الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سريلانكا... مدنيون عالقون في معركة «التاميل»

سريلانكا... مدنيون عالقون في معركة «التاميل»
6 مايو 2009 01:06
على الشاطئ البعيد لبحيرة شاطئية مالحة، كان قطيع من الأبقار البيضاء اللون ينحني ليشرب. وخلف القطيع، وفوق جسر طيني، تظهر مجموعة من أشجار النخيل التي كانت ترسم إطاراً لصف من الملاجئ المقامة على الشاطئ الرملي، كانت حتى أسابيع قليلة خلت حصناً منيعاً لمقاتلي نمور التاميل. على مبعدة عدة أميال جنوب هذا الموقع، يخوض عدة مئات من متمردي نمور التاميل معركة أخيرة يائسة، في الحرب المستمرة بينهم وبين قوات الحكومــــة منــــذ قرابــــة 26 عاماً، وهي معركة يجد فيها عشرات الآلوف من المدنيين السريلانكيين التاميل أنفسهم رهائن يتعرضون لقذائف المدفعية، ويعانون من الجوع والعطش والرعب. وعلى الرغم من أن محنة المدنيين السريلانكيين قد أثارت قلق الرأي العام العالمي، إلا أن ذلك القلق لم يتبلور في جهود ناجحة تسفر عن إيقاف القتال. بدلا من ذلك، يبدو وقوع هجوم نهائي حاسم من قبل قوات الحكومة أمراً وشيكاً. ففي 30 أبريل الماضي، وبعد يوم واحد من رفض نداء المبعوثين البريطاني والفرنسي الداعي لوقف إطلاق النار، أعلن الرئيس السريلانكي «ماهيندا راجاباكسا» أن «نمور تحرير تاميل إيلام» أمامهم خمسة أو ستة أيام فقط للاستسلام. لم يكن هذا الإنذار الأخير هو الأول من نوعه حيث سبقته إنذارات عديدة جاءت وانتهت دون أن يسفر عنهـــا شيء، لكن القادة العسكريين الحكوميين يعتقدون أن الأمر مختلف هذه المرة، وأن النصر العسكري سوف يتحقق لهم خلال أسبوعين علــــــى الأكثــــر. ويصف الجيش السريلانكي معركتـــه ضد نمـور التاميل بأنهــا «أكبر معركة لتحرير الرهائن». ويوم الجمعة الماضي، أسقطت الطائرات العسكرية منشورات في المنطقة المحاصرة التي لا تزيد مساحتها عن ثلاثة أرباع الميل، تدعو فيها المدنيين إلى الابتعاد عن منطقة القتال والسعي لإيجاد ملاذ لهم في المناطق التي تم تطهيرها من مقاتلي التاميل. وفي الواقع أن هذا هو ما حدث منتصف ليلة 20 أبريل، حيث تمكنت قوات الكوماندوز التابعة للجيش من عبور البحيرة الشاطئية، والاستيلاء على التحصينات الدفاعية لنمور التاميل. في صباح اليوم التالي قامت أعداد كبيرة من الرجــال والنســـاء والأطفال بالخروج من المنطقة سيرا على الأقدام، وبحلول الساعة العاشرة صباحاً كان عدد من تمكنوا من الوصول إلى الأراضي الواقعة تحت سيطرة قوات الحكومة قد وصل إلى 5000 تزايد حتى وصل إلى 50000 شخص في العاشرة مساءً بالإضافة إلى هؤلاء الذين تمكنوا من الهرب شمالا على امتداد المساحات الرملية الشاطئية. وتقدر مصادر الجيش أن عدد الذين تمكنوا من الهرب من منطقة القتال قد وصل إلى115000مدني. ويقول القادة العسكريون إنهم لو تمكنوا من اختراق معقل نمور التاميل الأخير، فإن العدد الباقي من المدنيين العالقين، يمكن لهم أن يهربوا مما لا يترك في هذه الحالة أمام مقاتلي نمور التاميل من خيار سوى الاستسلام لقوات الحكومة أو الموت (يبلغ عدد مقاتلي التاميل الذين اعلنوا استسلامهم حتى الآن 3000 مقاتل). ويؤكد القادة العسكريون أن لا أحد من المدنيين سوف يصاب خلال جهود الإنقاذ. من هؤلاء القادة الجنرال»جارجاث دياس» الذي يقول»إننا نواصل هذه العملية بهدف عدم التسبب في وقوع أي خسائر في صفوف المدنيين». جماعات حقوق الإنسان والمراقبون الدوليون يرون الأمر على نحو مختلف، ويحذرون من شن هجوم نهائي وحاسم على معقل نمور التاميل الأخير، لأن هذا الهجوم سوف ينتج عنه كارثة للمدنيين. يقول»راماني هاريهاران»، وهو كولونيل (عقيد) متقاعد عمل رئيساً للاستخبارات أثناء عملية حفظ السلام التي اضطلعت بها الهند في سريلانكا خلال الفترة 1987 ـ 1990 إنه من المستحيل تقريباً أن يتمكن أحد من التمييز بين العسكريين والمدنيين في المناطق الشديدة الاكتظاظ، وأن عملية مثل هذه لو تمت فسوف تؤدي إلى خسائر بشرية فادحة. ويُشار إلى أن الوضع في منطقة القتال في الوقت الراهن يزداد مشقة على الدوام حيث تحتمي آلاف العائلات بالخنادق خوفاً من دانات مدافع قوات الجيش، وتعاني من الجوع حيث لا يتناول أفرادها سوى وجبة واحدة كل ثلاثـــة أيام بحسب مصادر الإغاثة المحليـــــة. ويشار في هذا السياق أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهي منظمة الإغاثة الأجنبية الوحيدة الموجودة في سريلانكا في الوقــــت الراهن، قــــد سلمت 30 طناً من المساعدات الغذائية، عن طريق القوارب، إلى السلطات السريلانكية، وهي أول مساعدات تصل منذ بداية أبريل. خارج عيـــادة طبيـــة مؤقتــــة يتذكـــر جنــــدي الجيش «بي.أو أتولا» المعارك الطاحنة التي دارت مـــن أجـــــل السيطرة علـــــى المنطقــــة الحيويــــة التــي تـــدور فيهـــــا الحرب، ويقــــول إن معظـــــم مقاتلـــــي نمــــــور التاميل هــــم مـــن الأطفـــــال وأن كــــل ثلاثــــــة من بين أربعة من المقاتلين هم من الشابات، ولذلك يقترح أسرهم وإعادة تأهيلهم -بدلا من قتلهم - خصوصاً وأنهم قد أجبروا على الانضمام لنمور تحرير تاميل إيلام تحت التهديد. وينهي ذلك الجندي حديثه بالقول»عندما يكون المقاتلين أمامي أطفالا، فإنني أحاول قدر الإمكان ألا أقتلهم». سايمون مونتليك بوتوماتالان- سريلانكا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©