الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نساء غزة يلتقطن الرزق من أحضان الظلام والرطوبة

نساء غزة يلتقطن الرزق من أحضان الظلام والرطوبة
5 مايو 2009 23:03
تزرع كوثر مطر المشروم (الفطر) في بيتها بحثا عن لقمة العيش كغيرها من الغزيات اللواتي انتمين لمشروع أطلقته جمعية حيفا الخيرية. واستخدمت كوثر البالغة من العمر أربعين عاماً، والتي تعيل أسرة مكونة من 7 أفراد بينهم طلبة جامعيون، الغرفة التي كان يقطنها ابنها فوق سطح منزلها الكائن في حي الشيخ رضوان شرق غزة لإقامة المشروع، وهو الأمر الذي زاد الاكتظاظ الذي تعاني منه الأسرة ولكنها تبحث عن مصدر للدخل، لاسيما أن زوجها لا يعمل بسبب إصابته من قبل قوات الاحتلال. تقول، وهي منهمكة في رش مواد معقمة بواسطة جهاز خاص لإحدى سلال المشروم، إن هذا المشروع يحتاج لدقة شديدة، رغم أنه سهل التنفيذ وغير معقد، مشيرة إلى ضرورة الاهتمام بمسألة النظافة والتعقيم. ورغم معاناتها من مشكلة التسويق، واضطرارها أحيانا لأخذ المنتج للجمعية لتسويقه أو تقوم هي بتجفيفه والاحتفاظ به حتى لايفسد تبدي كوثر تفاؤلا كبيرا بمستقبل مشروع المشروم في غزة، خاصة مع دخوله بشكل تدريجي للمطابخ الفلسطينية، وزيادة الطلب عليه من قبل المطاعم والأجانب الذين يزورون غزة بعد فترة ما بعد الحرب. وتبنى زوج عطاف العشي المهندس الزراعي نبيل المشروع الذي بدأته في منزلها، ودعمه بكل ما يستطيع لذا فهي سعيدة الحظ كما تقول. وحققت العشي وزوجها نجاحا كبيرا في موضوع تسويق المنتج، حيث عملا بطريقة منظمة ومدروسة، فوضعا أولا أيديهما على المشاكل التي يعاني منها المشروم، وهي ضعف وعي السكان بأهميته وبطريقة تناوله وطبخه، وعملا على التغلب عليها، حيث أعدا مطبوعات توضح فوائد فطر المشروم لصحة الإنسان، وأخرى توضح طرق طبخه؛ بل وقاما باختراع طرق طبخ جديدة، كما قاما بإعداد أوانٍ بلاستيكية من أجل تعبئته بطريقة سليمة وصحية. يقول نبيل إنه استثمر خبرته في الزراعة من أجل إنجاح المشروع، حيث قام وزوجته بتجهيز المكان المناسب للمشروع، موضحا أنه بدأه بـ15 سلة، ثم ضاعف العدد ليصبح 35 سلة. ويضيف: «نفذنا التعليمات بدقة، خاصة فيما يتعلق بمسألة التعقيم، ونتمنى أن نتوسع في هذا المشروع، مشيرا إلى أنه قام بشراء سيارة خاصة بعملية التسويق، تقوم بزيارة محال السوبر ماركت الكبيرة، والمطاعم بهدف تسويق منتجه. وتوضح عطاف أنها وزوجها يخططان لتطوير المشروع المنزلي، ليصبح مزرعة كبيرة، لكنهما بحاجة إلى تمويل بهدف توسيعه وصولا إلى تشغيل الأيدي العاملة العاطلة عن العمل وتصدير المنتج إلى الخارج ولكن كل هذه أحلام في ظل الحصار المفروض على غزة منذ سنوات. أما زكية سليم فتقول وهي تسدل الستائر على سلال المشروم :»إن هذا المشروع هو الذي يسترنا بعد الله، فزوجي عاطل عن العمل منذ 20 عاما بفعل المرض، وجميع أولادي مثله لا يجدون عملا». وتنفذ زكية في منزلها الكائن في حي الصفطاوي شمال غرب مدينة غزة مشروع «فطر عيش الغراب» أو «المشروم» منذ عام ونصف العام تقريبا، بهدف تحسين أوضاع أسرتها المادية التي تدهورت بفعل الحصار الذي يطبق على قطاع غزة منذ عامين. عن ذلك تقول: «بدأ المشروع في عام 2008 حيث تسلمت من مؤسسة حيفا الخيرية الأدوات والمتمثلة في بذور الفطر وأنبوبة غاز و15 سلة فارغة وبراميل حديد وبلاستيك». وتضيف: «تلقيت دورة عملية في كيفية زراعة الفطر ومن بعدها بدأنا في العمل ونحن نعمل على تسويق الفطر بعد زراعته ونأكل منه ونصرف منه على المنزل حيث يدر علينا دخلا أسبوعيا بقيمة 40 دولارا». وعن كيفية زراعة الفطر تقول زكية: «نبدأ بغلي برميل ماء كبير لمدة كبيرة حتى تغلي ونضع التبن فيها لمدة 24 ساعة وبعدها نقوم بتصفية التبن مدة 24 ساعة. ونحضر قطعة بلاستيكية ونطهرها ثم نضع في السلة نصف كيلو من التبن حوالي 5 سم بحيث يكون سمكه في هذه الحدود، ثم نضع تقاوي الفطر «البذور» وعليها نصف كيلو «شيد وردة» ويجب أن تكون السلة معقمة ونغلق السلة بالكيس الأسود لمدة 15 ساعة ونتأكد أن سطحه أبيض مثل الثلج وهذا يسمى الحضانة. بعد ذلك نرش ماء على الفطر في الشتاء مرتين يوميا وفي الصيف كل ساعتين مرة وبعد ثمانية أيام يكبر الفطر ويخرج من جوانب السلة وتكبر وبعد 8 أيام نرش ماء بعد قطف الفطر الذي كبر لأنه ينتج فطراً مرة أخرى». وتدين أولئك النسوة بالعرفان لعواطف أبو توهة، رئيسة الجمعية التي تبنت المشروع، ونشرته في مناطق متفرقة من قطاع غزة، وتعمل على توسيعه. من جهتها، تقول أبوتوهة إن «المشروع بدأ بـ67 سيدة، تم تدريبهن عمليا ونظريا على زراعة فطر المشروم، وقام الصليب الأحمر بمنحهم المساعدات، والتي تمثلت بكامل المعدات اللازمة للمشروع، كما أن وزارة الزراعة تبنت المشروع، وقامت بمدنا بتقاوي الفطر «البذور». وتبدي أبو توهة حزنها على انتهاء فترة المشروع الذي يموله الصليب الأحمر، وهو الأمر الذي يعني توقف دعم مشاريع جديدة لحين توفر ممول جديد. وتقول إن مشروع الفطر المنزلي يحتاج إلى مبلغ قدره 1000 دولار، ويباع الكيلو الواحد من المنتج بـ20 شيكل (5 دولارات) ويمكن أن يدر دخلا على الأسرة يتراوح ما بين 150 إلى 200 دولار شهريا. ومن أهم العقبات التي تواجه «سيدات المشروم» نقص غاز الطهي بسبب الحصار، والذي يعد من أساسيات المشروع، حيث يحتاج إلى ماء مغلي بواسطة الغاز من أجل التعقيم، كما أن أهالي غزة لم يعتادوا على تذوقه واستخدامه في أطعمتهم. وتوضح أبو توهة أن فئة المغتربين والوافدين من خارج القطاع والأجانب هم أكثر من يطلب المشروم، كونهم يدركون فوائده الجمة، موضحة أن الكثير من الأسر بدأت تستعيض به عن الجمبري واللحوم الحمراء. وتؤكد أن الجمعية تمكنت من تصدير الفطر الغزي إلى دول أجنبية عن طريق الزوار الأجانب الذين يشترون المشروم المجفف، ويسافرون به إلى بلدانهم، نظرا لارتفاع أسعاره في بلادهم، مؤكدة وجود مساع لتصدير المشروم الفلسطيني إلى الخارج، في حال انتهاء الحصار المفروض على غزة.
المصدر: غزة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©