الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عيد ولكن ···

20 ديسمبر 2007 02:33
وقف أول أمس على عرفات ما يقارب مليوني مسلم لتأدية شعائر الحج الذي كتبه الله فريضة على كل مسلم قادر، وقفوا ومن خلفهم في بلدانهم مئات الملايين من المسلمين يتطلع كل واحد منهم إلي يوم ييسره له العلي القدير ليقف فيه مثل وقفتهم المباركة هذه· وأيام أعياد الإسلام إلي جانب ما تحمله من معان دينية سامية جاء بها الرسول الامين، فإنها بالنسبة إلى عامة المسلمين تمثل أياما يطمعون فيها إلى الفرح والسرور وإلى التخفف من أعباء الحياة اليومية والشاقة على أغلبيتهم· فالعيد هو العيد، يتساوى في الشعور الداخلي بما يجلبه من إحساس بالبهجة وما ينشره من علامات الود والتسامح والترابط الأسري، ولكن نظرة شاملة اليوم لأحوال المسلمين في ديارهم المختلفة، لابد أن تبعث الأسى والحزن والألم في الفؤاد السليم، ولابد أن تعكر صفو الإحساس بالفرحة وما تحمله للصغار والكبار من إحساس الفرح الغامر وتجعل الناس أكثرهم يتذكرون ويتحسرون على أيام مضت كأعياد فيها مذاق حلو لايشبه المذاق المر الذي يتجرعه معظمهم في هذه الأيام الكئيبة والبائسة· كان للأعياد وخاصة هذا (العيد الكبير) عيد الأضحية إلى جانب معانيه الدينية السامية، معان اجتماعية يقدرها المسلمون ويسعون إلى تحقيقها في علاقاتهم الاجتماعية، بأسرهم وجيرانهم وعامة إخوانهم في الوطن، وكان أيضا هو مناسبة طيبة يفيض فيها القادرون والميسورون ببعض الخير على إخوانهم الفقراء والمعسرين، عندما يفرقون الأضحية على هدي سنة رسول الله العظيم· اليوم ينظر المرء إلى حال وأحوال المسلمين باحثا ومنقبا عن مصدر يبعث الفرح في القلوب ويسعد الصغار والكبار، فلا يكاد يرى سوى ظلمة حالكة تحيط بهم من كل جانب وتدفع -لولا رحمة الله والثقة والإيمان - الناس إلى ما هو أكثر ظلما على النفس من اليأس والقنوط الذي يقود فيما يقود إليه كل هذا العنف وهذه الدماء المسلمة التي تهدر كل يوم؛ فأينما توجه نظرك من العراق إلى أوجادين، ومن أفغانستان وباكستان إلى الصومال والسودان وغيرها، لا تجد ما يدفعك إلى الإحساس بنشوة وفرحة العيد· وكيف يشعر القلب السليم بالفرح في وقت يتزامن فيه يوم العيد مع تراكم هذه الأوضاع اللاإنسانية التي حملت أنباء رسمية مؤكدة أن المجاعة والأوبئة، توشك أن تفتك بأكثر من مائة ألف صومالي وأن دارفور والعراق أصبحتا أكبر بؤرتين في العالم لتصدير اللاجئين والنازحين· لكن أكبر وأخطر مما هو جار علي سطح أرض المسلمين من مآس ظاهرة للعيان ذلك القلق والتوتر والإحساس بالضياع والغضب الذي لايتبدى على السطح ولكنه كامن في النفوس وبصورة منذرة بعواقب وخيمة على المجتمعات المسلمة، على الناس أن يتداركوها، ويجدوا في البحث بموضوعية وعلم عن أسباب ومسببات هذا القلق الاجتماعي الذي يؤثر سلبا على استقرارهم وتطورهم نحو الأفضل، بشكل سلمي يستنهض خير ما فينا من ايجابيات ويطمئن أجيالا قادمة على مستقبل مزدهر نطمح اليه ونرغب فيه لأوطاننا· إن مواجهة الواقع -أيا كانت سلبياته ومراراته- هو نصف العلاج، والنصف الآخر لا يكتمل إلا بالسعي الجاد لتجاوز هذا الواقع المزري بشجاعة أخلاقية وعزيمة صادقة، وفي هذا تتساوى مسؤولية الجميع لأن الضرر إذا وقع سيعم الجميع· اعتدنا كل عيد أن نردد مع أبي الطيب (عيد بأية حال عدت يا عيد) لكن هل تساؤل المتنبي الجميل القديم مجديا في هذا العصر القبيح؟·· وحالنا الآن ومع مقبل أيامنا يحتاج إلى ما هو أكثر من جميل شعر المتنبي·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©