الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سرد للذكريات هروبا من خواء الراهن

سرد للذكريات هروبا من خواء الراهن
19 ديسمبر 2007 00:36
ضمن عروض الدورة الثالثة لمهرجان الفجيرة الدولي الثالث للمونودراما، قدمت فرقة مسرح دبا الفجيرة عرضا بعنوان ''الفانوس'' وهو من تأليف الإماراتي محمد سعيد الظنحاني (وهو بالمناسبة رئيس المهرجان)، وإخراج حسن الموذن، وتمثيل عبد الله مسعود، ويساعد في التمثيل عدد من الممثلين الصامتين· وقد أثار العمل جدلا بين من تعرض له بالنقد ومن أبدى ارتياحا، بخصوص النص والإخراج والتمثيل، وكذلك بخصوص شبه غياب للتوظيف الناجح للمؤثرات الضوئية والصوتية، وأيضاً في ما إذا كان هذا عملا من أعمال المونودراما بسبب اشتراك حوالي خمسة من الممثلين على هيئة الطفل الذي يمثل طفولة وشباب الشخصية، وكذلك والد الشخصية، إضافة إلى شخصيات الأشباح التي تطارده· العرض بدأ طويلا بعض الشيء، بل ينطوي على تكرار لبعض الثيمات التي تعرض لها، سواء على مستوى الذكريات مع الأم والأب، أو على مستوى العيش في الأزمة الراهنة للشخصية، وهو ما جعل العمل يطول أكثر مما تحتمل فكرته، الفكرة التي تتمثل في العودة إلى الفانوس والاحتماء به بوصفه رمزا من رموز الماضي والذاكرة، وكذلك بما يحمله من إمكانية الإضاءة على الماضي والحاضر· وقد ظهر السؤال ما إذا كان النص طويلا إلى هذا الحد، فأين دور المخرج في اختزاله وتكثيفه ليكون قابلا للعرض؟ الفانوس الذي يستأنس به ''بطل'' المسرحية هو ما تبقى له بعد رحيل والديه، وهو ما يبرر لجوءه إليه ليسرد ذكرياته ضمن مقاطع وأجزاء تبدو غير مترابطة، وتتخذ من اللغة الشاعرية التهويمية أسلوبا لسرد هذه الذكريات، بدءا من الطفولة الفقيرة والمعذبة للبطل، وتفاصيل الحياة الطفولية في ظل والدة تمنح الدفء ووالد يعيش شظف العيش، وصعودا إلى الكد والتعب للوصول إلى تكوين ثروة ينافسه عليها الآخرون، الأمر الذي يضع البطل في صراع مع حاضره محاولا استرجاع ذلك الماضي التعيس ولكن الذي يبدو جميلا جدا مقارنة مع هذا الحاضر المادي البارد· لذا تكثر في العرض عبارات الموت بكل أشكاله ومشتقاته، البرودة، العفن، الفراغ، الخواء·· الخ· رحلة البحث هناك في العمل مفردتان متقابلتان من حيث الدلالة، النافذة التي تطل على الماضي بكل ما فيه من عناصر الحب والدفء والحنان، إضافة إلى ما يشاهده خلالها من سحاب وشجر وبرق، ويفتحها البطل عادة ليطل على ذلك العالم، والباب الذي يحرص على إغلاقه أمام عناصر الشر التي تهاجمه، وهو ما بينهما ضائع في رحلة البحث عن الذات· هذه الرحلة التي تنتهي بإطفاء الفانوس ووضع الشاش الأبيض عليه بمثابة الأم التي تغطي ابنها لينام، ويمكن أن يكون كفنا يمثل نهاية هذه الرحلة، ليظل الصراع مفتوحا· النص يبدو طويلا بالطبع، وكما لو كتب ليقرأ لا ليكون عرضا مسرحيا في الحال التي هو عليها، لذلك كان لا بد من معالجته على مستويين، مستوى الطول هذا، والمستوى الأهم هو المعالجة الدرامية الإخراجية التي تظهر دور المخرج ورؤيته، ومن هنا رأينا التكرار الذي أوقع العمل في الملل، وكذلك فقد ظهرت بعض المواقف الميلودرامية التي لا يحتملها مسرح المونودراما· النقطة الأخرى التي تثير الجدل هي استخدام خمسة ممثلين إضافة إلى الممثل الرئيسي الذي يفترض أن يؤدي العمل وحده، وبقدراته وطاقاته الشخصية، والسؤال هو حول جواز استخدام ممثلين آخرين، خصوصا أن ثمة من يتساءل حول استخدام أدوات مساعدة كالفيديو أو الدمى· على أي حال ظهر الفنان عبد الله مسعود بأقل من جهده المعروف في أعمال أخرى، حتى أنه في الكثير من مقاطع العمل بدا مجهدا ويلقي النص إلقاء عاديا أو بانفعالات غير طبيعية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©