الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوسوفو··· تصارع من أجل هويتها

كوسوفو··· تصارع من أجل هويتها
23 ديسمبر 2007 02:45
ما أن نظمت كوسوفو مؤخراً منافسة فنية حول تصميم علم وطني خاص بها، حتى أصر المنظمون على أن يعكس التصميم التعدد العرقي للإقليم، وأن يتجاوز رموز الماضي ذات النزعة الوطنية الصربية· غير أن عشرات الفنانين تجاهلوا تلك المواصفات التي حددتها اللجنة المنظمة للمنافسة· وبالنتيجة فقد أودعوا تصميمات متباينة من العلم الألباني بلونيه الأحمر والأسود، وبما يحمله من رسم رأس الصقر الثنائي، الذي كثيراً ما اعتز به سكان الإقليم في أعراسهم وحروبهم على مر العقود· لم يرق هذا التصميم للأقلية الصربية المقيمة في هذا الإقليم الموشك على الانفصال عن الدولة الصربية الأم؛ وفي الوقت الذي تستعد فيه كوسوفو من أجل نيل استقلالها -بعد سلسلة من الحروب الطويلة والصراع الدموي- فإن تمرد الفنانين هذا، يعكس مدى التحديات التي تواجهها المنطقة الصغيرة فيما يتصل بتشكيل هويتها العلمانية الوطنية الخاصة، أي تشكيل هوية من شأنها تجاوز المرارات الدينية والعرقية السابقة· وقد عبر ''هاشم تشاسي'' -رئيس الوزراء الكوسوفي المرتقب، وزعيم جيش تحرير كوسوفو المتمرد- عن وجهة نظر الكثيرين من سكان الإقليم بقوله: ''ليس هناك وجود لهوية كوسوفية، إلا أن هذا الواقع قد بدأ بالتغير الآن''· ومن جانبه قال ''ميجين كليماندي'' -الذي كان نجماً سابقاً لموسيقى الروك، ويعمل حالياً لغوياً ومحرراً-: ''إن كيفية تشكيل هوية كوسوفية، هو أمر بالغ الأهمية دون أدنى شك''· يذكر أن ''كليماندي'' يقود اليوم الجهود الرامية إلى تشكيل الهوية الكوسوفية، ومن رأيه أن الغالبية الألبانية المسلمة في الإقليم، تنظر إلى نفسها انطلاقاً من هويتها الألبانية، وأن مجرد الشك في هذا الأمر يعد خيانة لهذه الهوية· يشار إلى أن موعد العاشر من ديسمبر الجاري، وهو الموعد المحدد لانتهاء التفاوض حول المصير النهائي للإقليم، قد مضى دون أن يتوصل إلى النتائج المرجوة منه· ورفع وسطاء من كل من الاتحاد الأوروبي وروسيا وواشنطن تقريراً إلى الأمم المتحدة، أخطروها فيه بفشل المحادثات حول هذا الأمر· وبالنتيجة، فقد تصاعدت الآمال في أن يقدم إقليم كوسوفو على إعلان أحادي الجانب عن استقلاله عن صربيا في الوقت الملائم لذلك· وفي إطار الاستعدادات لهذا اليوم، فقد تدافعت التصميمات والرموز الفنية المقترحة للتعبير عن الاستقلال الوطني؛ فهناك من الرموز الفنية ما عمدت إلى تمجيد مقاتلي ''جيش تحرير كوسوفو'' من خلال تماثيل ضخمة لهم، كما حظيت الولايات المتحدة الأميركية بنصيب وافر من هذا التمجيد، حيث صمم تمثال للرئيس الأسبق ''بيل كلينتون''، إلى جانب تصميم تمثال مقلد لتمثال الحرية، نصب فوق فندق ''فيكتوري''· غير أن هناك من المفكرين والمحللين المراقبين، من يرى ضرورة أن تعكس هذه التصميمات مختلف مراحل التاريخ الكوسوفي؛ ومن بين المحتجين، ''ألبين كورتي'' -ناشط ألباني لا يزال قيد الإقامة الجبرية- فهو يرى أن ألبان كوسوفو شديدو الارتباط بهويتهم الألبانية التي اضطهدوا بسببها على امتداد عقود من الحقب الشمولية التي تعاقبت على الإقليم· وأوضح أن النزعة الوطنية للإقليم، إنما هي رد فعل مباشر على القهر الذي مارسه الجنرال ''سلوبودان ميلوسوفيتش'' على المسلمين الألبان، وعلى تلك الحروب الطويلة التي دارت بينهم والصرب· يذكر أن ''ميلوسوفيتش'' هو الرئيس السابق ليوغوسلافيا، وكان قد وضع حداً لنظام الحكم الذاتي لإقليم كوسوفو في عام ،1989 إلى جانب تشريده لحوالي 130 ألفاً من المسلمين الألبان من عملهم· وقد جرّت عليه تلك الإجراءات التعسفية، فرض العقوبات الغربية المشددة على حكومته، لتنتهي بحملة القصف الجوي التي نفذها الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، التي وضع على إثرها الإقليم تحت حماية الأمم المتحدة· كما تثير هذه المحاولات الجارية الآن لتشكيل هوية كوسوفية جديدة ذكريات ماضي العهد الشيوعي، حيث سعى الرئيس الأسبق ''جوزيف بروس تيتو''، إلى قمع الهوية الألبانية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، في إطار مساعيه لاحتواء الانقسامات العرقية في يوغوسلافيا حينئذ· ولكن الذي حدث هو أن تلك المحاولة أتت بعكس ما أراده ''تيتو'' تمامــاً· ومن ضمن الأخطاء الفادحة التي ارتكبها ''تيتو'' أيضاً، سعيه لتأسيس حركة ألبانية كوسوفية، كان هدفها إعادة توحيد كوسوفو مع المجموعات العرقية المجاورة الأخرى· غير أن كل تلك المساعي لم تفلح، في مقابل تعزيز رغبة الألبان في الانفصال بإقليمهم عن صربيا· والآن تزايدت الحاجة لتشكيل هوية كوسوفية خاصة، إن كان لدولة كوسوفو المرتقبة أن تكون دولة ذات تعدد عرقي، تعيش فيها أقلية صربية منعزلة، وإن كان لها أن تقلل من التصدعات العرقية الثقافية التي طالما كانت سبباً لنشوب سلسلة من الحروب في الإقليم· ذلك هو ما يراه عدد من القادة هناك· أما ''أجيم سيكو'' -رئيس وزراء كوسوفو المنتهية ولايته-، فقد عبّر عن رأيه بالقول: ''إن على كوسوفو إنشاء دولة علمانية، وسن دستور شبيه بالدستور الأميركي الذي يعترف بحقوق كافة المواطنين''· لكن وما أن تولى منصب رئيس الوزراء بمدة قصيرة، حتى تعرض ''سيكو'' لحملة انتقادات قوية من قبل الوطنيين الألبان، بسبب طلبه من صرب كوسوفو، المساهمة في بناء دولة كوسوفو الحديثة· ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
المصدر: كوسوفو
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©