الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

راشد التميمي: تسلمت تكريم والدي وأنا فخور بها وبه

راشد التميمي: تسلمت تكريم والدي وأنا فخور بها وبه
22 مارس 2010 21:13
كرمت جائزة أبوظبي في دورتها الخامسة مجموعة من المتميزين الذين أفنوا حياتهم في العمل الجاد، تعلموا العطاء ونهجوه سبيلا، تعلموا كيف يبصمون حياتهم لتظل أعمالهم خالدة في ذاكرة الزمن، أعمالهم امتدت في الحياة خيرا ونبراسا، فجائزة أبوظبي لم تبحث على المتميزين في الحياة، بل على من أفنوا حياتهم في العطاء والعمل وتميزوا في حياتهم العملية، ووافتهم المنية بعدما ظلت أعمالهم المميزة شاهدة على تميزهم محفوظة في ذاكرة الحيـاة. وقد كرمت جائزة أبوظبي نخبة متميزة من المواطنين والمقيمين الذين قاموا بمبادرات فردية للارتقاء بمستوى الحياة وإلهام الآخرين لعمل الخير، تسعة أشخاص تميزوا وتألقوا في ميادينهم، كما تم تكريم اثنين منهم متوفين، منهم المرحوم محمد التميمي الذي تسلم ابنه الجائزة راشد محمد التميمي من طرف الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. لإلقاء الضوء على أعماله التي استحقت التكريم يتحدث ابنه محمد التميمي عن إنجازات والده التي ستظل محفوظة في ذاكرة الزمن، وفي السطور التالية يتحدث عن إنجازات والده التي يصعب الإحاطة بها. لكبيرة التونسي (أبوظبي) ـ يتحدث راشد التميمي عن والده فيقول: تلقى والدي تعليمه الابتدائي في مسقط ثم سافر إلى البحرين، حيث تلقى فيها تعليمه الإعدادي، ثم ذهب إلى المملكة العربية السعودية لزيارة عمه الذي قام بإرساله إلى الأردن لمتابعة الدراسة الثانوية، وبداية ذهب إلى إربد ثم انتقل إلى عمان، وهناك قابل الملك الشريف عبدالله ابن الحسين، وبعد حصوله على الثانوية العامة عاد إلى السعودية، وحين تم افتتاح أول جامعة سعودية، وهي جامعة الملك عبدالعزيز بن سعود في جدة، التحق بها وأكمل فيها عامين ثم قطع الدراسة لأسباب عائلية ثم التحق بشركة النفط العربية الأميركية “أرامكو”، وعمل في إدارة الأمن Security Department وكان يرأس الإدارة في ذلك الوقت جورج شولتز الذي أصبح في ما بعد وزيراً للخارجية الأميركية، في عهد الرئيس رونالد ريجان، ثم المستر نيل ثم المستر ماكان، والمستر تشاليدس أومو، خلال هذه الفترة كن والدي محمد التميمي مسؤولاً عن الأمن في مستشفى الظهران، وفي أوائل 1949 جاء الملك عبدالعزيز بن سعود وخيم خلف مطار الظهران، ثم قام بجولة وطلب مترجم، فقدم والدي له أحد المساعدين فقام بالترجمة له، فقال له أحد إخوة الملك: نريد أن نأخذك معنا إلى الرياض، فقال لا بأس ولكن بعد انتهاء عقدي مع أرامكو، ثم أرسل له الملك هدية عبارة عن بشت وغترة شال والعقال السعودي (الشطفة) وألفي ريال، فارتداهما وذهب إلى المصور وأخذت له صورة لازلنا نحتفظ بها إلى اليوم. ويضيف راشد: قال لي والدي وهو يؤرخ لمسيرة أعماله: بعد مدة تقارب السنتين، أرسلني مسؤول الأمن بأرامكو للالتحاق بإدارة التربية والتعليم التابعة للشركة وكان يرأس تلك الإدارة ريتشارد ميرفي الذي يشغل حالياً وزير الخزانة الأميركية. وفي العام 1953 ذهبت إلى كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأميركية، حيث كنت أدرس في مستويات عليا وأقوم بالتدريس في مستويات أدنى، ومضت الفترة، وفي عام 1954 طلبني المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، عن طريق عمي سالم حمود آل جمعة التميمي، الذي أخبرني بضرورة حضوري إلى العين بعد انتهاء عقدي مع شركة “أرامكو” للقيام بمهمة تعليم أبناء العين. كانت الانطلاقة من العين يتحدث راشد التميمي: كان والدي يحكي عن هذه الفترة بشغف كبير ويقول: في العام 1956 حضرت إلى العين وكانت بداية تعرفي على المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان “رحمه الله”، وكانت نقطـة البداية والانطلاقة والتحول، حيث نزلت في منطقة المويجعـي في مكان يسمى (قلعة ابن عبـاد) وكانت تقع خلف ديوان ممثل الحاكم الآن، فاتخذت من قلعة ابن عباد سكنا لي ومدرسة، وطلبت من المغفور له الشيخ زايد أن يبني لي فصـولا، فأمر سموه المرحوم غريب بن محمد الذي كان يشغل مدير دائرة أعمال سمو الحاكم، ثم طلبنا اللوازم الدراسية من كتب وأقلام وخلافه، فقام الشيخ زايد بن سلطان “رحمه الله” بتكليف المرحوم هلال القبيسي بتأمين مستلزمات الدراسة، وهكذا بدأ التدريس وبدأت أول مدرسة نظامية في مدينة العين. وكان عدد الطلاب إثنا عشر طالبا، على رأسهم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، والشيخ خليفة بن محمد، والشيخ سرور بن محمد، ومحمد بن سلطان الظاهري، وبعض من معارف صاحب السمو الشيخ خليفة وأصدقائه وأبناء وجهاء البلد، وكنا نطبق المنهج الكويتي، أما المواد التي كنا ندرسها فهي مبادئ اللغة العربية والحساب، والقرآن الكريم والأناشيد والمحفوظات، وكنا ندرب الطلبة على بعض الألعاب الرياضية ككرة القدم، كما أنشأنا فرقة للكشافة كان شعارها: نحن كشاف العرب، تحت ظل الحق نمشي، خير ركن للوطن، لا نبالي بالمحن. الإقبال على الدراسة ويتحدث راشد التميمي عن الحقبة الزمنية التي كان يُدرّس فيها والده محمد التميمي، ويقول كما كان يحدثه والده: في الحقيقة كان الإقبال مرضيا إلى حد ما، وكذلك قابلية الناس للتعلم والاستيعاب إلى الحد الذي كان والدي يكلفهم فيه بواجبات منزلية، وكانوا يؤدونها بكل عناية واهتمام، وهذا ينم عن رغبتهم الملحة في التعليم، وكان يعطيهم حصصا متنوعة تتوزع بين القرآن الكريم والقراءة والكتابة والإملاء والحساب، بالإضافة إلى حصة في الرسم، وكان يعطي الطلاب الدرجات التي تتناسب مع التقويم لكل منهم دون محاباة. المدرسة الفلاحية ويضيف راشد: في العام 1958 افتتحت الحكومة البريطانية مدرسة نظامية في أبوظبي سميت بالمدرسة الفلاحية، وأمر المغفور له الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي في ذلك الوقت بالتحرك إلى أبوظبي للالتحاق بالمدرسة، وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان مسافرا في ذلك الوقت إلى نيويورك برفقة المغفور له الشيخ هزاع للعلاج، وأخبر والدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان “حفظه الله” بالأمر فجهز نفسه هو ورفاقه واتجه الجميع إلى أبوظبي واستغرقت الرحلة حسب ما ذكر لنا والدي حتى وصلوا قرابة يومين بسبب وعورة الطريق في ذلك الوقت، وفي أبوظبي قابل والدي المغفور له الشيخ شخبوط فأعطاه كتاب التعيين في المدرسة، وقدمه لمدير المدرسة الذي كان يدعى أحمد محمود الخطيب وهو فلسطيني الجنسية، بعد ذلك التحق بالمدرسة ثلاثة مدرسين جدد وهم محمود أبو أصبع، ومحمد أحمد الخطيب (شخص آخر غير المدير) ومحمود خواجة، فأصبحوا بذلك خمسة، ثم انضم إليهم عراقي يدعى مهدي الحاج، وهاشم عطية الذي أصبح مشرفاً على التعليم. وبعد سنتين عادوا برحالهم مرة أخرى إلى العين، حيث أنشئت في العام 1960 مدرسة أخرى نظامية، وهي المدرسة النهيانية، وأول مدير لها كان الأستاذ زهير أبو الأديب، وهو من المدرسين الأوائل الذين قدموا إلى مدينة العين للتدريس في مدارسها. محمد التميمي الشاعر ويتحدث راشد التميمي عن جانب آخر في حياة والده، ويقول ان والده كان يقرض الشعر ويتذوق الكلمة: كان والدي يقرض الشعر ويكتبه ويتذوقه، ومما قاله شعرا قصيدة كانت ضمن المحفوظات والأناشيد التي أعطاها للطلاب، وسأذكر لكم بعض الأبيات منها: نحن لا نرضى الجمودا زايدا أذكى الجدودا نحن فتيان الجزيرة لا ولا نرضى القيـــودا ويضيف راشد التميمي وهو يستحضر ذكريات والده: كانت رحلته رحلة المعلم المثابر وهو ينتمي للرعيل الأول الذين كان لهم الفضل في نشر التعليم في الإمارات، ومن خلال قربي من والدي والحديث معه كان يوضح لنا رؤية المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان واهتمامه بالعلم والتعليم، وجهوده النيرة لإرساء قواعد وصروح العلم والثقافة في جميع مناحي الإمارات، حتى أضحت منشآتنا التعليمية من أرقى الجامعات والمعاهد في العالم المتقدم. قبل 50 عاماً شباب الأمس كانوا أذكياء بدأ والدي حياته معلما ومهتما بالثقافة والعلم، يقول راشد التميمي ابن محمد التميمي المكرم بجائزة أبوظبي في دورتها الخامسة: كانت سعادته تكمن في أنه علم مئات الطلاب، ومنهم من وصل أعلى المناصب، وهؤلاء كلهم ظلوا يحترمونه ويتصلون به باستمرار إلى حين وفاته وينادونه “معلمنا الأول”. وهذا فخر لنا. وكان يقول دائما والدي محمد التميمي: “إن أفضل لقب محبب وقريب جداً من قلبي، هو لقب المعلم، وقد لا أنسى الحفل التكريمي الذي أقيم في أبوظبي عام 1997، يوم منحني صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، “جائزة خليفة للمعلم” تقديرا لمسيرتي في مجال التربية والتعليم، وهذا يشكل عربون وفاء لي وللرعيل الأول، ويؤكد والدي: إنها رحلة ممتعة قضيتها في مسيرة المعرفة، قمت خلالها بواجبي كمعلم امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”. وقبل 55 عاما لم أكن أتصور أن الإمارات ستصل إلى هذا التطور المذهل، لكن مرور السنين علمني كيف تبنى الأمم، فقد شاهدت نشوء الدولة منذ بداياتها”. حديث الذكرى عن الذكريات التي يحملها راشد التميمي عن والده، يقول: كان والدي رجلا مكافحا تعلم وسعى للعلم في كل أرجاء الدنيا، لم يقصر جهدا في الاندفاع نحو الدراسة، كان يحمل كثيرا من المبادئ والقيم التي علمنا إياها، وكانت نهجه في الحياة، علمنا الاعتماد على النفس، فأنا مثلا توظفت بمهنة طيار، وسني لا يتجاوز 18 سنة، ومن الأشياء التي أذكرها حكاية الاعتماد على النفس، حيث قال لي لدى تسلمي أول راتب: سأعطيك هدية وهي أول دفعة لامتلاك سيارة جديدة، والباقي قم بتسديده، وكانت تجمعني بالوالد صداقة كبيرة، كان متفتحا بحكم دراسته فكنا نتناقش في كل كبيرة وصغيرة، وهو متحدث جيد باللغة الإنجليزية منذ سنة 1948، أما على الصعيد الأسري فإنه علمنا كيف نكون مترابطين مع بعضنا البعض، ونحن 9 إخوة، وذريته تتكون من 90 فردا تشمل الأولاد والأحفاد وأولاد الأحفاد. علاقة احترام يضيف راشد التميمي: كان والدي يذكر علاقته بالمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان، ويقول: كانت علاقة طيبة تجمعني به، لكنها كانت مميزة، إذ كان يحترمني كثيرا، ويسألني باستمرار عن ظروف المدرسة وأحوال الطلبة، وإذا كانت المدرسة تحتاج إلى شيء، ومدى تجاوب الطلبة معي وطاعتهم وتنفيذهم لواجباتهم، وكان الشيخ زايد عاشقا للعلم، ويقدر عاليا المعلمين والمتعلمين ويشجع المواطنين على التعلم وتحصيل المعرفة، وكان يزور المدرسة بين الفينة والأخرى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©