الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشاعر المتهالك في قصيدة الحياة

الشاعر المتهالك في قصيدة الحياة
16 فبراير 2011 19:15
ولد الشاعر الفرنسي آرتور رامبو في شارلوفيل في عائلة متوسطة. كانت أمه متشدّدة في تدينها وسلطوية في تعاملها مع أفراد عائلتها، أحاطت رامبو الصغير بجو ديني خانق بقي أثره واضحاً في كتاباته مع كل محاولاته للتحرر منه. كان في دراسته طالباً لامعاً، تميّز بثقافة كلاسيكية متينة وبقلم ساحر مطواع، أثار إعجاب مدرّسيه ودعمهم له. قرر في سن السادسة عشرة التخلي عن بيئته وعن تقاليدها، فرفض التقدم لامتحان الثانوية العامة، وترك بيت أهله ليبدأ تشرده الذي دام ما يقارب خمسة أعوام، عرف فيها الكحول والمخدّرات والتجارب الغرامية المتعددة وأضاع فيها صحته العقلية والجسدية. في هذه الفترة دعاه الشاعر بول فرلين للمجيء إلى باريس، حيث يشتبه بعلاقة مثلية بينهما. نشر رامبو ديوانه “أشعار”، وهو ديوان ضم قصائده التي كتبها بين عامي 1870 و1871. تميزت قصائد تلك المرحلة بالغنائية والبراءة ونضارة الشباب من جهة، والتمرد والسخرية من جهة أخرى. وعبّر في هذا الديوان عن كرهه لأمه، هذا الكره الذي أسقطه على جميع النساء، وفجَّر تمردّه على القيم البرجوازية والدينية. ثم كتب وهو في السابعة عشرة من عمره “رسائل البصير” عام (1871)، وهي رسائل شرح فيها مفهومه عن الشعر ورغبته في أن يصبح مستبصراً، وقد قال عنها: إنها “نثر حول مستقبل الشعر”. أما ديوانه “الأبيات الأخيرة” عام (1862) فقد كتبه في الفترة التي كان يعيش فيها تجربته مع الشاعر فيرلين، وتميزت تلك الفترة بالترحال والسفر داخل فرنسا وفي بلجيكا وإنجلترا. وظهر في أشعار تلك المرحلة تأثير فيرلين الواضح على شعر رامبو ورغبة هذا الأخير التخلص من العقلانية ومن الشعر التقليدي. وكان “فصل في الجحيم” عام (1873) الكتاب الوحيد الذي عمل على نشره بنفسه، قدّم فيه الشاعر محصلة حياته وتجاربه وخيبات أمله ويأسه، ودعا فيه إلى التخلي عن الأحلام والرؤيا والعودة إلى الواقع. وكتب بين عامي 1873 و1875 ديوان “إشراقات”، وهو الديوان الأكثر غموضاً، وقد تركه غير منته، وجُمع فيما بعد ونُشر عام 1886 واختار ناشروه عنوان “إشراقات” استناداً إلى ملاحظات الشاعر فيرلين. تميز هذا الديوان بجدّته وطرافته وتنوع موضوعاته، وقد استخدم فيه الشاعر القصيدة النثرية وابتدع الشعر الحر. في يوليو 1873 وفي حالة من السكر أطلق بول فرلين على رامبو رصاصتين لأنه كان يريد تركه والرحيل، دون أن يقتله فألقي القبض عليه وأودع السجن، حيث خرج منه بعد ذلك إنسانا آخر مؤمن بالله، ونصح رامبو كثيراً بالتوبة ولكنه رفض. لكن شبهة العلاقة التي جمعته مع فرلين لم تحل دون إشاعات أخرى، تحدثت عن علاقة عاطفية بينه وبين فتاة تدعى ميريام دو بيسين، وهي التي كان يصفها بالفتاة ذات العينين البنفسجيتين، وخصص لها قصيدته الذائعة “كوميديا في ثلاث قبلات”، وفيها يقول:‏ قبلتُ بلطف عينيها‏ الواجفتين بمسكنةٍ تحت شفاهي‏ دفعت رأسا يشعر بالإعياء‏ إلى الخلف... “وآه هذا أحسن!”‏ “ هل تسمح لي بمجرد كلمات؟”‏ طبعت بقية قبلاتي فوق (...) جعلَتْها القبلة تضحك ضحكتها الراغبة كثيرا كانت متجردة مما يسترها‏ وهنالك أشجار متطفلة ضخمة‏ تضرب بالأوراق زجاج النافذة‏ بخبث.. عن قرب.. عن قرب..‏ وربما كانت هذه العلاقة هي التي أدت إلى انهيار العلاقة بينه وبين فيرلين. بعد اعتزاله الأدب، قرر رامبو في عام 1875 السفر إلى إثيوبيا والعمل كتاجر. توفي في مارسيليا بفرنسا في العام 1891 بعد أن بترت ساقه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©