الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

هاينرش بول محور تساؤلات حول الأدب

هاينرش بول محور تساؤلات حول الأدب
23 ديسمبر 2007 02:41
في ذكرى ميلاده الـ90 التي تحتفي بها ألمانيا هذه الأيام، هناك العديد من التساؤلات تطرح نفسها حول الأديب والروائي الألماني هاينرش بول مثل: هل للأدب عمر افتراضي؟ وبعد كم من الأعوام تفقد الأعمال الأدبية قيمتها أو على الأقل بريقها؟ أم أن الأعمال الجيدة لا تفقد قيمتها أبدا؟ فهاينرش بول الذي حصل عام 1972م على جائزة نوبل تقديراً لإبداعاته التي جددت الأدب الألماني وأثرته، كان بالفعل واحداً من أبرز ممثلي التيار الأدبي الجديد بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية· ولد الأديب الألماني هاينرش بول في 21 ديسمبر عام 1917 في مدينة كولون الألمانية، وتوفي في 16 يوليو عام ،1985 حيث نشأ في عائلة كاثوليكية فقيرة، ولذلك تحتم على الطفل هاينرش أن يعايش مع أسرته سنوات الجوع والحرمان والمعاناة، التي أعقبت الحرب العالمية الأولى، ثم أثناء الحرب العالمية الثانية التي كان أحد جنودها وشاهداً على بشاعتها من واقع المعيشة اليومية في الجبهة، وهو الأمر الذي عكس نفسه بلا شك على أدب هاينرش بول وساهم كثيراً في تشكيل شخصيته الأدبية والسياسية· وقد تفتحت موهبته الأدبية في رحاب جماعة ''47 الأدبية'' التي حصل منها على جائزته الأولى عام 1951م، حيث ساهم بول مع هذه الجماعة الأدبية في التعبير عن التجربة العدمية المروعة، التي تمثلت في الحرب والدمار التي خلفتها الحرب العالمية الثانية، وكذلك التعبير عن الذنب والهزيمة الألمانيتين ومعالجة الماضي الألماني والتساؤل عما حدث، بالإضافة إلى مراجعة الذات، وذلك من خلال الاستعانة بالفلسفة الوجودية أو التقاليد المسيحية، معتمدين على الحداثة الأدبية التي كانت منبوذة أثناء الحكم النازي· وقد منح هاينرش العديد من الجوائز من داخل وخارج ألمانيا، وتولى مناصب فخرية كثيرة، كما منح درجة الأستاذية الفخرية، وكانت أهم هذه الجوائز جائزة نوبل للآداب عام ،1972 وقد عرف هاينرش بول برجل المواقف السياسية المعلنة والصريحة ضد الحرب والاستبداد وملاحقة الكتاب والمبدعين في ألمانيا وعلى مستوى العالم، كما كان هاينرش بول من الناقدين للكنيسة الكاثوليكية، التي خرج منها عام ،1976 ومن الداعين إلى الانفتاح على الآخر والحوار بين الثقافات، وكان لهاينرش بول مواقف معارضة للسياسات الأميركية والسوفييتية في العالم عموماً، حيث يذكر أنه وقع مع نخبة من الشخصيات الأدبية والسياسية وثيقة إدانة للعدوان الثلاثي على مصر عام ·1956 ومما لاشك فيه أن بول قد ترك بصماته الواضحة على أدب ما بعد الحرب في ألمانيا من خلال مساهماته في إعادة الاعتبار للأدب الألماني ومنحه اعترافاً عالمياً، وفي هذا السياق قال عنه كاتب سيرته الذاتية، الكاتب والناقد هاينريش فومفيج: ''لم يؤثر أي أديب ألماني بهذه الصورة في الأدب الألماني في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية كما فعل هاينرش بول''، كما أنه لم يحدث أن فهم العالم أي أديب ألماني وأحبه مثل هاينرش بول، حسب تعبير فومفيج· وكانت القصص القصيرة لهاينرش بول حجر الأساس في شهرته، وهي تمحورت حول عبثية الحرب، وعجز الجنود في ساحة القتال، وضعف الإنسان البسيط عن فعل شيء، ولم يكن هاينرش بول يدع فرصة دون أن يتخذ موقفا حاسما مما يحدث في ألمانيا والعالم، فكان يخرج للتظاهر ضد إعادة تسليح ألمانيا، أو ضد الالتحاق بحلف الناتو، كما كان يقدم الدعم لزملائه من الكتاب المقموعين في ألمانيا الشرقية، فعندما نزعت الجنسية السوفيتية عن الكاتب الحائز على جائزة نوبل ''الكسندر سولشتيزون'' كان بول أول من استضافه في بيته بالقرب من مدينة كولونيا، ولهذه الأسباب كانوا يطلقون عليه ''ضمير ألمانيا الحي''· ولكن ماذا تبقى من أدب بول؟ كان هاينرش بول لسنوات طويلة من أكثر الكتاب الألمان نجاحاً، وبيع من أعماله ما يزيد على 16 مليون نسخة في المنطقة الألمانية وحدها، واليوم تبدو أعماله ولاسيما رواياته مثل ''آراء مهرج'' و''صورة جماعية مع سيدة'' قد فقدت ألقها، وتوارى أدب بول خلف رسالته السياسية، غير أن قصصه القصيرة ما زالت صالحة للقراءة، لاسيما الساخرة·
المصدر: برلين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©