منطقة شينجين ··· إنجاز الأوروبيين الجديد

قبل سبع سنوات، تخلى ''روبرت هاناولت'' عن عمل ناجح في مجال المبيعات في واشنطن، لينتقل إلى براغ، حيث سرعان ما أدرك أن في وسعه الإقامة هناك لأي فترة أرادها، دون أن يحمل أي أوراق إقامة رسمية؛ فعمل هناك بتدريس اللغة الإنجليزية بطريقة غير مشروعة لمدة أربع سنوات، إذ لم يكن يحمل سوى تأشيرة زيارة سياحية مدتها 90 يوماً فحسب، وفي كل مرة تنتهي فيها إقامته، كان يعبر إلى خارج الحدود لمدة قصيرة، ثم يعود تارة أخرى بختم زيارة جديد· وبعد أن كرر هذه العملية لبضع مرات، أعاد السيد ''هاناولت'' التفكير في مدى جدوى هذا الإجراء، طالما أنــه لا يوجد أحد من المسؤولين يكلف نفسه مجرد النظر إلى الأختام التي يحملها جواز سفره· غير أن الأمر سيختلــف الآن، إثــر انضمــــام تســـع دول أوروبية جديدة، بما فيها جمهورية التشيك، إلى معاهــدة منطقة ''شينجين'' الخالية من الحدود يوم الجمعة الماضي· والاختـــلاف هو القــــرار الصــادر عن المفوضية الأوروبية في بروكسيل، بتشديــد الدول الأعضاء في هذه المعاهدة، سياسات تأشيرات الدخول والخروج منها· وفي هذا التغيير ما قد يسبب مشكلات كبيرة، لعدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين، خاصة الوافدين الأميركيين· وبسبب إغراء تدريس اللغة الإنجليزية، وانخفاض تكلفة المعيشة، واستيقاظ شعوب منطقتي أوروبا الوسطى والشرقية للتو، على فرص انفتاح السياحة الغربية على بلدانهم، فقد ذهبت التقديرات إلى توافد الآلاف من المهاجرين الذين يقيمون ويعملون بطريقة غير شرعية، في شتى دول المنطقتين المذكورتين؛ وسرعان ما تحولت براغ إلى منطقة جذب للوافدين الأميركيين· فقد بلغ عددهم اليوم حوالي 5 آلاف مواطن مسجلين لدى السفارة الأميركية، مع العلم أنه لا يوجد حصر دقيق لإجمالي المقيمين منهم في جمهورية التشيك، أما الصحافة المحلية فتذهب إلى تقدير عددهم بما يصل إلى 20 ألفاً· هؤلاء وأمثالهم من الجنسيات الأخرى، هم الذين يستهدفهم توسيع المعاهدة الأوروبية الأخير الذي جرى في بروكسيل، وبموجبه يحق للأميركيين والكنديين التنقل بدون تأشيرات بين دول ''شينجين'' لمدة تصل إلى 90 يوماً· ولكن إن أرادوا الإقامة الشرعية بعد انتهاء المدة المقررة هذه، فإنه تتعين عليهم مغادرة حدود منطقة المعاهدة، مثل أوكرانيا أو ''مونتنيجرو''، قبل أن يتقدموا بطلب تأشيرة طويلة الأمد لأي من دول المنطقة· واليوم فقد احتار الكثير من هؤلاء فيما يمكن لهم عمله، خاصة وأنهم وطدوا أنفسهم سلفاً في براغ· ''فمما لا ريب فيه أن القلق يساورنا إزاء معاهدة ''شينجين'' هذه''، هذا تعليق ''إيفان رائيل'' أحد موظفي وكالات السفر والسياحة، فقد امتدت إقامته في براغ لثماني سنوات، أمضى العامين الأخيرين منها، بتجديد تأشيرته كل مرة تنتهي فيها· وخلافاً له، فقد حصل السيد ''هاناولت'' على تأشيرة إقامة سارية، ويدير عمله الخاص، المتصل بمساعدة الوافدين الأميركيين الجدد إلى براغ، في التفاوض مع سلطات الجوازات والهجرة الرسمية، وتقنين إقامتهم فيها؛ ومن بين هؤلاء ''مارك رايت''، الذي عمل بتدريس اللغة الإنجليزية بطريقة غير شرعية لمدة عامين كاملين، إلا أنه حصل مؤخراً على وظيفة تدريس بإحدى مدارس براغ التي وعدته بتقنين إقامته وتعديل وضعه الحالي؛ ويقول السيد ''رايت'': ''فإن من المؤسف ألا يستطيع المرء الذهاب إلى أحد مسؤولي الهجرة والجنسية، للتحدث إليه عن مدى المصاعب التي نواجهها في استمرار إقامتنا على نحو غير شرعي في العام المقبل· وعلى رغم إبرام معاهدة ''شينجين''، فإن أمل الكثير من المهاجرين الأميركيين غير الشرعيين ألا يحدث تغيير يذكر في الإجراءات والسياسات السارية حالياً''· لكن وعلى عكس هذه الآمال تماماً، فقد تواردت الأنباء عن تعهد وزير الداخلية التشيكي بتشديد إجراءات الإقامة والهجرة إلى بلاده، ذلك هو ما نشره الناطق الرسمي، ''فلاديمير ربيكا''، عبر رسالة إلكترونية بعث بها الأسبوع الماضي· وذكر ''ربيكا'' في رسالته، أنه تم ترحيل ما يزيد على 4 آلاف من المخالفين لقوانين الهجرة والجنسية إلى خارج البلاد خلال العام الحالي ،2007 إلا أنه لم يحدد كم عدد الأميركيين بين هؤلاء· وفي الحقيقة فإن توسيع نطاق معاهدة شينجين، له تأثيراته على دول وشعوب أخرى بالقدر نفسه، وبموجب هذا الإجراء، فقد تعيّن على الأوكرانيين الذين طالما اعتادوا الدخول والإقامة الحرة لأي مدة في بولندا، الحصول على تأشيرة زيــارة الآن، حتى وإن كانت مدة هذه الزيارة لا تتجاوز يوماً واحداً فحسب؛ وبالمثل شرعــت سلوفينيــا مؤخراً في إغلاق حدودها المشتركة مع كرواتيا، أمام تدفقات الهجرة غير الشرعية لأراضيها من داخل جارتها كرواتيا· وتبقى كلمــة أخيرة في التعريف بمنطقــة شينجين هذه، فقد استمدت المنطقة اسمها من معاهدة ''شينجين'' التي عقدت في بروكسيل عام ،1985 وكانت المنطقة تضم في الأصل 15 دولة من الدول الأوروبية، يحق لمواطنيها التنقل بحرية دون تأشيرات فيمــــا بينهــــا، أمـــا فـــي يـــوم الجمعـــة الماضي، فقـــد اتســـع هذا العدد ليشمل 9 دول أوروبية أخرى· ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور