مدينة تقدر المشاة

لا تحتاج في هونج كونج إلى النزول للشارع أثناء انتقالك من مكان إلى مكان، فيمكنك التنقل سيراً على الأقدام داخل ممرات مخصصة للمشاة متصلة لمسافات بعيدة ومزودة في بعض المحطات بسلالم وسيور متحركة، وهي متصلة بمراكز التسوق والفنادق المتصلة أيضاً بعضها ببعض والمتصلة بدورها بمحطات المترو وبمواقف التاكسي أو الباص· ولا تحتاج إلى الخروج من مكان للدخول إلى مكان آخر فكل شيء متصل ومترابط، وهكذا تتشكل كل المدينة· وإذا لم ترتبط بمثل هذه الممرات أو الأقنية فإنها تتصل عن طريق المترو أو قطارات الأنفاق· تلك فكرة ذكية فيها تقدير للمشاة وحل لمشكلة المناخ الاستوائي والحر والرطوبة أو المطر الذي يهطل بشكل يومي على مدار العام· غير أن هناك مشكلة أخرى صادفتني في هونج كونج، وهي أنني وجدت نفسي متورطاً في نظام حمية قاس وإجباري، فخيارات الطعام محدودة جداً لشخص مثلي لا يحب ولا يجيد طهي الطعام بنفسه، فلا شيء يعجب من طعام هونج كونج ولا تجد حتى مطاعم عالمية أو مطاعم الوجبات السريعة التقليدية المعروفة إلا ما ندر· وتشمئز نفسك عندما تشم رائحة نفاذة وتكتشف أن مصدرها شارع المطاعم التقليدية، وأغلب الطعام هنا يتكون من السمك لكن يتم تحضيره بطريقة غريبة، لا تقبلها النفس، لكنها ربما تكون أفضل من منظر الدجاج والبط المحمر وقد علق برأسه من غير ذبح في واجهات المطاعم التقليدية الغاصة بالرواد الذين ينكبون على الطعام يتناولونه بعصي يمسكونها بين أصابعهم بخفة فيما تلتهب أفواههم حرقاً وجباههم تقطر عرقاً· لم أجد لي طعاماً غير الخبز والجبن على أساس إن الذي تعرفه أفضل مما لا تعرفه، وهكذا قضيت الأسبوع على الخبز الفرنسي وجبن الشيدر وبعض الفواكه والخضروات· ssalbadi@gmail.com