السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

قيادتك أمانة وانتماء

قيادتك أمانة وانتماء
20 ديسمبر 2007 23:28
لم يخف بعضنا من مشاة الشوارع في مدينة أبوظبي فرحهم بما قامت به ''إدارة مرور أبوظبي'' من معاقبة السائق المتهوِّر بتنظيف الشوارع يوماً وتنظيف المدارس يوماً، والحبس أسبوعاً وحجز المركبة· بل قد يكون بعضنا احتفل سراً في قلبه وبأثر رجعي، حتى يتوازن نفسياً من تعنت بعض السائقين، واحساسهم بامتلاكهم للشارع دون غيرهم؛ فالكثير من الشكاوى كانت تتوجه الى المسؤولين عن الرغبة في وضع مطبات في أغلب الشوارع، كما إشارات مرور يتحكم فيها المشاة، بسبب تهور السائقين، وخصوصاً أن بعضهم يمشي ولا يفكر إلا في نفسه، وفي المكان الذي يريد أن يصل إليه دون أن يضع اعتباراً لأي شيء في الخارج· إن الحالة النفسية التي تنتاب السائق هي توحّده مع سيارته وعالمه المغلق في الداخل، بحيث يصبح عبداً لذلك التوحُّد، وباعتباري غير راغب في تعلُّم السياقة، ولم أحلم مرة باقتناء سيارة، فإن ركوبي بجانب سائقين كثيرين، يجعلني شاهداً على حالات التوتر غير المفهومة لهم، فأغلبهم لا يتحمل ثانية واحدة منذ بدء الإشارة الخضراء، ولا يلقون بالاً للمشاة بالفعل، ولا يتريثون عند المنحنيات التي تؤدي إلى طريق آخر يميناً أو يساراً، ناهيك عن السَّب واللعن الذي تناله أي سيارة أخرى في الطريق· ودائماً ما أقوم عمداً بعمل حوارات معهم عن ضرورة احترام المشاة، فأسمع ما لا يرضيني؛ إذ تذهب الردود مذهب سخرية وتعال، وإن لم يكن ذلك فتجد البعض غير عابئ بما تقول· إن ثقافة التعامل مع الآخر، أياً كان، تعتمد على وضع مساحة لذلك الآخر لكي يتحرَّك فيها، وليس غريباً على أحد في المدينة، التصنيفات العامة التي يتم بها تصنيف السائقين، فالجميع مجمع على أن سائقي التاكسي من الباكستانيين والهنود لا يفهمون في السياقة، وهم سبب الحوادث المتكررة، وهولاء بدورهم يتهمون المحليين بتهورهم، كما يصنفون النساء والسودانيين والصوماليين بأنهم بطيئوا الحركة، والقائمة طويلة، والاتهامات متبادلة من الجميع، فهي تعكس التصورات المسبَّقة عن الآخر، كما توضح الكيفية التي يقوم بها الشعور الجمعي لسكان المدينة بالتقييم وإصدار الحكم في آن· إن قانوناً موحداً وصارماً لأجل أرواح الجميع، مَن في سياراتهم، ومن يمشون، قانونا واضحا يُلتزم به، مع صرامة في التنفيذ والعقوبات، يساهم في إلغاء تطاحن الإتهامات الجمعية بين سكان المدينة، كما يقلل من حجم الخسائر البشرية، فالإحصائيات تضع الإمارات كإحدى الدول التي ''حقَّقت'' أرقاماً قياسية مرتفعة في عدد الحوادث اليومية· ''قيادتك أمانة وانتماء'' عنوان جيد لحملة تسعى لتقليص الحوادث، ودعم محبة أهل المدينة للمدينة، كما أنها تؤسس للشعور بالمسؤولية الفردية تجاه الغير، وتالياً تساعد الجميع على الوقوف دقيقة مع نفسه ليفكر في معنى الوقت، هل الوقت سكين لقضاء حوائجنا، أم أنه فراش وثير للتنعم بالحياة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©