الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحاسة السادسة.. ذكاء القلب

الحاسة السادسة.. ذكاء القلب
22 ديسمبر 2007 23:32
أما من صوت داخلي قوي يخبرك أحياناً بالأمور التي ستحدث قبل وقوعها؟ ألا يباغتك الإحساس بحدوث شيء معين، لكن لا تعلم من أي جزء في كيانك صدر، أو لماذا توقّعت ذلك؟ مصدر هذا كله ''الحاسة السادسة'' التي يستشف بعضنا من خلالها المستقبل أو ما قد يحصل، وتتنافى مع العقل والمنطق البشري وقوانين الطبيعة بشكل يجعلها حالة أشبه بالموهبة أو المقدرة أو الغريزة الفطرية التي يمنحها الله للبشر، وهذه المقدرات والمنح الربانية لا تصطدم بمعرفة الغيب لأنها تحس وتستبصر أشياء خارجة عن نطاق الغيبيات· يتفاوت مسمى ''الحاسة السادسة'' لدى الناس، ما بين الحدس، والبديهة العالية، على الرغم من أنها ليست كذلك بالمعنى الدقيق! فقد ميزها الفلاسفة والمفكرون عن الفراسة والذكاء والفطنة، لأنها -كما يجمعون- لا علاقة لها بالعقل الظاهر، أما علم ''الباراسكولوجي'' فيرى أن مركزها العقل الباطن· لعل الحاسة السادسة ''هي ذكاء القلب وإحساسه المتقد''، تبدو كذاكرة مؤجلة تأتي على شكل تخيل أو توقع، نتيجة إحساس فطري لا إرادي، يمكّن صاحبه من توقع أمور أو حالات تومض داخله كبرق، تتعلق بما يخصه أو يخص الآخرين، بمعنى آخر هي إدراك الأحداث التي ستقع، دون استخدام حواسنا المعروفة ''البصر، اللمس، السمع، الشم، التذوق'' وتشمل هذه الحاسة حالات لا تحدّ، منها- مثلاً- الإحساس أنك قد تصادف للتو إنساناً لم تره منذ أعوام، فتلقاه حقاً· الخيط الرفيع يتعدد تعريف الحاسة السادسة أو توصيفها، ما بين تعريفات إنسانية ولغوية وعلمية صرفة تتصل بعلم النفس، لذا فإن إيراد اقتباسات لمفكرين وفلاسفة وعلماء نفس يفيد هنا· فالفضل الأول في التنبيه إلى وجود الحاسة السادسة يرجع إلى العالم فرويد -كما ذكر سلامة موسى في كتابه ''العقل الباطن'': ''ألقى فرويد قنبلته حول ملكية الإنسان لعقلين ظاهر وباطن، مشيراً إلى أن الحاسة السادسة تقيم في لاوعي الإنسان وتبدو كخيط رفيع يربط الإنسان بالعالم الآخر''· يتفق مع هذا الرأي، رينيه سودر، فقد ذكر في عام 1960في كتابه ''بحث عن الباراسيكولوجي'': ''سميت الحاسة السادسة، لأنها لا تستخدم قنوات الحواس الخمس للتوصل إلى المعلومات، ومن خلالها تنتقل المعلومات من اللاوعي إلى العقل الواعي''· أما آرثر كوستلار، فيعرّفها بأنها: ''نابعة من قوى وقدرات ووظائف روح الإنسان، وهي بذلك قدرة تتجلى وتتفتح تدريجياً مثلما ينمو الحس والضمير والوعي درجة بعد درجة تصاعدياً على سلم النمو والتطور''· من يمتلكها؟ مع أن معظم الناس يمتلكون هذه الحاسة، لكن ثمة من يمتلكها بشكل أقوى، أو بنسب متفاوتة، فالمفكر المسرحي الراحل سعد الله ونوس أشار في إحدى ندواته إلى أن ''الناس الأقل تأملاً وإطلاقاً للأسئلة والأقل انشغالاً بالأمور الكونية، والأدنى عاطفة وإحساساً، تكون الحاسة السادسة لديهم بدرجة أقل، لأنها تحتاج توفر حد أدنى من صفاء الذهن والروح''· إنما نجد هذه الحاسة لا تتوقف عند حدود استشفاف وتوقع الأحداث والمواقف المستقبلية فقط وإنما تتجاوزها إلى استشفاف الشخصيات الإنسانية، بحيث يمكن توقع ماهية وسلوك وردود أفعال أشخاص نلتقيهم، أو لم يسبق لنا التواصل معهم، مثلاً، كما في حالة الأشخاص الافتراضيين في شبكة ''الإنترنت''· نشاط وخمول تحتاج الحاسة السادسة كأي غريزة إنسانية إلى التنمية والرعاية والتقدير لها والتعاطي معها، فهذه كلها جوانب تكتسب بشكل فردي ومتفاوت بحسب البيئة والأفكار والمفاهيم والمعتقدات، فقد أشارت الدكتورة جيرترود: ''إنها تنشط في الشخص ذاته أحياناً وتخبو وتصاب بالخمول أحياناً أخرى، والسبب هو أن كافة مظاهر المواهب الكبرى أو الغريزة الفطرية ترتبط وفق الارتباط بمحيط نفسي هو من يتيح للحاسة السادسة استقبال الإشارات من عدمها''· مشاهيرها على الرغم من إشارة عدة بحوث ''غربية'' إلى كون المرأة أكثر امتلاكاً لها من الرجل، إلاّ أن قائمة مشاهير الحاسة السادسة التي وردت في إحدى بحوث الدكتور محمد السقا، خلت من الأسماء النسائية! واقتصرت على: ''فرويد، نيوتن، آينشتاين، تانوس، زيفين، إليكس، فرويد، هيزكس''· لكن يجدر القول إن للحاسة السادسة، وجهها الآخر الموجع كنصال تحز القلب، ولا يستطيع العقل أن يصمد أمام تدفقها، أو كبحها إذا ما كانت تصدق غالباً، فثمة أناس تكون الحاسة متطورة لديهم، بحيث تشكّل قلقاً لهم وللمحيطين بهم! لأنها على عكس التفكير، تقوم بعملها دون أن يطلب منها، ودون تحريضها لتقديم خدماتها، فهي وثابة تباغت صاحبها لتبلغه بأمر ما سواء كان يشغله أو لا يكترث له· ''والله أعلم''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©