الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العراق··· وفرص الاستقرار

العراق··· وفرص الاستقرار
20 ديسمبر 2007 02:32
لا يزال العراق يواصل إدهاشنا؛ إذ حتى في ظل التواجد الكثيف للقوات هناك تكتفي الولايات المتحدة بالتفاعل مع التطورات المستجدة هناك أكثر من الإسهام في صياغتها ورسم ملامحها· فقد قررت فجأة القبائل السنية في الأنبار أنها تكره ''القاعدة'' أكثر من كرهها للأميركيين، وارتأوا أنهم بحاجة إلى حلفاء للوقوف بجانبهم ضد الحكومة في بغداد التي يهيمن عليها الشيعة· وفي المقابل قرر الجنرال ''ديفيد بترايوس'' التركيز على توفير الحماية للشعب العراقي، وارتأى أنه من الأفضل العمل مع المتمردين بدلا من التحول إلى هدف دائم لنيرانهم، وعلى امتداد المناطق الغربية الوسطى في العراق، وصلت القوات الأميركية والمتردون السابقون إلى شبه اتفاق ضمني لوقف لإطلاق النار· فكيف نتصرف الآن بعد هذه المستجدات؟ إذا كانت خطة الرفع من عدد القوات الأميركية هي الملمح الرئيسي لتحركنا في العراق خلال العام ،2007 فإن ما علينا القيام به في العام 2008 هو الزيادة في نشاطنا السياسي والعسكري والدبلوماسي دون أن ننسى التحرك الإنساني، وذلك لخفض مستويات العنف وبلوغ الهدف الأسمى المتمثل في الاستقرار· فبدون استقرار لا يمكن تحقيق الأهداف الأخرى، ولا يمكن أيضا تأمين انسحاب القوات الأميركية· إن الأميركيين في حاجة إلى مواصلة الضغط على الحكومة العراقية بكل ما تستطيع من قوة وتأثير، لتحقيق المصالحة الوطنية، لكن لماذا؟ لأن لحظة الأمل الحالية التي يشهدها العراق مهددة بالاختفاء، إذا لم يرَ السنة مستقبلا لهم في الحياة السياسية للبلاد· فهم في حاجة إلى الاندماج في الجيش والشرطة العراقيين، فضلا عن الوظائف المدنية الأخرى في الوزارات العراقية، كما أنهم في حاجة إلى التصويت على ممثليهم في المحافظات وتقاسم الثروة النفطية التي يزخر بها العراق، وإلا فإن الهدوء الحالي سيتحول إلى مجرد وقت مستقطــع في حرب أهلية مستمرة، وسيرتهن مستقبل العراق بيد العصابات وأمراء الحرب· نحن أيضا في حاجة إلى التحرك بسرعة على مسار استكمال تدريب القوات العراقية ونقل المهام الأمنية إليهم؛ والسبب هو أننا بلغنا أقصى ما نستطيع من نشر لقواتنا في العراق، فضلا عن أن عددهــا سينخفــض في العام 2008 إلى مستوى ما قبــل الزيادة الأخيرة· بالإضافة إلى ذلك تشير استطلاعات الرأي باستمرار إلى رغبة العراقيين والأميركيين معا في انسحاب القوات الأميركية، ناهيك عن رغبة القادة العراقيين في تولي المهام الأمنية، وهو ما يتعين تسهيله لهم· لكن هل سيتحول الأمر إلى فوضى؟ أجل، غير أنه يتعين على العراقيين تحمل مسؤولياتهم والبحث عن حلول بأنفسهم، لأنه ببساطة لا يمكن استمرار تواجد القوات الأميركية في العراق لوقت طويل· ولتحقيق كل ذلك لا بد للولايات المتحدة من قيادة الجهود الدولية لدعم ومساندة المصالحة العراقية والاستقرار الإقليمي· فالعراق لوحده لا يستطيع الاضطلاع بهذه المهمات في اللحظة الراهنة دون مساعدة خارجية، لا سيما المصالحة التي تستدعي دعم الدول المجاورة، كما أن هذه الأخيرة هي نفسها في حاجة إلى ضمان الاستقرار في العراق خوفاً من تمدد الصراع عبر الحدود، ورغبة منهم في رجوع مليوني لاجئ عراقي إلى وطنهم· ولا يمكن أيضا القفز على الجهود الدبلوماسية الأميركية المطلوبة لضمان الاستقرار في المحيط العراقي، حيث إن الولايات المتحدة هي وحدها القادرة على إقناع تركيا بعدم اجتياح كردستان· وإذا كانت واشنطن قد ارتأت توجيه الدعوة لسوريا لحضور مؤتمر ''أنابوليس'' فلا بأس من أن تنخرط معها مباشرة لتحقيق المصالحة الوطنية في العراق· ومع أن إيران تشكل التحدي الأساسي لأي جهود دبلوماسية، إلا أن التقرير الاستخباراتي الأخير، الذي أعاد تقييم التهديد النووي الإيراني، يوفر فرصة جديدة لفتح حوار مع طهران، وبالطبع سيكون الموضوع الأول هو المصلحة المشتركة في الحفاظ على استقرار العراق· لا شك أن المصالحة الوطنية والاستقرار في العراق يستدعيان معالجة مستعجلة لمحنة اللاجئين العراقيين والنازحين في مناطقه المختلفة؛ فالعراقيون الذين غادروا وطنهم بدأت تنفد مواردهم المالية، كما أنهم محرومون من التعليم والرعاية الصحية، ومع أن الرئيس ''بوش'' تجنب التطرق إلى موضوع اللاجئين العراقيين في خطبه، إلا أن الولايات المتحدة تتحمل قسطاً وافراً من المسؤولية تجاههم -يقدر عددهم اليوم بنحو 4,5 مليون عراقي، أي أن عراقيا من كل سبعة أجبر على مغادرة العراق خوفاً من العنف المستشري-، واللافت أن المبلغ المرصود من قبل الولايات المتحدة لأغراض إنسانية في العراق لم يتجاوز 240 مليون دولار خلال السنة المالية 2008 مقارنة مع عشرة مليارات دولار تنفقها واشنطن كل شهر في العراق· ومع أن الخيارات المتعددة في العراق لم تعد متاحة اليوم بعد أن فات أوانها، إلا أن الفرصة مازالت سانحة للخروج بنتائــج مقبولـــة في العراق، إذا مــا سخرت الولايات المتحدة قوتها القومية لتحقيق المصالحة الوطنيــة، والأهــم من ذلــك لحمايــة الشعـــب العراقـــي وضمــان استقراره· أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج واشنطن الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©