الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أيها المسلمون... أنقذوا دينكم

21 ديسمبر 2007 23:46
في لحظة من لحظات الجهل والظلامية المقيتة أقدم أمس انتحاري على تفجير نفسه وسط المصلين في أحد المساجد بشمال غرب باكستان، مزهقاً بذلك أرواح 50 من المصلين الأبرياء الركع السجود، في يوم عيد الأضحى المبارك· وهي جريمة نكراء تقف الكلمات عاجزة أمام ما تؤشر إليه من واقع تفشي طاعون العنف الجارف في ثقافتنا الإسلامية اليوم· وإلا، فأي تردٍّ في العقل يمكن أن يبرر لهذا المهووس الجاهل فعلته النكراء في الأشهر الحرم، وفي أيام النحر، وأين··· في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه؟ ومن ذا الذي أقنعه بأن إزهاق الأرواح المعصومة ''شهادة''؟ وبأن الحرابة والفساد في البلاد والعباد ''عبادة''؟ ومن حقن ''ذهنه'' المريض بكل هذا الحقد والكراهية للذات وللآخرين، وحوَّله من كائن بشري إلى وحش كاسر، بالمعنى الحقيقي لا المجازي، وجعله قنبلة موقوتة لا تبقي ولا تذر؟ ثم، هل من الصدفة أن يصل مستوى ثقافتنا، في العالم الإسلامي إلى هذه الدرجة من عدم السويَّة، والعدمية، والعصاب المرضي الجماعي، الذي تختلط فيه إلى هذه الدرجة مشاهد ومبررات الحياة والموت، وتطغى ثقافة النحر والتفخيخ والتفجير؟ ومن المسؤول؟ من هذا ''المفتي'' الآثم الذي أقنع الانتحاري المجرم بأنه يقدِم على عمل من أعمال ''الشهادة''؟ في حين كان يخرج على كل ما هو معلوم من الدين بالضرورة؟ بل كان يخرج بالضرورة من الدين نفسه كما يخرج السهم من الرميَّة· وإذا كان البعض، من مجرمي جماعات الإرهاب والتطرف، يتمحَّلون للجرائم أعذاراً أقبح منها، كفتوى ''التعجيل'' الشهيرة، ويزعمون أن هذا النوع من المصائب شأنه شأن الزلازل والكوارث الطبيعية، ''يعم البر والفاجر'' بزعمهم، أفلا يعد ذلك اعترافاً من هؤلاء الغلاة بأنهم بلاء وكارثة، عمت هذه الأمة، وأنه لا فرق بينهم وبين الزلازل والطواعين، وغيرها من المصائب، بل هم أخطر وأعم بلاء على الدين والدنيا معاً· ليس عيباً أن نعترف بأن ثمة خللاً ما في ثقافتنا، لأن الاعتراف بالخطأ هو الخطوة الأولى على طريق تصحيحه· وما دمنا نتهرَّب من الاعتراف بأن ثقافة التفخيخ والنحر والتفجير تجد من ينظّر لها، وبل ويعتذر عنها، ويؤسس لها، في ثقافتنا، فإن مشاهد كتلك التي نقلتها الفضائيات من المسجد الباكستاني المذكور، ستبقى تتكرر··· وستبقى سرادق العزاءات مفتوحة في مختلف الأقطار والبلدان الإسلامية· على المسلمين اليوم إنقاذ دينهم، لأن المعركة تجاوزت الآن الصراع على تأويل نص ديني هنا، أو سجال مذهبي أو فقهي هناك، بل لقد أصبح الإسلام نفسه كأسلوب في الحياة، هو المطروح على المحك· ولنعلنها صراحة: إننا نريد أن نسمع ما هو أكثر من رأي عابر أو كلام خافتٍ في التنديد بمثل هذه الجرائم· نريد انتفاضة شعبية إسلامية بالمعنى الصحيح للعبارة· انتفاضة مجلجلة في وجه الغلاة والزنادقة الذين شوهوا سمعة الدين، واختطفوه وحولوه إلى طريقة دموية في القتل والتفخيخ، بدل أن يراه العالم على حقيقته، ديناً للرحمة والتسامح وعمارة الأرض والتعايش السلمي بين البشر أجمعين· راشد صالح العريمي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©