 15 أسرة مشيراً إلى أنه أجر الملحق بسعر ممتاز وهو 1100 درهم شهرياً وهو سعر يقل عن سعر السوق بنحو 500 درهم وحصل على هذا السعر باعتباره من السكان القدامى للملحق حيث يمر عليه حاليا عامان فضلاً عن أنه مسالم ولم يفكر في أذى المستثمر، ويؤكد أن مشكلته الوحيدة حالياً هي عدم تحمل زوجته للبقاء محبوسة طوال النهار والليل في الملحق الضيق الذي لا تزيد مساحته عن 5 * 5 أمتار وتنتظر عودته في مرحلة متأخرة من الليل للخروج معه إلى الكورنيش لتنفس الهواء الطلق· والوضع في ''شيرنج'' الشقق أكثر سوءاً، ويشجع بسهولة على ظهور الخلافات والمشكلات بين الأسر الساكنة خاصة إذا كانت تنتمي إلى جنسيات متعددة لكل منها معتقداتها وقيمها وتقاليدها بل ومأكلها وطريقة طهيها للطعام· ويمثل هذا السكن منجماً ليس فقط للمستثمرين بل لعدد كبير من المستأجرين الذين حصلوا على شقق سكنية من إدارة المباني التجارية للإقامة فيها مع أسرهم وقاموا بتسفير أسرهم للتخفيف من أعباء تكلفة الحياة عليهم وللأسف فإن غالبية هؤلاء المستأجرين استغلوا أزمة نقص السكن في أبوظبي وتاجروا في هذه الشقق بتأجيرها بمبالغ تزيد على قيمة الإيجارات التي يدفعونها للدائرة بأربعة أضعاف· يروي محمد عبدالعظيم فاروق فصلاً من المعاناة اليومية التي تعيشها أسر عربية عديدة تسكن في غرفة بشقة مشيراً إلى السكان في الشقة ينتمون لجنسية آسيوية وأوروبية تتناقض طبائعهم وتقاليدهم وملابسهم عن طبائع العرب· ويقول: باب الغرفة مغلق طوال اليوم والليل على زوجتي وأولادي، وفي الصباح نواجه مشكلة حقيقية في من يدخل دورة المياه أولاً وأحياناً يتسبب تأخير السكان في دورة المياه إلى تأخر أولادي عن موعد المدرسة، كما أن الأسرة الأوروبية التي تسكن معنا تجلس في الصالة المشتركة بملابس تتنافي مع تقاليدنا وأعرافنا وديننا، وتطهي الأسرة الآسيوية أنواعاً من الأطعمة تدفعنا للقيء وحياتنا لا تطاق خاصة مع رفع المستأجر الأصلي لقيمة إيجار الغرفة شهرياً إلى 3500 درهم بدلاً من 2500درهم، ولكنني ما زالت قادراً على التحمل، ودخلت قرعة السكن في أبوظبي عشرات المرات ولم أحصل على سكن بسبب انخفاض مخصص السكن من عملي عن قيمة الإيجارات المطروحة في القرعة ونعاني أشد المعاناة ولا نعرف نهاية لهذه المعاناة· وينتشر العزاب الذين يقدر عددهم في أبوظبي وحدها وفقاً لإحصائية من بلدية أبوظبي بنحو 100 ألف شخص، في ''شيرنج'' الشــقق، وخـــلال جولتنـــــا التقينــا بصلاح محمد عبدالعظيم الذي ذكر لنا أنه يسكن في شقة يتواجد بها عشرة العزاب حيث يتواجد كل 3 شباب في غرفة واحدة وقيمة إيجار الغرفة الواحدة يتراوح بين 2000 إلى 3000 درهم ، وفي حالة إذا أراد المستأجر من الباطن السكن في غرفة واحدة فعليه أن يدفع 3500 درهم وهذا المبلغ قابل للزيادة كل 3 شهور حسب السوق· ويقول صلاح: راتبي يصل على 1800 درهم فقط أدفع منها 800 درهم للسكن و300 للمأكل والباقي لزوجتى وأولادي ولو رفع المستأجر الأصلي قيمة الإيجار فسوف أضطر إلى البحث عن سكن مشترك آخر حتى لو خارج أبوظبي· ويتفق معه عوض عثمان وأحمد حجاب ومحمد بدوي مؤكدين استفحال ظاهرة شيرنج الشقق علماً بأن الضحية هو مستأجر الباطن وخاصة العزاب الذين حرمتهم إدارة المباني التجارية من التقدم للقرعة السكنية· ولا توجد إحصائيات دقيقة لدى إدارة المباني التجارية أو لجنة فض المنازعات الإيجارية أو بلدية أبوظبي أو غيرها من الجهات الحكومية وغير الحكومية عن حجم ظاهرة التأجير من الباطن إلا أن الجميع يؤكد أن حجمها كبير للغاية وتستشري كالنار في الهشيم· ومن بين عشرات الدعاوى التي نظرتها لجنة فض المنازعات الإيجارية مؤخراً دعوى تقدم بها مالك بناية تضم 10 طوابق ذكر فيها أن جميع مستأجري البناية الأصليين أجروا شققهم من الباطن وتضم كل شقة ما بين 15 إلى 20 ساكناً، وقامت اللجنة بندب خبير لمعاينة البناية ووجد أن دعوى المالك صحيحة وأصدرت اللجنة حكمها بإخلاء جميع المستأجرين وأعادوا البناية لمالكها· تكاتف الجهات الرسمية محمد عبدالله مدير إدارة الإيجارات في أبوظبي حذر من خطورة ظاهرة التأجير من الباطن على أمن المجتمع، مشيراً إلى انتشار المشاجرات بين سكان العديد من شقق الباطن· وقال: شرطة أبوظبي تلقت العديد من شكاوى مستأجرين من الباطن ومنذ أيام رأيت مستأجراً والدماء تسيل على وجهه بعد مشاجرة عنيفة مع سكان الشقة استخدموا فيها آلات حادة· وذكر أن حجم الظاهرة في شقق إدارة المباني التجارية أقل بكثير من البنايات الخاصة فضلاً عن أن عدد البنايات التي تديرها الإدارة حالياً يقل بصورة ملحوظة· ونوه إلى أن انخفاض قيمة إيجارات شقق الإدارة دفع بعض المستأجرين المستغلين في تأجير شققهم من الباطن للحصول على ربح سريع مؤكداً مخالفتهم لقوانين ولوائح عمل الجهات الحكومية التي يعملون فيها· وقال: نخطر الجهات الحكومية بمخالفات موظفيهم فقط· ويذكر أن لجنة الإيجارات عند نظرها لطلبات توفيق أوضاع المستأجرين من الباطن لاحظت أن غالبية مستأجري الباطن يسكنون منذ سنوات طويلة، وأن الشقق مؤجرة من مستأجر غير أصلي أو وسطاء بمبالغ كبيرة منها شقة تصل قيمتها الإيجارية في الإدارة بـ 70 ألفاً وتم تأجيرها للمستأجرين الجدد بـ 115 ألف درهم وأوضح أن اللجنة رفضت تعديل أوضاع 58 مستأجراً لعدة أسباب منها عدم تواجد المستأجر من الباطن في الشقة· ابتزاز المستأجرين أشاد بتوجيهات سمو الشيخ محمد بن خليفة آل نهيان رئيس دائرة المالية عضو المجلس التنفيذي في أبوظبي لمنح المخالفين مهلتين مؤكداً استفادة الكثير من الأسر التي عاشت لسنوات تحت ابتزاز بعض المستأجرين الذين حولوا شقق الدائرة كوسيلة للربح السريع· وشدد محمد عبدالله على أن ظاهرة التأجير من الباطن تحتاج إلى تكاتف العديد من الجهات على رأسها الجهات القضائية والأمنية وجهات عمل المستأجرين ولجنة فض المنازعات وإدارة المباني التجارية مطالباً بإنشاء هيئة عقارية لدراسة جميع مشكلات سوق الإيجارات وتصدر توصياتها لإصلاحها· وقال: لن نستطيع القضاء مرة واحدة على ظاهرة التأجير من الباطن ولن تنتهي ما دام عدد الوحدات المطروحة للسكن قليلة وعندما تكتمل المشاريع العقارية الضخمة خلال السنوات الثلاث أو الخمس المقبلة فسوف تحد هذه الظاهرة خاصة إذا توفر الإسكان المتوسط على نطاق واسع في الإمارة لتلبية احتياجات الشريحة الأكبر من المقيمين فيها· ارتفاع الإيجارات الدكتور حسن إسماعيل عبيد أستاذ علم الاجتماع والمستشار الاجتماعي لوزارة العمل ومنظمة الأسرة العربية يطرح رؤيته مؤكداً أن ظاهرة التأجير من الباطن ظاهرة عارضة تستحق الدراسة من الجهات المعنية للتعرف على أسبابها الحقيقية· ويذكر أن هذه الظاهرة نشأت في أبوظبي لسببين رئيسيين أولهما وأبرزهما ارتفاع إيجارات المساكن بصورة غير معقولة وثانيها دخول أعداد ضخمة من الفنيين والعمالة للمشاركة في حركة الاستثمار والإعمار غير المسبوقة في الوقت الذي تعاني سوق الإيجارات من ندرة حادة في أعداد الشقق المطروحة للإيجار، الأمر الذي دفع الكثير من الأسر والعزاب إلى ''السكن الجماعي'' حيث إن السكن ضرورة للإقامة والعيش في الإمارة· ويرى أن ظاهرة التأجير من الباطن أفرزت أمراضاً صحية واجتماعية واقتصادية خطيرة موضحاً أن تكدس أعداد كبيرة من الوافدين في شقة واحدة يؤدي إلى تفشي الأمراض الصحية خاصة المعدية بسبب استعمال جميع الساكنين في الشقة للمرافق الصحية كما أن هذه الشقق تولد المشاجرات والصراعات العنيفة خاصة وأنها تضم كيانات بشرية تختلف عقائدها وأعرافها وبالتأكيد نشأت وستنشأ صراعات أثنية وطائفية فيها، فضلاً عن أن هذه الشقق تكون مرتعاً للجرائم بصفة عامة والجريمة الأخلاقية بصفة خاصة· وأشار إلى أن ارتفاع الإيجارات دفع بمستأجرين كثيرين إلى ترحيل أسرهم إلى بلادهم الأصلية الأمر الذي يخفض القوى الشرائية في الإمارة وهذا واضح للعيان، كما أن هناك فئة متميزة جداً من العمالة الماهرة لم تستطع البقاء في أبوظبي لعدم وجود سكن ملائم لها وجذبتها دول مجاورة تتسارع فيها حركة التنمية· ويشير الدكتور حسن عبيد إلى أنه قبل تجريم ظاهرة التأجير من الباطن فلابد أن يتم توفير السكن أولاً للوافدين مؤكداً أن مشكلة التأجير من الباطن تتطلب تكاتف جهات حكومية عديدة في أبوظبي أبرزها وزارة الداخلية والبلدية ولجنة المنازعات والمباني التجارية لوضع خطة شاملة لمواجهتها بأسلوب علمي ولابد من الإسراع في إنشاء مدن سكنية للعمال إضافة إلى توفير مساكن متوسطة يسكن فيها غالبية الوافدين المقيمين والقادمين للإقامة في أبوظبي خاصة وأن الإمارة تخطو حالياً نحو نهضة اقتصادية تضم مشاريع استثمارية بمئات المليارات من الدراهم وتحتاج لعمالة ماهرة لتنفيذها على أرض الواقع· مهلتان لتوفيق أوضاع المستأجرين من الباطن وخلال العام الجاري وبتوجيهات من سمو الشيخ محمد بن خليفة آل نهيان رئيس دائرة المالية عضو المجلس التنفيذي في أبوظبي نظمت إدارة المباني التجارية على مدار 5 أشهر مهلتين لتوفيق أوضاع المستأجرين من الباطن ووضعت الإدارة عدة شروط استبعدت منها العزاب والأسر المتعددة التي تسكن في شقة واحدة وشقق القرعة السكنية، ووصل عدد الذين تم توفيق أوضاعهم إلى 104 من بين 315 تقدموا للمهلتين· ويؤكد سعادة ضاحي السويدي الوكيل المساعد للشؤون المالية والإدارية بإدارة المباني التجارية: أن عدد طلبات توفيق أوضاع مستأجري الباطن الذين تلقتها اللجنة قليل ولا يعكس حجم هذه الظاهرة المقلقة للجميع· ويذكر أن ظاهرة التأجير من الباطن ''كبيرة'' وازدادت خلال العامين الأخيرين لعدة أسباب أبرزها السماح للمستثمرين ومكاتب العقارات بالعمل في سوق السكن بدون رقابة، وللأسف فقد استغلوا أزمة السكن الحالية للثراء السريع، وقسموا الفيلات والشقق إلى ملاحق وغرف صغيرة بالمخالفة للقانون لتسكين أكبر عدد من الأسر فيها· ويشير ضاحي السويدي إلى سبب آخر لغل أيدي الإدارة عن ملاحقة المخالفين من المستأجرين وهو عدم وجود قانون يبيح لإدارة المباني التجارية إخلاء المستأجر الأصلي فور وقوع مخالفات التأجير من الباطن حيث إن أشد عقوبة هي إعداد تقرير عن المخالفة وتنبيه المستأجر لذلك وفي الغالب فإن المستأجر يراوغ وقد يرفع دعوى أمام المحكمة ضد الإدارة، فضلاً عن أن لجنة فض المنازعات لا تعتد بتقارير التفتيش التي تعدها الإدارة عن المستأجرين من الباطن· وذكر أن الإدارة لم تمنع العزاب من السكن الشرعي إلا أنه يوضح أن أزمة نقص السكن دفعت الإدارة إلى إعطاء أولوية في الوحدات المطروحة بنظام القرعة إلى الأسر لاحتياجها الشديد إلى السكن· وقال: في السنوات السابقة أجرت الإدارة شققاً غرفة وصالة لعزاب لكن في الوقت الحالي لا توجد شقق لهم ولغيرهم ولو وجدنا شقة فنقوم بمنحها للأسر لاعتبارات انسانية بحتة· وأشار إلى أن الإدارة تحارب ظاهرة التأجير من الباطن بكافة الوسائل المتاحة لها موضحاً أن اشتراطها لإبرام العقود الجديدة والقديمة تقديم المستأجر شهادة راتب هدف بالأساس إلى الحد من هذه الظاهرة فلا يعقل أن يستأجر شخص ما شقة بمائة ألف درهم سنوياً وراتبه الشهري لا يزيد على 4 آلاف درهم أي 48 ألف درهم سنوياً· وأكد السويدي أن القضاء على ظاهرة التأجير من الباطن مرتبط بإنشاء جهاز للتفتيش القضائي على الشقق وأن تسند مهمته إلى دائرة القضاء أو لجنة فض المنازعات لأن الإدارة لا يتوفر لديها الموظفون ولا الإمكانيات الكافية للإشراف على هذا الجهاز· ويرحب محمد راشد الهاملي رئيس لجنة فض المنازعات الإيجارية باقتراح ضاحي السويدي إلا أنه يؤكد أن لجنة فض المنازعات ليست لديها هذه الصلاحية· ويتحفظ على تقارير التفتيش التي تعدها إدارة المباني التجارية قائلا: نحن لا نعتد بهذه التقارير لأنها تصدر من حراس البنايات وهؤلاء الحراس يعملون في شركة مهمتها الحراسة وليس التفتيش على الشقق فضلاً عن أن هناك حرمة للبيوت يجب مراعاتها وإلا أصبحت كل إجراءات التفتيش مخالفة للقانون، وهذا لا يعني أن اللجنة تصمت إزاء الآثار السلبية الخطيرة لظاهرة التأجير من الباطن بل تعمل على محاربتها ولكن وفق القانون وفي حالة وصول شكوى للجنة تقوم على الفور بندب خبراء من دائرة القضاء للتحقق وقد أصدرنا أحكاماً بإخلاء مستأجرين أصليين ومن الباطن· ويثني الهاملي على إجراءات إدارة المباني التجارية لمحاربة ظاهرة التأجير من الباطن مشيراً إلى أن شهادة الراتب ومهلتي توفيق الأوضاع سيحدان من الظاهرة لكن لابد من حل شامل لها عن طريق سن القوانين التي تقيدها وتوفير السكن للوافدين إلى أبوظبي·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©