الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تكرار الإخفاق

22 ديسمبر 2007 23:09
المشكلة: أبلغ العقد الرابع من العمر، وأحمد الله على ما حققت من نجاح في عملي، لكنني بكل صراحة أواجه مشكلة كبيرة في إكمال نصف ديني· فأنا بحكم طبيعة عملي، وانتقالي الدائم بين أكثر من بلد ومدينة، واحتكاكي بكثير من الثقافات والمجتمعات، أتيحت لي الكثير من الفرص للتعارف والتقارب· وقد أعجبت بأكثر من فتاة، وأتممت الخطبة أكثر من مرة، إلا أن كل التجارب التي مررت بها لم تكلل بالنجاح، ليس لسبب سوى أنني كنت أشعر بعد الخطبة أنني بحاجة إلى زوجة أكثر جمالاً مما هي عليه خطيبتي· لم أكن أفكر بعواقب التضحية بها أو ما يترتب على هذه التضحية من التزامات، وهكذا فقدت أموالاً كثيرة لكن الخسارة الأكبر أنني اكتشفت بلوغي الأربعين من العمر من دون زواج حتى الآن· أنا حائر ولا أعرف من هي المرأة التي يستمر إعجابي بها، وأتزوجها؟ وكلما رأيت فتاة جميلة أقارنها بغيرها· أنا سريع الملل والتقلب، وأخشى أن تمر الأيام والسنون من دون زواج، فهل من نصيحة أو تفسير لذلك؟ وكيف أستطيع اتخاذ قرار الزواج من دون تردد، ومن دون أن أغير رأيي فيمن أختار؟ م·م·م· الحائر - دبي الحل: لا أخفيك القول إنك فعلاً تمر بمشكلة وأزمة كبيرة، ولن يكون بإمكانك التخلص من هذه الحالة بمفردك من دون مساعدة استشاري نفسي حاذق، لدراسة تاريخ الشخصية، ومن ثم مساعدتك، ولا عيب في ذلك، فمن الواضح أن هناك انعكاسات سلبية ناجمة عن ظروف التنشئة الاجتماعية، والخبرات الذاتية التي مررت بها، وما تتعرض له من أعراض انعدام الثقة بالنفس أو اهتزازها، وسرعة ترددك وتقلب واضطراب مزاجك، وحالة الملل المرضي الذي ينتابك، والحاجة إلى التعرف على مكونات ذاتك حتى تستطيع تحديد ما تريد على وجه اليقين· إن كلامي هنا عن أولويات الاختيار، ومقاييس الجمال، وترتيبه بين المعايير التي حددتها الشريعة السمحاء، وما يبشر بالخير أنك بدأت- وإن جاءت متأخرة كثيراً- تشعر بالمشكلة، وهذا مؤشر يدعو الى التفاؤل، لكن دعني أساعدك بتوضيح قد يكون مفيداً، ويفيدك أيضاً في فهم أمور هي بالتأكيد خافية عنك· هناك قول شائع ينتشر بين أوساط الفتيات إن الرجل يبحث دائماً عن المرأة الجميلة، وهذا غير صحيح في بعض من جوانبه، فالجمال ليس هو المحك الأساسي لدى عدد كبير من الرجال عندما يفتشون عن روح هذا الجمال· وغالباً نجد أن هذا القول عبارة عن تهمة أنثوية دفاعية، فالفتاة تميل إلى تفسير أي رفض رجولي لها على أنه نقص في أنوثتها وجمالها، وهذا التفسير أحادي، إذ لا يمكن أن ننكر عناصر الجذب الأخرى في التقريب بين الشريكين، وما الجمال الذي تبحث عنه سوى عنصر واحد فقط من بين هذه العناصر· وباختصار شديد، إن رغبة الرجل في الفتاة الجميلة غالباً ما ترتبط بتركيبته النفسية، وإن وجد نوع من اضطراب الإعجاب، أو القناعة أو الإشباع، أو ما يعرف باضطراب الإرضاء، فإنه يفسر في ضوء ثلاث عقد نفسية شائعة· ؟ الأولى: ما يعرف بالمراهقة الممتدة إلى ما بعد سن النضج، واضطراب صورة النموذج الأمثل للجمال بفعل عوامل عديدة، مما ألقى بظلال سلبية كثيفة على كثير من العلاقات الأسرية والزوجية، وفي مقدمتها ازدياد الشكوى من ظاهرة البرود والفتور العاطفي والجنسي بين الأزواج· ؟ الثانية: عقدة ''البلاي بوي'' أو ما يعرف ''بالرجل اللعوب''، وهي تعكس أيضاً عدم اكتمال نضج الرجال، وفيها تكون المرأة الجميلة الحسناء الأكثر جذباً وإغراء ولفتاً للانتباه، ومع الحصول على الاستجابات السريعة سواء بالزواج أو بالمتعة العارضة، سرعان ما تزول محفزات الاستثارة لدى ''البلاي بوي''، ومن ثم يبحث عن مثير آخر جديد· ؟ الثالثة: ما يعرف بعقدة ''ليليتا'' التي تستند على أسطورة أن الزوجة الأولى لآدم لم تقبل الخضوع له، وتمردت عليه، لتصبح رمزاً للمرأة الغاوية، وهنا يجب أن نفرق بين المرأة الجميلة، والمرأة الغاوية، وفي المقابل علينا ألا نهمل ''هالة'' الأم في ذات الشخص المقبل على الاختيار، وحالة المقارنة في اللاوعي بين نموذج الأم، والنموذج الذي يختار، عندها تصبح الأم من نوع ''ليليتا'' ويتحول البحث عنها إلى ''إقلاب''، أي إلى رفض وجوه الشبه بين الفتاة وبين الأم، مع التمسك بوجوه التشابه غير الواضحة وغير الصريحة، وذلك في ثنائية عواطف تصبح الفتاة محط الاختيار ''الزوجة والأم'' موضع حب وكراهية في وقت واحد· وعلينا أن ندرك أنه ليس هناك جمال مطلق، وإنما هناك ما يعرف بالجمال النسبي، ومن ثم نتفهم المثل الفرنسي الشهير ''لا توجد امرأة غير جميلة، ولكن هناك امرأة لا تعرف كيف تجعل نفسها كذلك''· كما أن هناك خطأً شائعاً مفاده أن الرجل يفقد اتزانه أمام المرأة صارخة الجمال، وهذا غير صحيح، فالجمال عنصر جذب، وليس عنصر خلل، فإذا شعر بأنه يريد هذه المرأة، عليه أن يفكر في الثمن المادي أو المعنوي الذي يدفعه، ومن ثم إن فقد توازنه، واختلت معاييره، إذن فهو يدور في فلك نموذج ''ليليتا'' ويقتضي البحث عن علاج سلوكي لإصلاح الخلل في ذاته، لا تتردد صديقي القارئ في مراجعة استشاري نفسي متخصص في أسرع وقت، وإن شاء الله سيساعدك على حل مشكلتك·· مع أطيب تمنياتنا·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©