السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سبيفاك وجماعة دراسات التابع (4/4)

سبيفاك وجماعة دراسات التابع (4/4)
19 ديسمبر 2007 00:37
توسع جياتري سبيفاك الناقدة الهندية الأميركية رؤيتها لتطبقها على جماعة دراسات التابع، التي أسست بواسطة مؤرخين هنود، وهؤلاء يبحثون عن المؤثرات الكولونيالية في التاريخ الهندي الوطني، سعيا منهم في تحدي التاريخ الاستعماري القائم على المغالطات، من أجل الوصول إلى التاريخ الحقيقي للوطنية المتمثلة في كفاحات التابع المهمّش، وتختلف سبيفاك مع هؤلاء المؤرخين لأنها تعتقد بأنه لا يمكن الوصول إلى صوت التابع الأصلي لأنه واقع في الغياب، ولذلك فلابد من قراءة عمل هذه الجماعة على أساس أنه يكشف عن إشكاليتين، الأولى متمثلة في التأريخ النخبوي للثقافة الوطنية، والأخرى تظهر في التيار المقاوم للتأريخ النخبوي الاستعماري· لقد أعلنت سبيفاك في مقالتها دراسات التابع: التأريخ التفكيكي (نشرت هذه المقالة في ''في العوالم الأخرى: مقالات في السياسات الثقافية 1987) بأن الإشكالية توجد في محاولة هذه الجماعة لإعادة تقديم هوية التابع، واسترداد الوعي الضائع، وهذا المشروع قد يبدو لنا بأنه إيجابي، ويستطيع أن يصل إلى أرضية صلبة في اكتشاف هذا الوعي، لكن هذا متعذر الوصول إليه، لأن وعي التابع لا يمكن أن يكتشف كاملا، لأنه بمجرد أن يتم استلامه بواسطة الدوال فإنه ينحرف وينطمس على الرغم من ادعاء الاكتشاف هذا؛ لأن جماعة التابع تقع في مشكلات منهجية وميتافيزيقية استعمارية أخرى، خاصة وأن تأريخ دراسات جماعة التابع مأخوذة من التفكير المابعد تنويري للمركزية الأوروبية، وليس أدل على ذلك من أن وعي التابع يظهر عن طريق سرد نخبوي مهتم بالبحث عن الأصول والوطنية· وتأخذ سبيفاك هنا على جماعة دراسات التابع محاولتها اكتشاف الحضور الذي لا يمكن استدعاؤه نهائيا، ويحدث ذلك لأن جماعة التابع تتبنى مفاهيم بنيوية متصلة بالتفكير النخبوي والغربي، ولذلك فعلى هذه الجماعة أن تعيد النظر في السرد النظري الذي تعتمد عليه، لكن جماعة دراسات التابع رغم ذلك تدعي بأن هذا السرد النظري يمكن أن يعاد التفكير فيه بوصفه جزءا من مقاومة تكتيكية لسلطة المفاهيم البنيوية الغربية لكن سبيفاك تعتقد بأن جماعة التابع لا يمكن أن تتجنب الجوهرية الغربية، ولا يمكن أن توجد نظرية مقاومة خارج البنى الكولونيالية للتفكير· إن سبيفاك ـ بكلمات أخرى ـ تعتقد بأن جماعة التابع هذه لابد وأن تنهض على أساسات متمردة ومضادة للسلطة الكولونيالية، وهذا يتحقق من وجهة نظرها عن طريق تشييد صور مختلفة للوعي الهندي والذاتية التي تعرّي الحقائق المؤسسة بواسطة التمثيلات الأوروبية، لا أن تتحدى الأفكار الغربية عن الحقائق الجوهرية والأصيلة، وتعيد التفكير فيها· ومما سبق يتبين لنا أن أطروحات سبيفاك المتصلة بالتاريخ والثقافة مشغولة بشكل كبير بتفكيك الدلالات المهيمنة في السرد الثقافي والتاريخي، وكتابتها المنصبة على النصوص الحكائية والأدبية تحاول أن ترصد لنا الأوصاف الجوهرية الساكنة في المعرفة والهوية والوطنية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©