عادت الأزمة اللبنانية تترنح على وقع تجدد السجال بين فريقي الأكثرية والمعارضة حول حكومة الوحدة الوطنية، مع فرض مفوض فريق 8 مارس، رئيس تكتل ''التغيير والإصلاح'' النائب الجنرال ميشال عون ممراً الزامياً لفريق 14 مارس للتوافق على ''سلة الحل'' المتكاملة وهي الرئاسة والحكومة وقانون الانتخاب، ومع مراوحة المواقف السياسية لكلا الفريقين عند شروط وشروط مضادة، ورفض الأكثرية الحوار مع عون، باتت الجلسة العاشرة المقررة يوم السبت المقبل لانتخاب قائد الجيش الجنرال ميشال سليمان كمرشح تسوية للرئاسة الأولى في مهب رياح التأجيل المتكرر، وسط توقعات باستمرار ''الفراغ الرئاسي'' إلى شهر مارس المقبل·
وعزز التوقعات الجنرال عون بقوله ''إن عدم التوصل الى تفاهم سياسي حول انتخابات الرئاسة يعني عدم حصول انتخابات لوقت طويل''، وقال :''اذا لم يتم التفاهم لن تحصل انتخابات ولا أي تعديل دستوري يهدف إلى انتخاب قائد الجيش ميشال سليمان رئيسا· وأضاف: ''اذا لم نستطع التفاهم الآن، لا أعتقد أننا سنستطيع التفاهم بعد أسبوعين أو ثلاثة أو بعد شهر أو شهرين''، مضيفا: ''اعتقد أن الموضوع أصبح واضحاً، فلنأخذ فرصة طويلة''·
وفيما برر النائب علي عسيران المقرب جداً من رئيس البرلمان نبيه بري تأجيل جلسة يوم الاثنين الى السبت بهدف المزيد من المشاورات التي يؤمل أن تؤتي ثمارها ليصل لبنان الى شاطئ الأمان، لافتاً الى أن ''الأمل لا يزال معقوداً على جلسة 22 الجاري، بعدما تم التوافق على شخص الرئيس وهو الجنرال ميشال سليمان، على أن تبقى الأمور الأخرى إجراءات طبيعية''، وأكدت مصادر بري لـ''الاتحاد'' أن الآمال التي تحدث عنها عسيران هي مجرد أمنيات، لأن الحل والربط لدى النائب الجنرال عون وعلى فريق الأكثرية التوافق معه لتسير الأمور كما يشتهي الجميع·
وأوضحت المصادر بأن رئيس كتلة ''المستقبل'' النائب سعد الحريري نقض الاتفاق السابق مع بري حول الحكومة، وأشارت إلى أن هناك ورقة مكتوبة وموقع عليها بين الرجلين بحضور وزير خارجية فرنسا برنارد كوشنير، وتقضي بقيام حكومة وحدة وطنية على قاعدة 17+،13 على أن تكون حصة رئيس الجمهورية خمسة وزراء، 3 من حصة الأكثرية و2 من حصة المعارضة·
اما مصادر الحريري ورداً على سؤال لـ''الاتحاد''، فقد نفت صحة هذه المعلومات، وأشارت الى أن وجود ورقة هو ''كذب وافتراء''، وجزمت بأن الحريري لم يوقع أي ورقة، وقالت إن زعيم فريق الأكثرية يرفض منح المعارضة الثلث المعطل ويقترح أن يكون هذا الثلث بعهدة رئيس الجمهورية برفع حصته الى ستة وزراء، 3 من الأكثرية و3 من المعارضة، وبذلك يكون ''بيضة القبان'' في إدارة شؤون البلاد، بحيث لا تكون الأكثرية ولا المعارضة تمتلك قرار تعطيل المراسيم·
وسرّب الحريري عبر مصادره الإعلامية معلومات مفادها أن الأكثرية قدمت تنازلات للمعارضة لتمرير التعديل الدستوري، لكنها اصطدمت بشروط جديدة حاولت سوريا فرضها وتمريرها عبر تشكيل الحكومة الجديدة نسباً وحقائب أي العودة الى عهد الوصاية، وقالت مصادر الأكثرية بدورها ''إننا دخلنا في تعقيدات جديدة اذا لم نكن قد رجعنا الى نقطة الصفر''، وشككت في امكانية التوصل الى حل عقدة الحكومة قبل يوم السبت ما لم تحصل مفاجأة ما''·
وقد رفض الحريري تلبية مطلب المعارضة اللبنانية التي يتقدمها ''حزب الله'' بمنحها حق الفيتو في الحكومة الجديدة بعد انتخاب قائد الجيش رئيساً للبلاد، ودعا الحريري الى إعطاء الجنرال سليمان بعد انتخابه رئيساً الصوت المؤثر في مجلس الوزراء، وقال ''الكلام عن الثلث المعطل هو مستغرب منذ اللحظة، إن موقفنا هو التمسك بأن يكون للرئيس الصوت الوازن في مجلس الوزراء بمعنى الا يكون للأكثرية الثلثان الحاسمان ولا لقوى 8 مارس الثلث المعطل بحيث يصبح رئيس الجمهورية هو الضامن في كل القرارات''، وأضاف ''أن موقفنا المبدئي كان ولا يزال عدم المس بصلاحيات رئيس الجمهورية لجهة طريقة التكليف لتشكيل الحكومة بعد الاستشارات النيابية الملزمة أو لجهة صلاحية توقيع مرسوم تشكيلها أو أي صلاحية أخرى من صلاحياته''، ومضى قائلا ''إن تخلي الأكثرية عن الثلثين الحاسمين وتخلي قوى 8 آذار عن الثلث المعطل يجعلان الرئيس التوافقي حكماً فعلياً في كل الأمور الوطنية''·
الى ذلك ارتفعت صور قائد الجيش ميشال سليمان في عدد من المناطق اللبنانية ، فيما أعلنت قيادة الجيش أن المؤسسة العسكرية غير معنية بهذه الحملات وطالبت بابعاد الجيش عن أي تجاذبات متعلقة بالاستحقاق الرئاسي، ومنذ ارتفاع أسهم قائد الجيش في الانتخابات قبل أسابيع، بدأت الصور تظهر لا سيما في المناطق المسيحية·
عدد اليوم
